باكستان: تراجع تحويالت المغتربين
بـاتـت تـحـويـات العاملني الباكستانيني في الخارج مثار قلق للحكومة الباكستانية، التي تـواجـه مـأزقـًا ماليًا كبيرًا فـي ظـل شـح النقد األجنبي، ما يعمق أزمة سداد الديون وتدبير احتياجات استيراد السلع األساسية. ويرسل الباكستانيون في الـخـارج عــددًا أقل مـن الــــدوالرات إلــى وطنهم هــذه األيــــام، حيث انـــخـــفـــضـــت الـــتـــحـــويـــات بــنــســبــة %13 عـلـى أســـاس ســنــوي إلـــى 22.7 مـلـيـار دوالر خـال فــتــرة الـعـشـرة أشــهــر األولــــى مــن الــعــام املـالـي الجاري الذي بدأ في يوليو/تموز .2022 وتــكــاد قـيـمـة الـتـحـويـات املـتـراجـعـة البالغة 3.4 مليارات دوالر، تعادل مدفوعات الديون الـــقـــادمـــة الــبــالــغــة 3.7 مـــلـــيـــارات دوالر خــال شهري مـايـو/أيـار الـجـاري ويونيو/حزيران املـــقـــبـــل، وفــــق صــحــيــفــة داون الــبــاكــســتــانــيــة. كــمــا يـــســـاوي املــبــلــغ «فـــجـــوة الــتــمــويــل» الـتـي تــكــافــح بــاكــســتــان لـتـرتـيـبـهـا مـــن أجـــل تمرير صـنـدوق النقد الـدولـي قرضا متعثرا بقيمة 6.5 مـــلـــيـــارات دوالر لـــلـــدولـــة. وتــصــبــح هــذه الــخــســارة فــي تــحــويــات الـعـامـلـني بـالـخـارج أكثر وضوحًا، بالنظر إلى احتياطيات النقد األجــنــبــي املـسـتـنـفـدة الــتــي تـكـفـي فــقــط لـدفـع فاتورة خمسة أسابيع من الواردات. وجــــاء الــتــراجــع فــي الـتـحـويـات مــن مختلف الدول التي تتركز فيها العمالة الباكستانية، السيما بلدان الخليج العربي، حيث تراجعت قـــيـــمـــة الــــتــــحــــويــــات مــــــن املـــمـــلـــكـــة الـــعـــربـــيـــة الـسـعـوديـة واإلمـــــارات فقط بنحو 2.5 مليار دوالر عــلــى أســـــاس ســـنـــوي. كــمــا انـخـفـضـت
جاء التراجع في التحويالت من مختلف الدول التي تتركز فيها العمالة الباكستانية التحويات من بريطانيا واالتحاد األوروبي بـــمـــقـــدار 500 مـــلـــيـــون دوالر. وفـــــي حــــني أن االنـــخـــفـــاض مـــن املــمــلــكــة املـــتـــحـــدة واالتـــحـــاد األوروبـــــي يــعــزى بشكل أســاســي إلـــى ارتـفـاع تكاليف املعيشة وسـط التباطؤ االقتصادي املستمر في تلك االقتصادات، فإن االنخفاض الـكـبـيـر مـــن الـــشـــرق األوســـــط مـــدفـــوع بـعـزوف الــكــثــيــر مـــن الــبــاكــســتــانــيــني فـــي الــــخــــارج عن الـتـحـويـل عـبـر الـقـنـوات الـرسـمـيـة، حـيـث يقل سعر الصرف مقارنة بالسوق املوازية. ويـــلـــجـــأ كــــبــــار الــــتــــجــــار واملــــســــتــــورديــــن إلـــى السوق املـوازيـة لشراء العمات األجنبية من الباكستانيني في الخارج بسعر أعلى بكثير مــــن ســـعـــر الــــصــــرف بــــني الـــبـــنـــوك لـــدفـــع ثـمـن وارداتــهــم، وكـذلـك للتحايل على قيود البنك املــــركــــزي املـــفـــروضـــة عــلــى الــــــــواردات لـحـمـايـة احتياطيه الشحيح من العمات األجنبية. وكانت تحويات العاملني في الخارج قد دعمت الحساب الجاري لباكستان على مدى العقدين املــاضــيــني. بينما تـراجـعـهـا فــي ظــل الـظـروف الحالية يزيد الضغط على املالية العامة للدولة، وفق الصحيفة الباكستانية، خاصة مع عدم التوصل إلـى صفقة إنقاذ مالي مع صندوق النقد الدولي ونضوب التمويل الخارجي من مصادر أخرى، بما في ذلك ما يسمى بالدول الـــصـــديـــقـــة، وكــــذلــــك انـــحـــســـار االســـتـــثـــمـــارات األجنبية. في األثناء، أظهرت بيانات صادرة عن البنك املركزي، انخفاض االستثمار األجنبي املباشر بنسبة %29 على أسـاس سنوي إلى 121.6 مليون دوالر في إبريل/نيسان املاضي، وبنسبة %23 في األشهر العشرة األولــى من السنة املالية الحالية. وأشارت البيانات التي أوردتها صحيفة داون، أمس األربعاء، إلى أن الصني كانت أكبر مستثمر بمبلغ 348 مليون دوالر في األشهر العشر األولى من السنة املالية الجارية، لكن املبلغ كان أقل عن نفس الفترة من السنة املالية املاضية التي سجلت استثمارات بقيمة 403 مايني دوالر.