دعوة اللتزام الصمت
الـــســـنـــوات األخـــيـــرة مـــن الـــوجـــود األمــيــركــي في أفغانستان، إذ كانت منازل معظم قادة الـــحـــركـــة فـــي بـــاكـــســـتـــان. وعـــنـــدمـــا سـيـطـرت طـالـبـان عـلـى كــابــول، اعـتـبـر رئـيـس الــــوزراء الباكستاني السابق عمران خان أن «الحركة قطعت أواصر العبودية وأثبتت للعالم أنها حرة أبية». بيد أن تعامل طالبان، والتطورات على الحدود، باإلضافة إلى فشل املفاوضات بن إسام أباد وطالبان الباكستانية، كلها أثـبـتـت أن طـالـبـان األفـغـانـيـة ليست حليفة إلســــــام أبــــــــاد. وفـــــي تــعــلــيــقــه عـــلـــى مــذبــحــة بــيــشــاور، اعـتـبـر وزيـــر الـــدفـــاع الباكستاني خـــواجـــه أصــــف، فـــي تــصــريــح أمــــام الــبــرملــان الباكستاني في 31 يناير املاضي، أن طالبان أفغانستان تساعد طـالـبـان باكستان «في هجماتها داخل بادنا». في خضم كل ما يجري بن كابول وإسام أبـاد، جـاءت كلمة زعيم الحركة املا هيبت الله أخوند زاده، التي نشرت على وسائل التواصل االجتماعي وفـي وسـائـل اإلعـام األفغانية في 25 يناير املاضي، التي أشار فيها إلى أن دستور باكستان غير إسامي، وأن كـل الـقـوانـن فـي املحاكم الباكستانية قوانن غير شرعية وغير إسامية. الافت
أن املا هيبت الله أخوند زاده أكد أن عالم الـــديـــن الــبــاكــســتــانــي الــشــهــيــر الــشــيــخ تقي عثماني (الـــذي يفتخر بـأن عــددًا كبيرًا من قـــــادة طـــالـــبـــان أفــغــانــســتــان مـــن تـــامـــيـــذه)، قــد ذكـــر فــي كــتــاب لــه أن دســتــور باكستان دستور غير إسامي، وأن قوانن ومحاكم بـــاكـــســـتـــان غـــيـــر إســـامـــيـــة. ونــــشــــرت كـلـمـة املــا هيبت الـلـه (الـتـي لـم يـعـرف حتى اآلن توقيتها وبأي مناسبة ألقيت) بعد أيام من خــطــاب للشيخ تـقـي عـثـمـانـي، الـــذي أرســل إلـــى وســائــل اإلعــــام، وأكـــد فـيـه أن دسـتـور بــاكــســتــان إســـامـــي، وأن الـــحـــرب فـــي هــذه الباد من أي جهة كانت هي حرب ال مبرر لها وال صبغة شرعية لها، واصفًا من يقاتل ضــد الـجـيـش الـبـاكـسـتـانـي بـالـبـغـاة. كذلك ذكر تفاصيل زيارته إلى كابول في يوليو املــــاضــــي، مــوضــحــًا أنــــه قــــال لـــوفـــد طــالــبــان الباكستانية إن بـاكـسـتـان دولـــة إسامية ودستورها إسامي. فـي ظـل هــذه الـتـطـورات، يجد علماء الدين واملدرسة الدينية الباكستانية الذين دافعوا بــكــل قــــوة عـــن طـــالـــبـــان أفــغــانــســتــان خــال العقدين املاضين أنفسهم في وضع صعب. ال يستطيعون معارضة طالبان األفغانية بـــشـــكـــل عــــلــــنــــي، وال مــــعــــارضــــة الـــحـــكـــومـــة الـــبـــاكـــســـتـــانـــيـــة، فـــــي ظـــــل فـــشـــل جـــهـــودهـــم كــوســيــط بـــن األطــــــراف املــعــنــيــة، بـاكـسـتـان وأفغانستان وطالبان الباكستانية. فــــــي هـــــــذا الـــــســـــيـــــاق، اعــــتــــبــــر عـــــالـــــم الــــديــــن الباكستاني موالنا عبد املاجد، في حديث مـع «العربي الـجـديـد»، أن علماء الـديـن في باكستان فـي موقف حــرج جــدًا، كاشفًا أنه «يمكننا أن نقوم بدور الوسيط بن كابول وإسام أباد، لكن املشكلة أن ال أحد يعتمد علينا، وهـو ما كـان السبب األساسي وراء فشل الحوار مع طالبان الباكستانية». وفي هذا الخصوص، قال نائب األمن العام ملجلس وحـــدة املسلمن، عـالـم الــديــن سيد أحـمـد إقــبــال رضـــوي، لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، إن «بـادنـا دولــة إسامية، والـحـرب عليها جريمة، وما تقوم به طالبان الباكستانية أمـــر يــعــارض اإلســــام ويـــعـــارض الشريعة اإلسامية، وهي مظلة لفصائل وجماعات إرهـــابـــيـــة وفـــصـــائـــل إجــــرامــــيــــة». وأضــــــاف: «حتى الحديث والـتـفـاوض معها ليس إال منحها فرصة إلعادة قوتها، وعلى الشعب الـبـاكـسـتـانـي والــحــكــومــة مــحــاربــة طـالـبـان الباكستانية بشكل منسق وموحد».
في 7 يناير/كانون الثاني الماضي، بث زعيم طالبان الباكستانية المفتي نـور ولـي، كلمة مصورة خاطب فيها علماء الدين الباكستانيين، وطلب منهم تأييد الحركة وأبنائها الذين يقاتلون من أجل تطبيق الشريعة، على حد قوله. وقال إن «دستور باكستان دستور غير إسالمي، ونحن نقاتل من أجل محو ذلك الدستور وتطبيق الشريعة»، معتبرًا أن «لعلماء الدين في باكستان ظروفهم الخاصة، من هنا إذا لم يستطيعوا إعالن تأييدهم لنا، عليهم أن يلتزموا الصمت».