كيف تحول «الربيع الروسي» إلى حرب؟
بعد عقٍد على اندالع نزاع دونباس في شرق أوكرانيا، تحولت االشتباكات بين انفصاليين والسلطة في كييف إلى غزو روسي ألوكرانيا، وسط آراء متباينة لمتابعين للتطورات حول سبب تحول ما ُوصف بـ«الربيع الروسي» إلى حرب شاملة
قــبــل عــشــر ســــنــــوات، فـــي الــســابــع مــن إبــريــل/نــيــســان ،2014 دخلت األزمة السياسية شرقي أوكرانيا مــرحــلــة جـــديـــدة مـــن الــتــصــعــيــد، بــعــد إعـــان نشطاء موالني لروسيا عن قيام «جمهورية دونيتسك الشعبية» املعلنة من طرف واحد، وعزمهم إجراء استفتاء لتقرير املصير، على غـــرار مــا حصل فــي شبه جــزيــرة الــقــرم التي ضمتها روسيا في مارس/آذار ،2014 فضا عن رفضهم االعتراف بالسلطات األوكرانية الـجـديـدة املـوالـيـة للغرب. وعـلـى األثـــر، أعلن رئيس البرملان األوكراني حينها، أولكسندر تــــورشــــيــــنــــوف، الــــــــذي كــــــان قـــائـــمـــا بـــأعـــمـــال الــرئــاســة األوكـــرانـــيـــة، بــعــد إطـــاحـــة الـرئـيـس املــــوالــــي لـــروســـيـــا فــيــكــتــور يــانــوكــوفــيــتــش، عــــن بـــــدء «عــمــلــيــة مــكــافــحــة اإلرهـــــــــاب» ضـد كـــل مـــن حــمــل الـــســـاح فـــي مـنـطـقـة دونــبــاس (تـــضـــم مـقـاطـعـتـي لــوغــانــســك ودونــيــتــســك)، شـــرقـــي الــــبــــاد، ضـــد الــشــرعــيــة األوكـــرانـــيـــة. وتـمـكـنـت الـــقـــوات األوكـــرانـــيـــة مـــن الـسـيـطـرة على األوضــاع في مـدن دونـبـاس، باستثناء مدينتي لوغانسك ودونيتسك، اللتني أعلنتا بـشـكـل أحـــــادي الــجــانــب عـــن قــيــام مـــا يـعـرف بــاســم «جـمـهـوريـتـي لـوغـانـسـك ودونيتسك الشعبيتني». وفي عام ،2022 أجرت موسكو فيهما وفي مقاطعتي زابوريجيا وخيرسون اســـتـــفـــتـــاءات تــقــريــر مــصــيــر، تـمـخـض عنها ضمها إلى السيادة الروسية بشكل أحادي الجانب. وبذلك يعتبر 7 إبريل 2014 تاريخا لـبـدء الــنــزاع شــرق أوكــرانــيــا، الـــذي مــر خال عــقــد بــمــراحــل الـتـصـعـيـد وعـــقـــد مــفــاوضــات التسوية في العاصمة البياروسية مينسك والتهدئة والتجميد الفعلي للنزاع، وصوال إلى مرحلة بدء الروس غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط .2022 بعد مـــرور عشر ســنــوات على انــطــاق قطار هـــذه األحـــــداث الــدرامــاتــيــكــيــة، يعتبر املحلل السياسي الصحافي املتخصص فـي الشأن األوكــــرانــــي املــتــحــدر مـــن دونــيــتــســك، واملـقـيـم فـي موسكو، ألكسندر تشالينكو، أن سكان دونــبــاس انطلقوا فـي تطلعاتهم لانفصال عــن أوكــرانــيــا مــن رؤيـــة مـفـادهـا أن الكرملني ســيــكــرر ســيــنــاريــو ضـــم الــــقــــرم، مــعــتــبــرًا أنــه لــو تـعـامـلـت مـوسـكـو بــحــزم فــي حينه كانت ستتجنب الحرب الراهنة. ويقول تشالينكو الـــــــذي اضــــطــــر ملـــــغـــــادرة دونـــيـــتـــســـك بـــعـــد أن اتهمته أوكرانيا عـام 2014 بـ«االنفصالية»، فـــي حــديــث لـــ «الــعــربــي الـــجـــديـــد»: «كــــان قـــرار دونـــبـــاس االنـــفـــصـــال عـــن أوكـــرانـــيـــا صــائــبــا، انـــطـــاقـــا مـــن أن روســـيـــا سـتـقـبـل بــضــم هــذه األراضـــــــي إلــــى ســيــادتــهــا وفــــق نـــمـــوذج ضم الــقــرم، ولــكــن ذلـــك لــم يــحــدث، مـمـا تــرجــم إلـى انـدالع الحرب الحالية بعد سنوات. فلو كان للكرملني جـــرأة لضم دونــبــاس وقـتـهـا، لكنا تـجـنـبـنـا مـــا يـــجـــري حـــالـــيـــا». وحـــــول رؤيــتــه ألســـبـــاب امــتــنــاع روســـيـــا عـــن ضـــم دونــبــاس كاسيانوف: تنازلت أوكرانيا اضطراريًا في اتفاقات مينسك
فـي عــام ،2014 يــرى تشالينكو أن «موسكو تــعــامــلــت مـــع دونــــبــــاس عــلــى أنـــهـــا جــــزء من أوكـــرانـــيـــا، عــلــى عــكــس الـــقـــرم الـــتـــي رأت في ضمها استعادة للعدالة التاريخية وتــدارك خطأ ضمها إداريا ألوكرانيا في عهد الزعيم الــســوفــيــيــتــي الــــراحــــل نـيـكـيـتـا خـــروتـــشـــوف. صحيح أن دونباس انضمت إلى روسيا في عـــام ،2022 ولــكــن بـعـد حـــرب طـويـلـة أنهكت الــســكــان». ويـعـتـبـر أن الـكـرمـلـني كـــان يـراهـن عــلــى نـــجـــاح اتـــفـــاقـــات مــيــنــســك، قـــائـــا: «كـــان مــنــح الـــوضـــع الـــخـــاص لـــدونـــبـــاس سيشكل استنساخا لنموذج البوسنة والهرسك، أي كـيـانـان مستقان ضمن دولـــة واحــــدة، وهـذا كان سيضمن ملوسكو أن أوكرانيا لن تنضم إلى االتحاد األوروبي وحلف شمال األطلسي. ثــــم راهــــنــــت مـــوســـكـــو مــــن دون جــــــدوى عـلـى