إسرائيل تتخبط بأزماتها
إمعان في القتل وفشل في تحقيق «النصر»
اتهامات لنتنياهو بعرقلة الصفقة المرتقبة مع حركة حماس
يخشى الشاباك تدهور األمور في إسرائيل إلى مستويات خطيرة
بعد ستة أشهر من الحرب على قطاع غزة، تتخبط إسرائيل بأزماتها الداخلية، في ظل عدم تحقيقها أيًا من أهداف العدوان، ال في إنهاء حركة حماس وال في إعادة المحتجزين من القطاع، وسقوط شعار «النصر المطلق»
ســـتـــة أشــــهــــر عـــلـــى حــــــرب اإلبـــــــادة والتجويع الـتـي يشنها االحـتـالل اإلســرائــيــلــي عـلـى قــطــاع غــــزة، من دون تحقيق أهدافها املرجوة، إال في اإلمعان فـــي الــقــتــل واإلجـــــــرام، والــتــجــويــع والـتـهـجـيـر والــتــدمــيــر، وارتـــكـــاب جــرائــم حــــرب، وانـتـهـاك الــــقــــانــــون الـــــدولـــــي، واســــتــــهــــداف مـــؤســـســـات وفـــرق اإلغــاثــة واملـسـتـشـفـيـات. إن كــانــت هـذه «اإلنجازات» التي تبحث عنها إسرائيل، فقد حققتها، ولكن ال شيء غيرها، وبالتأكيد ليس «النصر املطلق» الذي يردده رئيس الحكومة
بنيامني نتنياهو، في ظل فشلها في إخضاع املقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والوصول إلـــــى رئـــيـــس حـــركـــة حـــمـــاس فــــي غـــــزة يـحـيـى السنوار أو القيادي محمد الضيف، وهي التي لم تترك وسيلة في محاولة للوصول إليهما، بــل أكـثـر مــن هـــذا، مــا زالـــت الــصــواريــخ تطلق من غـزة نحو مناطق الـغـالف، كما لم تتمكن مـن إعـــادة املحتجزين اإلسرائيليني رغــم كل الضغط العسكري الذي مارسته. وال يقف األمر عند هذا الحد، إذ بدأ االحتالل اإلســـرائـــيـــلـــي يـــعـــود تــدريــجــيــًا إلــــى الـــســـادس مـــــن أكــــتــــوبــــر/تــــشــــريــــن األول املــــــاضــــــي، مــع اتــســاع االحــتــجــاجــات ضــد الـحـكـومـة وعـــودة التظاهرات الصاخبة إلى الشوارع، في األيام األخـيـرة، مطالبة بـإجـراء انتخابات برملانية جديدة للكنيست، وإسقاط الحكومة الحالية، وإعــــادة املحتجزين اإلسـرائـيـلـيـني فــي قطاع غزة، وسط تقديرات إسرائيلية بأن معظمهم قــــتــــل. وبــــعــــودة الــــتــــظــــاهــــرات، بـــــدأ نـتـنـيـاهـو يـــدعـــي اســـتـــشـــعـــاره خـــطـــرًا عــلــى حـــيـــاتـــه، في مـحـاولـة لـوصـم املـتـظـاهـريـن، فيما قــد تهدد االحـتـجـاجـات مخططاته إلطـالـة أمــد الحرب بـمـا يـخـدم بــقــاءه رئـيـسـًا للحكومة، ويـؤجـل محاسبته ومــســؤولــني آخــريــن عــن إخـفـاقـات الـــحـــرب والـــســـابـــع مـــن أكـــتـــوبـــر، فــيــمــا اعـتـبـر رئيس جهاز األمن العام (الشاباك) رونني بار أن هناك اتجاهًا مقلقًا قد يؤدي إلى مستويات خطيرة ال تريد إسرائيل الوصول إليها. كـل هــذا ولــم يـخـرج الـيـهـود املـتـزمـتـون دينيًا (الـــحـــريـــديـــم) إلــــى الــــشــــوارع بــعــد، وإن كــانــوا يـخـطـطـون لــذلــك فــي حـــال عـــدم الــتــوصــل إلـى صـيـغـة مـتـفـق عليها بــشــأن قــانــون إعفائهم مـــن الــتــجــنــيــد، وهــــم الـــذيـــن يـــرفـــض ســـوادهـــم األعظم االلتحاق بالجيش اإلسرائيلي، الذي تعتبره قــيــاداتــه الـديـنـيـة والــروحــيــة مفسدة لـأخـالق. كما تـعـارض هـذه الـقـيـادات الكثير مما يحدث في صفوفه، وتصر على التمسك بتعليم التوراة واعتبار ذلك مساويًا للخدمة العسكرية، وهو ما ترفضه شرائح واسعة في املجتمع اإلسرائيلي، التي تطالب باملساواة بــالــعــبء مـــن خـــالل فـــرض الـتـجـنـيـد اإللـــزامـــي عـلـى الـحـريـديـم. ويــزيــد الــقــانــون املــذكــور من تــــأزم املـشـهـد الــداخــلــي، ويـمـثـل عــــودة بعض قــوانــني الـتـشـريـعـات الـقـضـائـيـة الــتــي سبقت الـــســـابـــع مــــن أكــــتــــوبــــر، وعــــــــودة الـــتـــظـــاهـــرات املناهضة لها. لكن هذا ال يعني بالضرورة أن عمر الحكومة الحالية قصير جدًا، فنتنياهو يواصل الصمود منذ ستة أشهر من الحرب رغــم عــدم تحقيق إنــجــازات تـذكـر، كما صمد أمـام االحتجاجات في األشهر التي سبقتها.
أمـا باقي مكونات حكومته التي كانت جزءًا منها قبل الحرب وشكلت معًا أغلبية 64 نائبًا من أصل 120 في الكنيست، فلديها حساباتها واعــتــبــاراتــهــا أيـــضـــًا، وهـــي الــتــي تــكــاد تـــدرك يقينًا أنها لن تكون جزءًا من الحكومة املقبلة، على األقل بموجب ما تشير إليه استطالعات الـــرأي، ما قد يدفعها للحفاظ على الحكومة املـتـجـانـسـة والــبــحــث مـعـًا عـــن مـــخـــارج ألزمـــة قانون التجنيد وغيرها من األزمات. في املقابل، هدد الوزير بني غانتس بمغادرة الحكومة التي انضم إليها في بداية الحرب إن شرعت قانون التجنيد على نحو غير متفق عليه، داعيًا إلجــراء انتخابات في سبتمبر/ أيلول املقبل. مع هذا، ال يزال متمسكًا بالبقاء في الحكومة، رغم محاوالت نتنياهو تهميشه فــي بعض الـــقـــرارات، والـتـوتـر فــي عالقتهما، ومـهـاجـمـة نـتـنـيـاهـو لـــه عـلـى خـلـفـيـة زيــارتــه الـبـيـت األبـــيـــض. وبــخــالف نـتـنـيـاهـو، يـنـادي غانتس بمنح أولوية مللف إعـادة املحتجزين اإلسرائيليني، لكنه يتفق معه على مواصلة الحرب. وقد يجد نفسه حائرًا في البقاء داخل الـحـكـومـة أم مـغـازلـة الــتــظــاهــرات الــتــي بــدأت تـــعـــود إلــــى الـــشـــارع اإلســـرائـــيـــلـــي، خـصـوصـًا أن عـــودة املحتجزين لــم تتحقق، فيما تتهم أوســاط إسرائيلية نتنياهو بعرقلة الصفقة املرتقبة مع حركة حماس. ولكن يبدو أن غانتس الذي أطال عمر حكومة نــتــنــيــاهــو، لــكــنــه اســـتـــفـــاد مـــن نــاحــيــة أخـــرى بـاعـتـبـاره املــســؤول الـــذي وحـــد الـصـفـوف في حـالـة الـــطـــوارئ، ال يـريـد مـغـادرتـهـا وتفويت فرصة أن يكون شريكًا في إعادة املحتجزين، فــــــي حـــــــال كـــــانـــــت هـــــنـــــاك فـــــرصـــــة لــــــذلــــــك، مــع ازديـــاد الضغوطات الخارجية الكبيرة على نتنياهو، تحديدًا من قبل الـواليـات املتحدة، لـــكـــن الــــتــــظــــاهــــرات وحــــدتــــهــــا ســـتـــؤثـــر عـلـيـه حــتــمــًا، فـــضـــال عـــن مــطــالــبــة عــــدة أصــــــوات له باالنسحاب. وتتجاوز الخالفات بني مركبات