صمود تشاسيف يار
الرئيس األميركي السابق، دونالد ترامب، ثم على الرئيس األوكراني الجديد، فولوديمير زيلينسكي، الــذي فــاز فـي االنتخابات رافعا شـعـارات الـسـام». وفـي مـا يتعلق بالعوامل التي أدت إلـى تغيير موقف الكرملني وشنه حربا شاملة في عـام ،2022 يـرى تشالينكو: «بــعــد تــولــي الــرئــيــس األمــيــركــي جـــو بــايــدن، السلطة فــي عـــام ،2021 بـــات واضــحــا أنـــه لن يتسنى التوصل إلى حلول وسط بخصوص أوكـرانـيـا. وبــات الـوضـع فـي دونـبـاس حرجا بعد أن واجهت املنطقة حصارًا أوكرانيا من الغرب وعزوفا روسيا عن ضمها من الشرق. لــذلــك قــــررت روســـيـــا إجـــــراء عـمـلـيـة عسكرية خـــاصـــة (االســـــــم الــــروســــي لـــغـــزو أوكـــرانـــيـــا) توقعت أنـهـا لــن تــواجــه مـقـاومـة مــن دون أن تضع في حساباتها أنها ستستمر لسنوات». بــــــــدوره، يـــــرى أســــتــــاذ الـــتـــاريـــخ فــــي جــامــعــة «مــــاريــــا كـــــوري ســكــلــودوفــســكــا» فـــي مـديـنـة لــوبــلــني الــبــولــنــديــة، غــيــورغــي كــاســيــانــوف، أن روسيا كانت ضالعة مباشرة في النزاع فــي دونــبــاس مـنـذ أيــامــه األولــــى، معتبرًا أن مـــفـــاوضـــات مــيــنــســك كـــــان مــحــكــومــا عـلـيـهـا بـــالـــفـــشـــل، الحـــتـــوائـــهـــا شــــروطــــا تــعــجــيــزيــة وضـعـتـهـا مـوسـكـو. ويــقــول كـاسـيـانـوف في حديث لـ«العربي الجديد» إنـه «فـي البداية، شكلت االحـتـجـاجـات املناهضة لكييف في دونباس والتي أطلقت عليها تسمية الربيع الـــروســـي، تـــكـــرارًا لـسـيـنـاريـو ضـــم الـــقـــرم، إذ سيطر مسلحون با عامات تعريفية على مـــبـــان إداريــــــــة ومــــراكــــز لــلــشــرطــة والـــجـــهـــات األمــنــيــة. ورافـــقـــت ذلـــك احــتــجــاجــات منظمة جيدًا في الــشــوارع». وحــول رؤيته الختاف تــطــور األحــــــداث فـــي الـــقـــرم ودونــــبــــاس، يــرى كاسيانوف: «على عكس القرم، تمكن الجيش األوكــرانــي وكتائب املتطوعني فـي دونباس من التصدي للمجموعات املسلحة الروسية فـــــي ســـلـــوفـــيـــانـــســـك وخـــــاركـــــيـــــف وأوديـــــســـــا ومـــاريـــوبـــول، محكما الـسـيـطـرة عـلـى الـجـزء األكـبـر مـن دونــبــاس». ويـرجـع فشل اتفاقات مينسك إلى ما يعتبره وضع روسيا شروطا تـعـجـيـزيـة، قـــائـــا: «كـــانـــت اتــفــاقــات مينسك تنازال اضطراريا أقدمت عليه أوكرانيا بعد هــزيــمــتــني عــســكــريــتــني أمــــــام قــــــوات روســـيـــة قــــاتــــلــــت بـــالـــنـــيـــابـــة عـــــن االنــــفــــصــــالــــيــــني فــي إيلوفايسك وديبالتسيفي. وضعت روسيا شـرط اعـتـراف أوكـرانـيـا بسيطرتها الفعلية على دونباس عبر منح املنطقة حكما ذاتيا يتعارض مع الدستور األوكراني». ويلفت كاسيانوف إلى أن اتفاقات مينسك تـحـولـت فعليا إلـــى أطـــر إجــرائــيــة لتجميد الــــــنــــــزاع، ويــــضــــيــــف: «أصـــــبـــــح الـــــوضـــــع فـي دونـــبـــاس مـسـتـقـرًا بــا أعــمــال قــتــال واسـعـة مع اقتصارها على اشتباكات متفرقة على خط التماس. لكن في فبراير ،2022 هدمت روســــيــــا بــشــكــل أحـــــــادي الـــجـــانـــب اتـــفـــاقـــات مينسك باعترافها باستقال الجمهوريتني االنفصاليتني وشنها حـربـا شاملة رامية إلى القضاء على أوكرانيا كدولة مستقلة». يذكر أن األزمة السياسية في أوكرانيا بدأت فــي نوفمبر/تشرين الـثـانـي ،2013 عندما قرر يانوكوفيتش العدول عن التوقيع على اتفاقية الشراكة مع االتحاد األوروبــي، مما دفـع أنصار التكامل مع أوروبــا إلـى تنظيم تظاهرات واحتجاجات عرفت باسم «امليدان األوروبـــــي»، أدت إلــى هـــروب يانوكوفيتش إلـــــى روســــيــــا فــــي فـــبـــرايـــر .2014 وهـــــو أمـــر اعتبرته موسكو «انـقـابـا غير دسـتـوري»، مـسـتـثـمـرة األمـــــر الـــواقـــع لــضــم الـــقـــرم أوال، قبل أن يتفاقم الوضع ليبلغ مرحلة النزاع املسلح فالحرب املفتوحة. كشف قائد القوات المسلحة األوكرانية أولكسندر سيرسكي، أمس السبت، أن القوات األوكرانية ال تزال تسيطر على بلدة تشاسيف يار في شرق البالد. وأضاف عبر تطبيق تليغرام أن «تشاسيف يار تحت سيطرتنا، وباءت كل محاوالت العدو (الجيش الروسي) القتحام البلدة بالفشل». ويعد أي تقدم روسي سريع في تشاسيف يار نكسة قاتمة لكييف. وتتقدم القوات الروسية ببطء في شرق أوكرانيا بعد أن استولت على بلدة أفدييفكا في فبراير/شباط الماضي.