Al Araby Al Jadeed

أسواق المالبس المستعملة تتسع في العراق

- بغداد ـ زيد سالم

أدى انـــخـــف­ـــاض قــيــمــة الــــديــ­ــنــــار الـــعـــر­اقـــي مقابل الدوالر األميركي إلى تدهور أحوال األســواق التجارية بشكل عـام، حيث أثرت هذه األزمة على معظم القطاعات التجارية واالقــتــ­صــاديــة، ومـنـهـا ســـوق املـــابــ­ـس، إذ تشهد مـحـال املـابـس الـجـديـدة فـي عموم الـــبـــا­د ركـــــودًا غـيـر مــســبــو­ق، فـــي حـــن زاد التوجه نحو املابس املستعملة التي يرى زبائنها أنها مناسبة لهم في ظل الوضع االقتصادي الصعب على الفقراء وشريحة املوظفن الجدد. وسجل العراق انخفاضًا كبيرًا في قيمة العملة املحلية الدينار أمام الدوالر خال الشهرين املاضين، إذ خسر الدينار نحو %10 من قيمته، ليصل سعر صـرفـه إلـــى أكـثـر مــن 1700 ديــنــار لـلـدوالر الواحد، نهاية األسبوع املاضي. وأثر ذلك على القوة الشرائية لشرائح عدة، منها املوظفون، ودفعهم إلى إعادة ترتيب أولــويــا­تــهــم بــاتــجــ­اه املــــواد الـغـذائـي­ـة التي ارتفعت أسعارها هي األخرى، كون غالبية البضائع فـي الـسـوق العراقية مستوردة، ولم يعد التوجه إلى محال املابس الجديدة كما في السابق. قال وسام الخفاجي، وهو صـــاحـــب مـــحـــل مـــابـــس رجـــالـــ­يـــة فــــي حـي املنصور فـي العاصمة بــغــداد، إن «األزمــة املالية وارتفاع قيمة الدوالر مقابل الدينار أضرا بنا وبتجارتنا، وأديا ببعض املحال التجارية إلى اإلغاق مؤقتًا إلى حن عودة أسعار الصرف إلى ما كانت عليه». أضاف الخفاجي لـ«العربي الجديد»: «نحن أمام مــشــكــا­ت كــبــيــر­ة، مـنـهـا عـــدم الـــقـــد­رة على شراء بضائع جديدة، بخاصة أن عمليات االســتــي­ــراد تــجــرى بـــالـــد­والر، ونـخـشـى أن يعود سعر صرف الدوالر للتراجع إلى ما دون 1500 دينار، ونقع في خسارة كبيرة». وتـــابـــ­ع أن «األزمـــــ­ة دفــعــت شـريـحـة كبيرة مــن الـعـراقـي­ـن إلـــى تـــرك األســــوا­ق واملـحـال الـــراقــ­ـيـــة، والـــتـــ­وجـــه نــحــو أســـــواق املــابــس املستعملة كونها تناسب وضعهم املادي»، متوقعًا أن يؤدي استمرار هذه األزمة إلى تسجيل خسائر كبيرة لألسواق. والـشـهـر املــاضــي، أعـلـنـت وزارة التخطيط عـــــن تـــســـجـ­ــيـــل ارتــــــف­ــــــاع جــــديـــ­ـد فـــــي مـــعـــدل التضخم الشهري، بنسبة ،%0.3 ما يؤدي وفق خبراء اقتصاد إلى ظهور طبقة فقيرة جــديــدة تــضــاف إلـــى شـريـحـة الــفــقــ­راء التي تعترف السلطات بأنهم أكثر من %23 من الـعـراقـي­ـن. وقـــال محمد عــلــوان، وهــو بائع مابس مستعملة في منطقة الباب الشرقي، وســط بــغــداد، إن «هــنــاك إقــبــاال كبيرًا على أســــواق املــابــس املستعملة، ووصـــل األمــر إلـــى ظــهــور جـيـل مــن الــتـجــا­ر الــجــدد الـذيـن يتبضعون كميات كبيرة من هـذه املابس وإيـصـالـه­ـا إلـــى مـحـافـظـا­ت وســـط وجـنـوب الـــبـــا­د، ألن املـــابــ­ـس املـسـتـعـ­مـلـة لـــم تـتـأثـر أســـعـــا­رهـــا خـــــال الـــفـــت­ـــرة الـــحـــا­لـــيـــة بـسـبـب أزمــــة الــــــدو­الر». واعــتــبـ­ـر عــلــوان فــي حـديـث مــع «الــعــربـ­ـي الــجــديـ­ـد» أن «تــجــار املـابـس املستعملة ال يستغلون األزمات االقتصادية لـلـنـاس، بــل عـلـى الـعـكـس، فـــإن أســعــار هـذه املابس تنخفض، ألن التجار هم في األصل ينتمون إلى شريحة الفقراء». وتـــتـــم­ـــيـــز أســــــــ­ــواق املـــــاب­ـــــس املـــســـ­تـــعـــمـ­ــلـــة، بـــاألســ­ـعـــار الــرخــيـ­ـصــة واألنـــــ­ــواع املـخـتـلـ­فـة وبعضها يـرجـع إلــى مناشئ مهمة وذات جـــــودة عـــالـــي­ـــة، ولـــعـــل أكـــبـــر هــــذه األســـــو­اق مــــوجـــ­ـودة فــــي أحــــيـــ­ـاء الــــســـ­ـعــــدون والـــبـــ­اب الشرقي والكاظمية بـبـغـداد، ومــراكــز مدن إقليم كردستان، حيث تتوفر أسواق كبيرة لـــهـــذه املـــابــ­ـس فـــي الــســلــ­يــمــانــ­يــة وأربـــيــ­ـل، وتــســمــ­ى هـــذه املـــابــ­ـس مـحـلـيـًا بـــ«الــبــالـ­ـة» أو «الـلـنـكـة». وفــي إقليم كـردسـتـان، شمال الــــبـــ­ـاد، تــعــتــر­ف الــســلــ­طــات بــتــوســ­ع أزمـــة انـــخـــف­ـــاض قــيــمــة الـــديـــ­نـــار الـــعـــر­اقـــي، حيث نــقــلــت وكـــالـــ­ة األنــــبـ­ـــاء الـــعـــر­اقـــيـــة الــرســمـ­ـيــة «واع» أخــــيـــ­ـرًا، عــــن املـــســـ­تـــشـــار فــــي وزارة الــتــجــ­ارة والــصــنـ­ـاعــة فـــي إقـلـيـم كـردسـتـان فتحي محمد علي، قوله إن «قيمة استيراد املابس املستعملة التي دخلت عبر منفذ إبراهيم الخليل والقادمة من تركيا في عام 2022 بلغت مــا يــقــارب 150 مـلـيـون دوالر إلى جميع املحافظات، حيث تدخل املابس بأطنان كبيرة في الشاحنات وهناك رقابة شديدة عند دخولها إلى املنفذ ويتم فحص عــدد منها لضمان مطابقتها للتعليمات من حيث النظافة والتعقيم». بــــــــد­وره قـــــال الـــخـــب­ـــيـــر االقــــتـ­ـــصــــاد­ي عـبـد الرحمن املشهداني إن «السياسات املالية الـخـاطـئـ­ة وتــهــريـ­ـب الـعـمـلـة إلـــى الــخــارج مـــصـــائ­ـــب ال يـــدفـــع ثــمــنــه­ــا غـــيـــر الـــفـــق­ـــراء ومحدودو الدخل واملوظفون البسطاء»، مـؤكـدًا لـ«العربي الجديد» أن «إجـــراءات الــبــنــ­ك املــــركـ­ـــزي الـــجـــد­يـــدة، الـــتـــي تقضي بالتسجيل اإللــكــت­ــرونــي لـلـحـصـول على الـــــــد­والر مـــن مـــــزاد الــعــمــ­لــة، تــحــتــا­ج إلــى تطبيق فعلي، وتمنح املـواطـنـ­ن فرصة الحصول على الدوالر، وليس فقط حصر هذا األمر باملتنفذين ووكاء األحزاب».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar