العدد 3079 السنة التاسعة Sunday 5 February 2023
آفاق واعدة لشباب ليبيا من مواسم الكمأ والزيتون يجد الشباب في ليبيا في المواسم الزراعية للتمور والزيتون والكمأ فرصًا للعمل وكسب الرزق وتحدي الظروف االقتصادية، في ظل ارتفاع معدالت البطالة
انـتـهـى مــوســم جـنـي ثــمــار الــزيــتــون في لـيـبـيـا لــيــبــدأ مــوســم الــبــحــث عـــن الـكـمـأ، وكـــالهـــمـــا يــمــثــل فــــرص عــمــل مـوسـمـيـة للشباب، خصوصًا أولئك الذين يعانون بـــطـــالـــة وعــــــدم تـــوفـــر فـــــرص الـــعـــمـــل فـي القطاعات العامة والخاصة. بـــعـــد انــــتــــهــــاء مــــوســــم جـــنـــي الــــزيــــتــــون، اســتــعــد فــــؤاد املــنــاعــي وأبـــنـــاء عمومته الـسـتـة لـالنـتـقـال مـــن منطقتي تـرهـونـة ومسالته اللتن تكثر فيهما هذه املزارع إلـــى منطقة الــحــمــادة الــحــمــراء مــن أجـل االنضمام إلى فرق البحث عن الكمأ. يــقــول املـنـاعـي لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»: «لـم نأِت إلى منطقة الحمادة الحمراء كهواة للبحث عن الكمأ، بل لجمع كميات كبيرة مـنـه بــهــدف بــيــعــه». يـضـيـف: «ثــالثــة من أبناء عمومتي باشروا العمل في املواسم الــزراعــيــة مـنـذ بـــدء مــوســم جـنـي التمور في سبتمبر/ أيلول املاضي. ولم ينضم باقي أفراد مجموعتنا إليهم بسبب عدم درايــتــهــم بكيفية الـتـعـامـل مـــع الـنـخـيـل، لــــذا كــــان مـــوســـم جــنــي الـــزيـــتـــون هـــو ما جـمـعـنـا كــلــنــا». وتـــعـــود تــجــربــة املـنـاعـي في العمل بحصاد املواسم الزراعية إلى ست سنوات مضت، حن بدأ نشاطه في جـنـي الـزيـتـون بــأراضــي مـنـاطـق سيلن ومـــســـالتـــه. وإثـــــر نـــجـــاح تــجــربــتــه انـضـم إلـــيـــه أبــــنــــاء عــمــومــتــه حـــتـــى وصـــــل عـــدد مجموعتهم الى سبعة شبان، وأكثرهم، كما يقول املناعي، من خريجي الجامعات الــذيــن يــعــانــون مــن عـــدم الــحــصــول على فرص عمل تسمح بتأمن معيشتهم. ويعتبر املـنـاعـي العمل فــي جمع الكمأ فرصة أهـم، «ففي مواسم جني الزيتون والتمور يقتسم اإلنـتـاج عــادة مناصفة مع أصحاب املـزارع، وهو يستهلك فترة زمنية طويلة في العمل، أما جمع الكمأ فال يشاركنا به أحد، ومكاسبه أكبر». وتـــعـــد الــــحــــمــــادة الــــحــــمــــراء الـــتـــي تـبـعـد مسافة 500 كيلومتر مـن جـنـوب غربي طرابلس من هضاب البالد الصحراوية، وتــــمــــتــــد عــــلــــى مــــســــاحــــة تـــــتـــــجـــــاوز 84 كيلومترًا مربعًا، ويعتبرها سكان غربي ليبيا منجمًا مـهـمـًا لـجـمـع الـكـمـأ الــذي يتكاثر بعد موسم سقوط األمطار. وبـــاعـــتـــبـــارهـــا أرضـــــًا مــشــاعــًا ال يــشــارك املناعي وأبناء عمومته في محصولهم أي شـــخـــص، عــلــمــًا أن الـــعـــمـــل فــــي هـــذه األرض يـــخـــلـــق فــــرصــــة لـــلـــتـــنـــزه أيـــضـــًا بالنسبة إليهم، وتحقيق مكاسب مالية جيدة باعتبار أن شركات خاصة تتعاقد مع جامعي الكمأ لشراء محاصيلهم. ويـــدر مــوســم الــزيــتــون والـكـمـأ السنوي عـلـى املـنـاعـي ورفــاقــه دخـــال ال بـــأس بـه، وهــــو يــعــلــق بــــأن «كــــل مــنــا يــمــلــك هــدفــًا مـن التصرف بحصته، فـأنـا أعـمـل مثال إلنـجـاز أعـمـال مـنـزل أسـرتـي الصغيرة، إذ لـــم أعـــد أعــتــمــد عــلــى انــتــظــار قـــروض سكنية حكومية، أو على رواتب وظيفية حتى إذا كانت كبيرة».
قدرة على التطوير
بــــدوره اسـتـطـاع فيصل املـــــزداوي، وهـو موظف حكومي، تطوير عمله في موسم جمع الكمأ الـــذي يـهـدف مــن خـاللـه إلى زيــــادة دخــلــه. وبــعــدمــا كـــان يــبــذل جهدًا
فرديًا أصبح اليوم يضم إخوته للعمل ضـــمـــن مـــجـــمـــوعـــة. ويـــــقـــــول لــــ «الـــعـــربـــي الجديد»: «اشترينا سيارة دفـع رباعي مــنــاســبــة لـلـتـنـقـل فـــي مــنــاطــق الــحــمــادة الــــــوعــــــرة، ولــــــم نـــعـــد نـــبـــيـــع مــحــصــولــنــا للتجار فـقـط، بــل بـاتـت لنا علب عليها شعارنا الـخـاص مـا يجعل عملنا أكثر تنظيمًا ويسمح لنا بـأن نحدد أسعارًا تناسب الجهود الكبيرة التي نبذلها». وإذ يقر املـــزداوي بـأن مثل هـذه الفرص مــوســمــيــة، لـكـنـه يـعـتـقـد بـــأنـــه يـمـكـن أن يــســتــثــمــرهــا فـــي شــكــل أفـــضـــل، ويـــقـــول: «أتـــــفـــــاوض مــــع تــــجــــار، ويـــتـــولـــى أفـــــراد أســــرتــــي فــــي الـــبـــيـــت مـــهـــمـــات الـتـغـلـيـف ووضـــــــع املـــنـــتـــج فـــــي عــــلــــب، وذلـــــــك بـعـد الرجوع من موسم الجمع، ويتولى اثنان من إخوتي اآلن عملية الجمع».
دور السلطات
إلــــى ذلــــك، يــتــحــدث أحــمــد األرقــــــط، وهــو خـــبـــيـــر فــــــي جــــمــــع الــــكــــمــــأ، لـــــ«الــــعــــربــــي الــجــديــد»، عــن انـتـشـار أنــــواع كـثـيـرة من الكمأ في مناطق ليبيا، لكنه يشير إلى وجود أنواع عالية الجودة يقبل التجار على شرائها لتصديرها إلـى عـدة دول، بعضها في الخليج. ويلفت إلى أن ارتفاع أسعار الكمأ دفع الشباب إلــى اإلقـبـال على تعلم طريقة جمعه وتـوفـيـر اإلمــكــانــات الــالزمــة لـه، ويقول: «يجب أن تشجع السلطات هذه النشاطات فـي إطــار املساعي املبذولة لتعزيز التنمية، وفتح آفــاق عمل أمام الشباب». ويؤكد وجود أنواع من الكمأ غالية الثمن، «لكن خبراء في املنطقة ال يسمحون بوصول الشباب إلى مناطق أنـــواع قــد يصل ثمنها إلــى 100 دوالر لــلــكــيــلــوغــرام الـــــواحـــــد»، مــبــديــًا رفـضـه لــظــاهــرة احــتــكــار مــجــمــوعــات مسلحة ألراضــــي الـكـمـأ فــي الــحــمــادة الـحـمـراء، ومـــنـــع الـــشـــبـــاب مــــن الـــبـــحـــث فـــيـــهـــا، أو اســـــتـــــغـــــالل جـــــهـــــودهـــــم لــــــشــــــراء الـــكـــمـــأ بأسعار رخيصة.