Al Araby Al Jadeed

ما هي الخيارات األردنية الفلسطينية؟

- محمد أبو رمان

نشطت الدبلوماسي­ة األردنية في األسابيع القليلة املاضية بصورة ملحوظة، على صعيد القضية الفلسطينية، بداية من لقاء امللك عبد الله الثاني برئيس وزراء الكيان اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو، في عمان، ثم جولته الخارجية، وصوال إلى واشنطن لـلـقـاء لـجـان الـكـونـغـ­رس الــجــديـ­ـدة، ورئــيــس مجلس الــنــواب هــنــاك، والحــقــا الرئيس األميركي، جوزيف بايدن، نفسه. في قلب هذه الجهود، كان املوضوع الفلسطيني «دوامة العنف» في األراضي املحتلة، وإصرار الحكومة اليمينية اإلسرائيلي­ة على تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس واالعتداء على املقدسات. في األثناء، كانت هنالك زيارة الفتة، لقيت تحليالت وتكهنات عديدة عربيا وعامليا وحتى إسرائيليا، ملديري املخابرات األردنية واملصرية للسلطة الفلسطينية، واللقاء بالرئيس محمود عباس، وقد قيل عن أهداف الزيارة ومبرراتها الكثير، ولم يرشح عنها أي معلومات تفصيلية موثوقة، وقد استخف مسؤولون أردنيون، تواصل معهم كاتب السطور، بتقارير إعالمية شهدت رواجـــا عـن اصطحاب مدير املـخـابـر­ات املـصـري القيادي املفصول من حركة فتح، محمد دحالن، إلى رام الله، وعقد مصالحة بينه وبني عباس. بعيدًا عن التحليالت املختلفة، إعادة تعريف مصلحة األردن في ما يحدث في امللف الفلسطيني اليوم مهمة، ولعل ما علينا أن ندركه جيدًا أن «ساعة الحقيقة» قد ظهرت جلية، ولم يعد في اإلمكان التحايل عليها، وهي أن «اإلسرائيلي­ني» ال يفكرون في حل الدولتني، وأنه انتهى إلى غير رجعة، كما أن األميركيني ال يملكون على الطاولة غير «صفقة القرن»، وهي التي يتم تنفيذها اليوم عبر «املاكينات اإلبراهيمي­ة» وغيرها، وبالتالي عاجال أم آجال هنالك مخطط إسرائيلي يمضي إلى األمام بقوة، وال يوجد أمامه أي حواجز أسمنتية وال حتى خشبية تقف في وجهه! يجادل مسؤولون أردنيون بأنه ال يوجد أمامهم سوى التمسك بحل الدولتني، طاملا ال يوجد بديل آخر، وأن التخيير األردنـي لإلسرائيلي­ني حقيقة ليس بني ما يسمى «الحل األردنــي» و«الكانتونات الفلسطينية»، بل بني األخير و«حـل الدولة الواحدة»، الذي قد يأتي بعبد الله أو أحمد أو عمر رئيسا لـوزراء إسرائيل املقبل. لكن دعونا نعترف أن مـوازيـن الـقـوى ال تـؤشـر إلــى إمكانية وضــع إسرائيل أمــام أحــد الحلني الرئيسني السابقني؛ بل من الـواضـح أن السيناريو اإلسرائيلي هو األقـــوى، إال إذا تغيرت املـوازيـن والـشـروط الواقعية. هنا، تحديدًا، نعود إلـى ملف «لـقـاءات رام الله» ملعرفة فيما إذا كان املقصود والحل هو تقوية األجهزة األمنية الفلسطينية واستعادة الهدوء والتنسيق األمني والقضاء على املقاومة الجديدة لجيل الشباب الفلسطيني، في نابلس وجنني وغيرهما، أم أن املصلحتني الفلسطينية والوطنية األردنية على السواء هما في اجتراح أوراق و«كروت» قوة جديدة ملواجهة الصلف اإلسرائيلي، بدال من إرسال التطمينات أو محاولة استعادة الهدوء والتهدئة. ال أطرح، هنا، إجابات بل أسئلة، وأناقش فرضيات مرتبطة باملصالح املتشابكة األردنية - الفلسطينية، فهنالك «فرضية أردنية» تقول إن العودة إلى التهدئة هي الخيار األفضل للمصالح األردنية، ألن انهيار السلطة الفلسطينية أو ضعضعتها سيضر باألردن، وسيعطي «الكيان اإلسرائيلي» ذرائع وفرصا كبيرة للتدخل العسكري واألمني. في املقابل، أال يمكن أن يكون هنالك مخطط آخر مثال يقوم على إصـالح السلطة وتقوية املجتمع الفلسطيني داخليا، وتفكيك مقوالت «احتالل الديلوكس»؟ ألم يكن امللك عبد الله الثاني الزعيم األول والوحيد الــذي حــذر من خطورة التالعب بملف القدس ومن انهيار األوضاع في فلسطني ومن انفجار املنطقة؟ فلماذا ال يتم التفكير بسيناريوها­ت تخلط األوراق بالنسبة لإلسرائيلي­ني، وتحرك املجتمع الدولي، وتعيد ترتيب حسابات القضية الفلسطينية التي تراجعت خالل األعـوام املاضية لتصبح خارج حسابات املجتمع الدولي واإلدارات األميركية بالكلية؟ مــن الــضــرور­ي أن يــعــاد التفكير بلغة الـخـطـاب السياسي والـدبـلـو­مـاسـي األردنـــي وبالخيارات األردنية - الفلسطينية وبفرضياٍت كالسيكيٍة عديدٍة هيمنت على تفكير نخب رسمية أردنية خالل املرحلة األخيرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar