السويداء: المتقاعدون يعودون للتدريس
أطــلــق عــــدد مـــن املـــدرســـن املــتــقــاعــديــن في مدينة صلخد جنوبي الـسـويـداء، مبادرة بعنوان «فزعة علم»، عقب شكوى مدارس املـــديـــنـــة وقـــــراهـــــا مــــن نـــــــدرة الـــــكـــــوادر الــتــعــلــيــمــيــة، وخــــصــــوصــــا فـــــي مـــــــواد الــــريــــاضــــيــــات والـــفـــيـــزيـــاء والـكـيـمـيـاء والـــعـــلـــوم، ألســـبـــاب مــتــعــددة مـــن بينها الــهــجــرة، والــتــقــاعــد، واالســـتـــقـــاالت، فــضــا عــن عـدم اهتمام الخريجن بمسابقات وزارة التربية للعمل كمدرسن كــون الــراتــب هـزيـا، ولتفضيل بعضهم إعطاء الدروس الخصوصية عالية الدخل. يـــقـــول اإلعـــامـــي عــمــر جــغــامــي، إن «نـــقـــص الـــكـــادر التدريسي في السويداء بشكل عام، ومنطقة صلخد بشكل خاص، جعل العديد من املعلمن املتقاعدين يتطوعون لسد الفراغ الحاصل في مدارس املنطقة بعد تركهم العمل لـسـنـوات، وبشكل مـجـانـي، كما انضم عدد من املهندسن إلى هذه (الفزعة) حرصًا على استمرار العملية التعليمية، وباتوا يقومون بالتدريس، ويتولون التعاون مع املجتمع املحلي لتذليل أية صعوبات». وكشف مصدر في مديرية التربية التابعة للنظام السوري لـ «العربي الجديد»، أن «النقص األكبر الذي
يــواجــه العملية التعليمية فــي الـــســـويـــداء، يتمثل بمدرسي الـريـاضـيـات، وهـنـاك حاجة ملائة مـدرس على األقــل، خاصة بعدما انتهت املسابقة املركزية ولم يتقدم أحد للعمل في هذا االختصاص، ومعهد إعداد املدرسن تقدم إليه أربعة طاب فقط، ما جعل الـــوزارة تلغي شعبة الرياضيات، وتـحـول الطاب والـطـالـبـات إلــى شعبة الـعـلـوم، كما أن النقص في مدرسي الكيمياء والفيزياء يزيد عن ثاثن مدرسًا، لكن تمت تغطيته باملدرسن الوكاء، لكن بعضهم يـــهـــدد بــالــتــوقــف عـــن الــعــمــل نـــظـــرًا لــلــعــائــد املــــادي املخجل الذي تدفعه الوزارة». فـــــي بــــلــــدة «عــــريــــقــــة» الــــواقــــعــــة بــــالــــريــــف الـــغـــربـــي ملحافظة الــســويــداء، بـــادرت مجموعة مــن مدرسي االختصاصات العلمية إلى دعوة طاب الشهادتن الــثــانــويــة واإلعـــــداديـــــة لــحــضــور دورات تعليمية مــجــانــيــة فـــي مــقــر املـــدرســـة الـــثـــانـــويـــة، وفــــي خـــارج أوقات الدوام الرسمي للمدارس. جاءت املبادرة بسبب النقص الكبير في مدرسي االختصاص الــذي تعانيه مــدارس البلدة نتيجة الهجرة من جهة، وقرارات الفصل ألسباب تتعلق بمعارضة السلطة، أو رفــض االلتحاق بالخدمة العسكرية. ويــــوضــــح مـــــــدرس مـــــــادة الــــعــــلــــوم، مــــــــروان دوارة،
لـــ «الــعــربــي الــجــديــد»: «فـــي كــل عـــام يــبــادر عـــدد من مدرسي البلدة للقيام بدورات تعليمية، وهذه أمانة نحملها بـعـدمـا تـخـلـت الـــدولـــة عـــن مـهـامـهـا تـجـاه مواطنيها، وحـاولـت جاهدة تغييب العلم، وإفقار املـــدارس واملعلمن، كــان ال بـد أن ننهض بأبنائنا الــطــاب، ونـسـاعـدهـم بـكـل الــوســائــل لـلـوصـول إلـى الجامعات لقناعتنا أن املستقبل لهم». في مدينة «شهبا» الواقعة إلى الشمال من السويداء، أعـــلـــنـــت جــمــعــيــة «بـــصـــمـــة وطــــــن» األهـــلـــيـــة تـنـظـيـم دورات تقوية مجانية لطلبة الشهادتن اإلعدادية والثانوية، وخال ساعات بادر نحو عشرين مدرسًا ومدرسة من أهالي املدينة للمشاركة. يقول طالب الثالث الثانوي، زاهي الطويل، لـ«العربي الجديد»: «تعجز املدارس عن تقديم كامل املنهاج خال الفصل التعليمي نتيجة قـلـة عـــدد مــدرســي االخـتـصـاص، وكـــثـــرة املـــعـــوقـــات أمــــام الـــطـــاب واملــــدرســــن، ســـواء اإلنارة أو التدفئة أو املواصات. بالنتيجة جميعنا يـــدرك أننا لـن ننهي معظم املــقــررات، وهــذا يحتاج إلى دورات، في حن يعاني معظمنا من عدم القدرة على دفع كلفة الدروس الخاصة». أمــــا فـــي مــديــنــة الـــســـويـــداء، حــيــث تـنـتـشـر املــعــاهــد الـخـاصـة، وأعــــداد كبيرة مـن مـدرسـي الخصوصي مـقـابـل أجـــور متباينة، فـانـتـشـرت مـجـمـوعـات عبر
وســائــل الــتــواصــل، وخــصــوصــًا «واتــــســــاب»، تتيح للطاب مناقشة مدرسيهم حــول املنهاج مـن دون أية تكاليف مادية. ويــقــول املــــدرس نـضـال حـسـن لــ«الـعـربـي الـجـديـد»: «االستمرار على قيد الحياة جعلنا مجبرين على إعطاء دروس خاصة، لكن هذا ال يمنع أن ألتزم مع عدد من طابي مجانًا، وملـدة ثاث ساعات يوميًا، فهذا واجــب أخاقي ال يمكنني التخلي عنه طوال العام الدراسي».