الضائقة المالية تدفع اليمنيين للمالبس المستعملة
تجبر الظروف المعيشية الصعبة التي ال تعرف االنفراج في اليمن، الكثير من األسر على اقتناء المالبس المستعملة، إذ باتت أسعار الجديدة تفوق قدراتهم المنهكة
تـــدفـــع الــضــائــقــة املـــالـــيـــة الــكــثــيــر مـــن األســـر اليمنية نحو املالبس املستعملة والعزوف عـــــن شـــــــراء املـــــالبـــــس الــــجــــديــــدة الســـتـــقـــبـــال عيد الفطر الــذي يحل بعد أيـــام، إذ تتفاقم األوضــــــاع املـعـيـشـيـة وســــط الـــصـــراع املــالــي املـحـتـدم بــن الـحـكـومـة املـعـتـرف بـهـا دولـيـًا والحوثين، وكـذلـك اضـطـرابـات االستيراد بفعل تـوتـرات البحر األحـمـر، حيث يعتمد البلد بصورة كلية على االستيراد في توفير احتياجاته. يقول املواطن عبد الله الخليدي، من سكان صنعاء، لـ «العربي الجديد»، إنه ال خيار أمامه في هذه الظروف الصعبة سوى اقتناء املالبس املستعملة، مشيرًا إلى أن هذا ليس حاله فقط وإنما حال الكثير من األسر. املـــواطـــن مــوســى الــصــبــري، مـــن ســكــان تعز جـنـوب صـنـعـاء، يـؤكـد لــ«الـعـربـي الجديد» أن أسـعـار املـالبـس الـجـديـدة بـاتـت مرتفعة لـلـغـايـة، األمـــر الـــذي جعله يـقـرر مــع أسـرتـه البحث في األســـواق عن املالبس منخفضة األســــــعــــــار لـــــشـــــراء كــــســــوة الـــعـــيـــد ألطـــفـــالـــه األربــعــة. فـي حـن يصف عـلـوي الـجـحـدري، مــن ســكــان عـــدن جــنــوب الــبــالد الــتــي تتخذ منها الحكومة مقرًا مؤقتًا، أسعار املالبس بأنها عبارة عن نار تكتوي بها األسر التي ال تستطيع التنصل مــن الـتـزامـاتـهـا تجاه أبنائها في العيد. في محافظات مثل شبوة ومـا جاورها من املــحــافــظــات الـشـرقـيـة مـثـل مــــأرب والــجــوف تبرز املالبس واألزياء الشعبية بشكل الفت فــي مـثـل هـــذه املــنــاســبــات؛ إذ يــحــرص على ارتدائها مختلف الفئات االجتماعية. الناشط والباحث في االقتصاد االجتماعي فـي مدينة شـبـوة، معتصم العتيقي، يقول لـــــ«الــــعــــربــــي الــــجــــديــــد»، إن األعـــــبـــــاء تــكــون
مــضــاعــفــة فـــي شـــبـــوة ومـــثـــل هــــذه املــنــاطــق، بالنظر إلى ارتفاع مضاعف في أسعار هذه النوعية من امللبوسات التي يرتدونها في الـعـيـد، بـالـرغـم مــن وجـــود خــيــارات سعرية بـحـسـب نــوعــيــة كـــل صــنــف، لــكــن هــنــاك من يــحــرص عــلــى شــــراء أصـــنـــاف غــالــيــة الثمن مــــن املــــعــــاوز (نــــــوع مــــن املــــالبــــس الــرجــالــيــة فــي الـيـمـن) والــشــيــالن وغـيـرهـا مــن القطع، كـذلـك الـحـال بالنسبة للمالبس النسائية، خصوصًا «العبايات» وغيرها، إضافة إلى مالبس األطفال التي يجب أن تكون جديدة، إذ تتطلب ذلك موازنة مالية ال تقل عن 300 ألـــف ريــــال لـــأســـرة الـــواحـــدة املــكــونــة مـــن 5 أفراد. ويشير تجار إلـى أن ارتفاع تكاليف إنتاج املـالبـس الشعبية والـتـي تشهد إقــبــاال قبل العيد فـي الـعـديـد مـن املـنـاطـق وراء ارتـفـاع األســـعـــار. ويــقــول الـتـاجـر فهمي غــيــالن من صنعاء إن متوسط تكاليف قطعة واحــدة من ملبوسات «العبايات» املتوسطة يصل إلـــى مــا بــن 15 ألـــف ريـــال و61 ألــفــًا. ويبلغ سعر الدوالر في صنعاء التي يسيطر عليها الـــحـــوثـــيـــون نـــحـــو 530 ريــــــــاال، فــيــمــا يـصـل فـــي عــــدن جــنــوبــًا حــيــث الــعــاصــمــة املــؤقــتــة لـلـحـكـومـة إلـــى 1660 ريــــــاال. بــــــدوره، يشير الـتـاجـر بـسـام الـوصـابـي مـن صـنـعـاء، الـذي تــحــدث لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»، إلـــى أن هناك تــكــالــيــف أخـــــرى تـــضـــاف إلــــى ســعــر املـنـتـج، مــثــل إيــــجــــارات املـــحـــال الــتــجــاريــة الـبـاهـظـة والجبايات وتكاليف الكهرباء. ويـــواجـــه الــبــلــد الــعــديــد مـــن األزمــــــات، منها انـــهـــيـــار ســـعـــر صـــــرف الـــــريـــــال، والــتــقــلــبــات الـحـادة في تـداوالتـه، وال سيما في مناطق الـــحـــكـــومـــة، وارتـــــفـــــاع الـــتـــضـــخـــم، واشــــتــــداد االضــــطــــرابــــات االجــتــمــاعــيــة وتــســبــبــهــا في تراجع أداء القطاعات االقتصادية املختلفة. ووفــــق بــيــانــات أمــمــيــة، فــــإن أكــثــر مـــن 21.6 مليون شخص، أي %75 مـن سكان اليمن، يحتاجون إلى مساعدات.