امتحان محاسبة رياض سالمة
يـــخـــوض لـــبـــنـــان امـــتـــحـــانـــًا كـــبـــيـــرًا فـي مـــســـار املـــســـاء لـــة واإلصــــــــالح املـــراقـــب دولــيــًا مــن قـبـل الـجـهـات املـانـحـة التي ترفض تقديم أي دعم مالي ملؤسسات الــدولــة قبل تنفيذ السلطات الخطط اإلنــــقــــاذيــــة، وتــــلــــوح بـــفـــرض عــقــوبــات مباشرة على املسؤولني اللبنانيني ردًا على تقاعسهم في انتشال البالد من االنــهــيــار. وتتجه األنــظــار إلــى طريقة تـعـاطـي الـــدولـــة الـلـبـنـانـيـة مــع مـذكـرة الـــتـــوقـــيـــف الــــدولــــيــــة الـــــصـــــادرة بـحـق حـاكـم مـصـرف لـبـنـان املــركــزي ريــاض سالمة من قبل القاضية الفرنسية أود بـــوروســـي، بــعــد تخلفه أول مــن أمــس الثالثاء، عن حضور جلسة التحقيق فــــي بـــــاريـــــس، بـــتـــهـــم احـــتـــيـــال وغــســل أموال، وما إذا كانت ستواصل سياسة اإلفـــــالت مـــن الــعــقــاب الـــتـــي تنتهجها على مر عقود من الزمن. وعـلـم «الــعــربــي الــجــديــد» مــن مـصـادر مــطــلــعــة، أن «هـــنـــاك حـــركـــة ســيــاســيــة مـــكـــثـــفـــة مــــــن قــــبــــل كـــــبـــــار املــــســــؤولــــني الــلــبــنــانــيــني لـــلـــتـــشـــاور حـــــول طــريــقــة الـتـعـاطـي مــع املـــذكـــرة الـــصـــادرة بحق ســـالمـــة، واإلجــــــــراء ات الــتــي قـــد تتخذ بحقه، بحيث إن حماية سالمة لم تعد ممكنة بعد الــقــرار الــدولــي، والـــذي له تبعات مالية ومصرفية على لبنان، من هنا البحث إما بإقالته بعد دعوة مجلس الـــــوزراء إلـــى االنــعــقــاد قريبًا، أو الــتــشــاور مــعــه فــي إمــكــانــيــة تقديم اســـتـــقـــالـــتـــه، عــلــمــًا أن هـــنـــاك خـــالفـــات حــول الشخص الــذي سيخلفه مؤقتًا عند انــتــهــاء واليــتــه فــي تموز/يوليو املــــقــــبــــل، إلـــــــى حـــــني انــــتــــخــــاب رئـــيـــس جديد للبالد». ويترافق ذلك أيضًا مع خــروج دعـــوات مـن قبل بعض النواب الســــتــــقــــالــــة ســــالمــــة مـــــن مـــنـــصـــبـــه أو اقالته ملا لبقائه على رأس الحاكمية (مــحــافــظ البنك املــركــزي) مــن مخاطر كبيرة على البالد، نقديًا واقتصاديًا، وفي تعامالته مع املصارف األجنبية، والـجـهـات الـدولـيـة املـانـحـة. وأصــدرت الـــقـــاضـــيـــةالــفــرنــســيــةأودبـــوروســـي أول مــن أمــــس، مــذكــرة تـوقـيـف دولـيـة بــحــق ســالمــة، بــعــد تخلفه عــن املــثــول أمـــامـــهـــا،فـــكـــانردهعــلــيــهــاســريــعــًا، بـــإعـــالن طـعـنـه بـــالـــقـــرار، بــاعــتــبــار أنــه يشكل خرقًا ألبسط القوانني، متوقفًا عــنــد تــــجــــاوزات ارتــكــبــتــهــا الــقــاضــيــة الفرنسية، على صعيد املهل القانونية وســـــريـــــة الـــتـــحـــقـــيـــقـــات وغــــيــــرهــــا مــن االتهامات التي ألقاها عليها. وكـــــــان وكـــــــالء ســــالمــــة الـــقـــانـــونـــيـــون، تـــقـــدمـــوا أيـــضـــًا بـــدفـــوع شــكــلــيــة أمـــام الــنــيــابــةالــعــامــةالــتــمــيــيــزيــةلتعليق الــتــعــاون مــع التحقيقات األوروبـــيـــة، واالكـــتـــفـــاء بـالـتـحـقـيـق املــحــلــي، وذلـــك في وقــت تتهم السلطة القضائية في لبنان بأنها ملونة سياسيًا، وتحمي أركــــــان املـــنـــظـــومـــة، وتـــعـــرقـــل الـــعـــدالـــة، وكان آخر مشاهد ذلك، فشل األجهزة اللبنانية في تبليغ سالمة مرات عدة بالجلسة الباريسية، وهو ما تذرع به لعدم الحضور. مـــــن الــــنــــاحــــيــــة الــــقــــانــــونــــيــــة الــتــقــنــيــة واإلجـــــــرائـــــــيـــــــة، تـــــقـــــول الــــبــــاحــــثــــة فــي الـــقـــوانـــني املــصــرفــيــة واملـــالـــيـــة سـابـني الكك لـ «العربي الــجــديــد»، إن «الــدولــة الــلــبــنــانــيــةستتبلغمـــذكـــرةالـتـوقـيـف الدولية والطلب من اإلنتربول بعد أن يـكـون الـقـضـاء الفرنسي عـمـم املـذكـرة بـحـق سـالمـة عـلـى اإلنــتــربــول الـدولـي لتطبق على جميع الــحــدود واملعابر، وتــبــلــيــغــهــا بـــالـــتـــالـــي إلـــــى الــســلــطــات الدولية، ما سيعطل حكمًا حركته في التنقل عبر املــطــارات والــــدول». وتـرى الــكــك أن «الــدولــة اللبنانية ستتمسك بـــاملـــبـــدأ املـــنـــصـــوص عــلــيــه فـــي قــانــون الــــعــــقــــوبــــات فـــــي لــــبــــنــــان، لـــنـــاحـــيـــة أن الــحــكــومــةالــلــبــنــانــيــةالتــنــفــذطلبات االسترداد إذا كان املالحق أو املطلوب مـــــن رعـــــايـــــاهـــــا، أو لـــديـــهـــا صــالحــيــة إقليمية على الجرم املرتكب، وبالتالي، عمليًا، سيحال طلب االسترداد إليها، ولكن الدولة اللبنانية ستطبق قاعدة عدم تسليم رعاياها». في املقابل، تقول الكك «تذرع أو تمسك الــدولــة اللبنانية بهذا املـبـدأ القانوني لــــعــــدمتـــســـلـــيـــمـــه،اليـــعـــنـــيأالتــتــخــذ إجراءات داخلية وطنية سيادية بحقه، وأن يبقى املالحقون أو املطلوبون فارون من وجــه العدالة ملجرد أنهم لبنانيون ويعيشون في بلدهم، فهل ستتعاطى الــدولــة اللبنانية مــع مــذكــرة التوقيف على محمل الــجــد الــوطــنــي والــســيــادي وتـــعـــتـــبـــرأناســـــتـــــمـــــرارهبــالــحــاكــمــيــة وعـــــدم مــالحــقــتــه بــطــريــقــة جـــديـــة أمـــام الــــقــــضــــاء الـــلـــبـــنـــانـــي وإفـــــســـــاح املـــجـــال للقضاة املحليني بالذهاب بإجراء اتهم الــقــضــائــيــة لــلــنــهــايــة، أمـــــر يـــســـيء إلــى الــدولــة اللبنانية؟ هنا الــســؤال». لذلك، تقول الكك، «يجب التمييز بني نقطتني، األولـــــى الـــتـــي تــرتــبــط، بــذريــعــة الـــدولـــة بــعــدم تسليم ســالمــة كــمــواطــن لبناني إلــى الــدولــة الفرنسية، (علمًا أنــه يملك الجنسية الفرنسية أيضًا، لكن جنسية الوالدة هي اللبنانية)، والثانية، طريقة تــعــاطــي الـــدولـــة اللبنانية مــع املــذكــرة، فـــهـــل ســتــظــهــر أنـــهـــا دولــــــة فـــعـــال عـلـى طريق اإلصالح واملحاسبة واملساء لة أم أنها ال تــزال تغطي املالحقني وتتواطأ معهم؟». وتــــــرى الـــكـــك أن نـــظـــام لـــبـــنـــان املـــالـــي أصبح اليوم وأكثر من أي وقت مضى بخطر، وسمعة البلد باتت على املحك. وتــلــفــت الــكــك إلــــى أن صــالحــيــة إقــالــة سالمة من منصبه تعود إلى مجلس الــــــــــوزراء، مــــشــــددة عـــلـــى أنـــــه ال يـمـكـن الــــتــــذرع بــحــالــة الــحــكــومــة كـتـصـريـف األعمال لعدم اتخاذ هذه الخطوة.