Al Araby Al Jadeed

هل ما زالت صفقات السالم واردة؟

- فاطمة ياسين

تقول اإلدارة األميركية إن إنهاء حالة الحرب الدائرة في قطاع غزة تتطلب خطة سالم تشمل كل الفلسطينين­ي، وليس سكان القطاع فقط، مع بعض العرب املترددين أو املنتظرين، ويمكن لخطة ما أن تثبت وقف إطالق النار وتنهي حالة العداء القائمة بني بعض األطراف العربية وإسرائيل. وقد صرحت اإلدارة األميركية بوضوح أن أساس خطة كهذه هو حل الدولتني، وتعززت فرصة هذا الحل بحضوره في قائمة الشروط القصيرة التي تطلبها الرياض لالعتراف بإسرائيل، وقد كانت هذه األفكار جزءا أساسيا من حوارات وزير الخارجية األميركي، بلينكن، في السعودية. يقاوم نتنياهو، بالطبع، هذا الحل بضراوة شديدة وصلت إلى حد وقوفه في وجه الواليات املتحدة بعناد وصلف، فقد وجه إليها انتقادات شديدة بعد امتناعها عن التصويت على قرار مجلس األمن الذي يطالب بوقف النار، رغم أن صياغته شديدة الغموض، تقرر وقفا مؤقتا إلطالق النار، ولم يؤثر القرار فعليًا على عمليات اسرائيل التي تجهز نفسها ملا تظن أنه الهجوم على رفح الذي تقول إنه سيؤدي إلى الخالص من حركة حماس نهائيًا. بعد كل اهتزاز سياسي كبير في الشرق األوسط يجري التنادي إلى إقرار حل نهائي للتخلص من الصداع املزمن الذي يعصف باملنطقة، والذي يتكرر منذ قيام دولة إسرائيل، من دون إقرار هذا الحل حتى اللحظة، ولكن الجدير باالهتمام أن الحلول املطروحة تأخذ في اعتبارها الظروف الراهنة وظروف املـرحـلـة الـتـي انقضت مـا بـني األزمـــة والـتـي تليها، وليست كـل هــذه الــظــروف في مصلحة العرب وال الفلسطينين­ي بأي حال، وقد بدأت الحلول بقرار التقسيم الذي اقتطع أكثر من %55 من األراضي ومنحها لإلسرائيلي­ني. واملشكلة الكبرى حدثت في الحرب التي أعقبت الـقـرار بعد أن شن العرب هجوما على املناطق املمنوحة إلسرائيل، فكانت النتيجة فقدان نصف األراضي التي منحها القرار للفلسطينين­ي، وسيطرة األردن ومـصـر على كـل مـن الضفة الغربية وقـطـاع غـــزة على التوالي٬ وتحويل الفلسطينين­ي إلى الجئني. أصــدر مجلس األمــن بعد هزيمة 1967 قــرارًا رقمه 242 لحل القضية، آخــذا في االعتبار نتائج الحرب نفسها، ويتألف الحل من بندين رئيسيني: انسحاب إسرائيل من األراضي التي احتلتها في الصراع األخير، وإقرار حالة من السالم بني بلدان املنطقة بمعاهدات، فيما عرف حينها بمقايضة األرض بالسالم. قبلت بعض الدول العربية القرار ورفضته دول أخرى، وكان يجب أن تقوم حرب أخرى في عام ،1973 ليقبل من العرب بعد أن عزز »242« قرار آخر أخذ رقم 338 نص على وقف الحرب والبدء فورا بمحادثات سالم، عقد مؤتمر جنيف للسالم في ديسمبر/ كانون األول 1973 ولم تحضره سورية، وكان مقدمة التفاقيات عقدت بني مصر وإسرائيل بعد خمس سنوات. عقد املؤتمر التالي في مدريد في 1991 بعد حرب الخليج الثانية، حضرته سورية هذه املرة وحضره الفلسطينيو­ن (في وفد مشترك مع األردن)، وتكررت معظم الوجوه، وكـان هذا املؤتمر بـذرة نجمت عنها اتفاقيات املبادئ أو اتفاق أوسلو املوقع عام ،1993 وتبعه في 1994 توقيع اتفاق وادي عربة بني األردن وإسرائيل، وميز هـذا االتـفـاق إعــالن رئيس الـــوزراء األردنـــي عبد السالم املجالي «انتهاء عصر الحروب»، ورد شمعون بيريز عليه بأن وقت السالم قد حان. لم ينته عصر الحروب، وكان الحديث عن السالم مشوشا، فاليوم بعد مرور 28 سنة على مقولة املجالي، تدخل «حـمـاس» املعركة وتــرد عليها إسرائيل بهجوم معاكس تجتاح فيه قطاع غزة. ويتم التنادي اآلن، كما في كل مرة، إلى حل جديد. أعقب كـل معركة مؤتمر، وبعض اتفاقيات ســالم، بـني بعض الـعـرب وإسرائيل، ولن تشذ هذه األزمة عن السياق املعروف، فهي تشارك األزمات التي سبقتها في عناوين كثيرة، ومن املرجح أن حال نهائيا لن يجري إقــراره، ولكن األكيد أن ثمة اتفاقيات جديدة سيجري توقيعها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar