العدد 3506 السنة العاشرة Sunday 7 April 2024
لتل أبيب سخطها عليها. كما قد يدفع املزيد مـــن الـضـغـط عـلـى إســرائــيــل إلـــى فـــرض وقـف إلطـاق النار عليها. وال يعني هـذا بـأي حال أن املقاومة الفلسطينية لم تتلق ضربة قوية وربــمــا فـقـدت اآلالف مــن عـنـاصـرهـا، ولكنها لــم تستسلم، مــا يثير غضب إســرائــيــل، التي تخشى إعادة املقاومة ترتيب أوراقها وتنظيم صفوفها في حال توقفت الحرب. في املقابل، تزداد األصـوات اإلسرائيلية التي تــــرى أن الـــقـــضـــاء عــلــى «حــــمــــاس» وقـــدراتـــهـــا الـعـسـكـريـة والــســلــطــويــة كــــان طــمــوحــًا يـفـوق املـعـقـول، وورط إسـرائـيـل فــي حــرب ال تعرف كيف تنهيها، بينما كان عليها تحديد أهداف واقــعــيــة. وإلـــى جــانــب فـشـل نـظـريـة اسـتـعـادة املـــحـــتـــجـــزيـــن بـــالـــتـــجـــويـــع وزيــــــــــادة الــضــغــط الــعــســكــري، فـشـلـت دولــــة االحـــتـــال أيــضــًا في محاولة دق األسافني والفنت في القطاع، التي بــدأتــهــا مـنـذ بـــدايـــة الـــحـــرب، وانـعـكـسـت أكـثـر فـــي الــشــهــر الـــســـادس مــنــهــا، بــرفــض عــائــات وعشائر غزة التوجه اإلسرائيلي إليها لحكم القطاع وتولي بعض املهام. لـــو كـــانـــت دولـــــة االحــــتــــال قــــــادرة فـــعـــا على خوض حرب شاملة مع حزب الله على جبهة لبنان بــمــوازاة حربها على غــزة لفعلت ذلـك، خصوصًا أنها ال تزال تتكبد خسائر فادحة، بشرية ومادية، ويبدو أنها تفضل في الوقت الراهن توسيع ضرباتها في لبنان تدريجيًا والتصويب نحو أهــداف إيرانية في سورية، لكن أحــدًا ال يمكنه توقع متى تخرج املعارك من اإلطار املرسوم لها. وعدم توسيع الحرب عـلـى نـحـو الفـــت ال يـعـنـي أن حــربــًا كــهــذه لن تقوم، وربما أقرب مما يعتقد البعض، وليس األمـــــر مــرتــبــطــًا بـــالـــتـــهـــديـــدات املـــتـــكـــررة الــتــي يطلقها وزيـــر األمـــن يـــوآف غــاالنــت، بـقـدر ما هو مرتبط بمطالب سكان املناطق الحدودية، في ظل فشل الجهود الدبلوماسية حتى اآلن، وربط حزب الله جبهة لبنان بجبهة غزة. كما تحاول إسرائيل رد االعتبار والـــردع املفقود على الجبهة الشمالية أيضًا. فـــي الـــوقـــت نــفــســه، تـــــدرك إســـرائـــيـــل أن حـربـًا كهذه لن تكون نزهة، بعد أن فضحت جبهة غـــزة هـشـاشـة جـنـودهـا، وقـتـلـت املــئــات منهم وأرســــلــــت اآلالف إلــــى املــســتــشــفــيــات وإعـــــادة الــتــأهــيــل، فــضــا عــمــن سـيـبـقـون مـــع إعــاقــات مستدامة. يـحـاول الجيش اإلسرائيلي مللمة نـفـسـه، وتـعـزيـز قــواتــه، الـتـي أخـــرج معظمها مــــن غـــــزة وأرســـلـــهـــا إلـــــى الــــحــــدود الــشــمــالــيــة والــضــفــة الـغـربـيـة، الــتــي تـشـهـد تـصـعـيـدًا في العمليات ضد أهداف إسرائيلية. كما تسعى الجبهة الداخلية اإلسرائيلية لتعزيز قدراتها وإمكانياتها، وتحضير اإلسرائيليني لحرب قادمة لن تكون سهلة وفق التقديرات، ويبقى توقيتها مجهوال في الوقت الراهن. وعلى الرغم من مرور ستة أشهر على الحرب واإلخفاق اإلسرائيلي الكبير، ال يزال نتنياهو رئـيـسـًا لـلـحـكـومـة، ويـــبـــدو أنـــه سيستمر في ذلــك فـي األشـهـر املقبلة، إال إن ازداد الضغط فــي الـــشـــارع اإلســرائــيــلــي عـلـى نـحـو ال يمكن احــتــمــالــه، وتــــطــــورت الـــتـــظـــاهـــرات املـنـاهـضـة لـــحـــكـــومـــتـــه إلــــــى حــــد حــــصــــول أحــــــــداث عـنـف واســـعـــة، أكــبــر مـــن تــلــك الــتــي سـبـقـت الـسـابـع مـــن أكــتــوبــر. لــكــن حــتــى ذلـــك الـــحـــني، يــواصــل نتنياهو التفكير فـي مـخـرج مـن هــذه األزمــة وأزمـــــات أخـــرى مـقـبـلـة، مــن أجـــل بـقـائـه، ربما حتى لو كان الثمن فتح جبهة جديدة أو حرب متعددة الجبهات، في حـال تمكنت إسرائيل من تسريع الحصول على أسلحة أميركية.