Al Araby Al Jadeed

القحطاني حمامة سالم!

- عبسي سميسم

أثار مقتل الرجل الثاني في تنظيم هيئة تحرير الشام، وأحد أبرز مؤسسي جبهة النصرة بداية عام ،2012 ميسر الجبوري (أبو ماريا القحطاني) الخميس املاضي، تكهنات وتحليالت عديدة بشأن أسباب مقتله واملستفيد من هذه العملية املدبرة، ومستقبل الهيئة بعد رحيله. وبالتزامن مع تلك التحليالت، برزت أصوات كثيرة، منها ما هو محسوب على الثورة السورية، تتباكى على مقتل الرجل، وتعتبر هذا الحدث خسارة كبيرة لشخص يحارب التشدد والغلو، ويمثل التيار املعتدل ضمن «تحرير الشام»، وبخسارته سيقود الهيئة متشددون يمارسون قمعًا واستبدادًا أقوى من السابق بحق السكان. ويستذكر املتباكون على القحطاني «مآثره» و«اعتداله»، منذ كان شرعيًا لجبهة النصرة في بداية تأسيسها حني كان في محافظة دير الزور، حيث كان يتقرب من العشائر هناك ويرفض تطبيق فكر تنظيم القاعدة «الذي يتبع له» دفعة واحدة على السكان، كذلك فإنه لم يكن مع قتال جبهة النصرة للجيش السوري الحر آنذاك، وإن اعتداله كان سببًا في إقصائه عن رئاسة املجلس الشرعي لجبهة النصرة. وهذا عدا عن محاربته التيارات والتنظيمات املتشددة، التيّ يأتي في مقدمتها تنظيما داعش وحراس الدين. قد يكون مبررًا ألحد عناصر التنظيمات الجهادية أن يصنف قائدًا جهاديًا كالقحطاني باملعتدل، أما املعجبون باعتداله من جمهور الثورة واملعارضة، فيجب أن يعلموا أن هذا الرجل هو من مؤسسي تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق، وأن خالفه مع أبو بكر البغدادي كان على اإلبقاء على بيعة زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري بدال من بيعة البغدادي. كذلك إن عدم تشدد القحطاني مع سكان املناطق التي سيطرت عليها جبهة النصرة، وجهة نظر وليس اعتداال، إذ كان يرى أن األولوية للتمكن من عقول الناس، ومن ثم فرض األحكام عليهم. وكذلك األمر بالنسبة إلى عدم تفضيله قتال فصائل املعارضة، فوجهة نظره تقوم على عدم قتالها ضمن مرحلة معينة. ومع ذلك، سحقت فصائل معارضة على يد «النصرة»، وكان القحطاني قياديًا فيها. وإن محاربته «داعش» بسبب خالف أيديولوجي مع التنظيم، وكذلك قتاله «حراس الدين» كان انتقامًا من زعيم التنظيم سامي العريدي. قد يعود ترويج زعيم جهادي على أنه رجل معتدل في أوساط جمهور الثورة، إلى اإلحباط الذي وصل إليه السوريون، لكنهم ال يزالون يثبتون أنهم ماضون على طريق تحرير بلدهم من كل أشكال االستبداد والتطرف.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar