Al Araby Al Jadeed

هل يحتاج الفلسطينيو­ن إلى رئيس ورئيس وزراء؟

- أحمد جميل عزم

تــــشــــ­كــــلــــ­ت حــــكــــ­ومــــة مــــحــــ­مــــد مــــصــــ­طــــفــــ­ى، أو الــــحـــ­ـكــــومــ­ــة الــــتـــ­ـاســــعــ­ــة عـــــشـــ­ــرة فــــــي تــــاريــ­ــخ الـــســـل­ـــطـــة الــفــلــ­ســطــيــن­ــيــة، وأدى أعـــضـــا­ؤهـــا مــــراســ­ــم «الــــيـــ­ـمــــن» نـــهـــاي­ـــة الـــشـــه­ـــر املـــاضــ­ـي (مـارس/ آذار). وهناك معضلتان متصلتان فــــي هــــــذه الـــحـــك­ـــومـــة، كـــمـــا فــــي أي حــكــومــ­ة فلسطينية يمكن أن تتشكل حـالـيـًا؛ األولــى أن مختلف الصالحيات السياسية واألمنية والـــتـــ­شـــريـــع­ـــيـــة حـــالـــي­ـــًا بـــيـــد شـــخـــص واحـــــد، هــو الــرئــيـ­ـس مـحـمـود عـــبـــاس، الــــذي انتخب منذ نحو 20 عامًا. والثانية أن العالقة بن «الرئاسة» و«الحكومة» متوترة بنيويًا، أي منذ استحداث منصب رئيس الحكومة عام ،2003 وقد تواله حينذاك عباس، ووقتها لم تسر العالقات على نحو سلس بن الرئيس ياسر عرفات ورئيس حكومته. وربما يحتاج الفلسطينيو­ن، عـــدا االنــتــخ­ــابــات والـتـوافـ­ق الوطني، إلى إعـادة النظر في مجمل النظام السياسي، فربما يجدر ان يكون لديهم فقط رئيس أو رئيس وزراء، وليس كليهما، فضال عن حسم عدة مشكالت أخرى. يــــتــــ­ضــــمــــ­ن بــــرنـــ­ـامــــجــ­ــا مــــنــــ­ظــــمــــ­ة الـــتـــح­ـــريـــر الفلسطينية وحركة فتح بناء الدولة، وهذا يـتـعـارض مــع عــدم وجـــود مجلس تشريعي

أو مـجـلـس وطــنــي يـجـتـمـعـ­ان فــي اللحظات الـــحـــا­ســـمـــة. واملـــنــ­ـظـــمـــة هــــي إطـــــــا­ر جــبــهــو­ي عريض توافقي للقوى الفلسطينية. لذلك فإن االنتخابات أو التوافق القائم على التشاور واالتـــــ­ـفــــــاق هــــي أســـــــا­س الـــنـــظ­ـــام الــســيــ­اســي الـــفـــل­ـــســـطــ­ـيـــنـــي، أمـــــــا الــــــتـ­ـــــذرع بـــــــأن الـــقـــا­نـــون األســــــ­اســــــي يـــجـــعـ­ــل الــــرئــ­ــيــــس الــفــلــ­ســطــيــن­ــي صاحب القرار في اختيار الحكومة، ومنحها الثقة، في غياب املجلس التشريعي، فهو أمر ينبه إلـى الخلل في النظام السياسي، أكثر مما يعطي شرعية ملثل هذا الوضع. مـــعـــرو­ف مـنـذ ســنــوات أن مـحـمـد مصطفى، رئـــيـــس صـــنـــدو­ق االســـتــ­ـثـــمـــا­ر الـفـلـسـط­ـيـنـي، عــضــو الـلـجـنـة الـتـنـفـي­ـذيـة ملـنـظـمـة الـتـحـريـ­ر الفلسطينية، سيكون خليفة محمد اشتية في رئاسة الحكومة، وذلــك لسبب محدد أن الـرئـيـس عــبــاس يــريــده رئيسًا «لحكومته»، مــثــلــم­ــا أراده وأراد مـــعـــه زيــــــاد أبـــــو عـــمـــرو، عـــضـــوي­ـــن فــــي الـــلـــج­ـــنـــة الـــتـــن­ـــفـــيــ­ـذيـــة ملـنـظـمـة الـــتـــح­ـــريـــر، وقـــــد كـــــان واضــــحــ­ــًا أن مـصـطـفـى على «الئحة مرشحي» الرئيس منذ تعيينه فـــي حــكــومــ­ة رامـــــي الــحــمــ­دالــلــه (عـــــام )2013 مــــع زيــــــاد أبـــــو عــــمــــ­رو، نـــائـــب­ـــن لـــرئـــي­ـــس تـلـك الـحـكـومـ­ة، وكــــان واضــحــًا أن لـهـمـا، فــي ذلـك الــوقــت، عـالقـة مـبـاشـرة مــع رئـيـس السلطة، إلى درجة أن الحكومة بدت لحظة تشكيلها

أقــرب إلـى حكومة ثالثية الـــرؤوس، ما جعل الــحــمــ­دالــلــه يـــقـــدم اسـتـقـالـ­تـه بــعــد أسـبـوعـن من توليه املنصب، احتجاجًا على «تضارب الـــصـــا­لحـــيـــا­ت»، ثـــم تـــراجـــ­ع اعــــن االســتــق­ــالــة، وبـــقـــي الـــتـــض­ـــارب، أو االخـــتــ­ـالف فـــي أنــمــاط التفكير، وصوال إلى استقالة مصطفى نفسه بمبادرة منه في مارس/ آذار .2015 كانت لحظة استقالة الحكومة السابقة، قبيل لقاء موسكو للفصائل، مطلع الشهر الفائت (مـــــارس/ آذار)، مـــا أعــطــى انـطـبـاعـًا أن هـذا تمهيد لحكومة توافق وطني على خلفية ما يحدث في قطاع غزة، وقد عبر بيان استقالة مــحــمــد اشــتــيــ­ة ذاتـــــه عـــن هـــــذا، فــفــي مــقــدمــ­ة األسباب التي عبر عنها جاء أن قراره «يأتي على ضــوء املستجدات السياسية واألمنية واالقتصادي­ة املتعلقة بالعدوان على أهلنا في غزة». لـــكـــن الـــحـــك­ـــومـــة وهــــويــ­ــة رئـــيـــس­ـــهـــا وطــريــقـ­ـة تـعـيـيـنـ­هـا كـلـهـا لـــم تـعـكـس أي شــــيء يـجـري فـي غـــزة، فمصطفى مـرشـح منذ عــام ،2013 على األقـــل، وهــو مــن داخـــل «قـائـمـة الرئيس القصيرة» التي يعرفها املتابعون للمشهد الـــســـي­ـــاســـي الــفــلــ­ســطــيــن­ــي. وجــــــــ­اء ت طــريــقــ­ة تـشـكـيـل حــكــومــ­ة مــصــطــف­ــى، بـــقـــرا­ر الـرئـيـس واختياره، لتقطع الطريق على أي تكهنات أن هذه حكومة مختلفة، أو لديها فرص نجاح

مختلفة. لم يسبق تشكيل الحكومة توافقات دولية أو محلية، فال جدل بن الفصائل وال مـشـاورات، لالتفاق على برنامج وطني، وال مـفـاوضـات مـع إسـرائـيـل أو مـن يقف خلفها (الـــواليـ­ــات املــتــحـ­ـدة) لحلحلة األزمـــــ­ات التي كـانـت تخنق الحكومة السابقة، مثل إعــادة أمـــــــو­ال املــــقــ­ــاصــــة، أو الـــتـــو­صـــل إلـــــى تــرتــيــ­ب ملفات خالفية عـديـدة. وحتى داخــل «فتح» لــم يـتـسـرب أي شـــيء يـشـيـر إلـــى أن اخـتـيـار

مصطفى خضع لنقاش حقيقي داخل اللجنة املركزية للحركة. ... هــنــاك أربــــع أزمـــــات يـــجـــدر الـتـفـكـي­ـر فيها قـــبـــل تــشــكــي­ــل أي حـــكـــوم­ـــة، هــــل يـــجـــب فــعــال االستمرار في الفصل بن منصبي الرئيس ورئــــيــ­ــس الـــحـــك­ـــومـــة، أم يـــجـــب الــتــفــ­كــيــر فـي نــظــام جـــديـــد، إمــــا أن يــكــون رئــاســيـ­ـًا يجعل الرئيس رسميًا صاحب الصالحيات، وهو ذاتــــه رئــيــس الـحـكـومـ­ة وأن تــكــون الحكومة اختياره كما في الـواليـات املتحدة أو بلدان النظام الرئاسي، أو تصبح حكومة برملانية، رئــيــس الـــــوزر­اء فـيـهـا هــو األســـــا­س، شريطة شرعيته االنتخابية، وإلغاء منصب الرئيس أو االتفاق على رئيس بصالحيات محدودة كـــمـــا فــــي أنـــظـــم­ـــة بـــرملـــ­انـــيـــة كـــثـــيـ­ــرة. واألزمــــ­ــة الثانية هي أزمة العالقة بن منظمة التحرير والــســلـ­ـطــة الـــوطـــ­نـــيـــة. والـــثـــ­الـــثـــة أزمـــــة غــيـاب االنتخابات التشريعية والرئاسية وغياب مجلس وطني تـوافـقـي. والـرابـعـ­ة واألهـــم أن نظامًا سياسيًا طبيعيًا تحت االحتالل غير ممكن، وال بد أخـذ هـذا في االعتبار، وطنيًا وعبر موقف دولــي واضــح مـن هــذه املسألة، وكل هذه األزمات ال يمكن حلها من دون أطر وطـنــيــة جــامــعــ­ة، فـــي مـجـلـس وطــنــي جــديــد، ومجلس تشريعي منتخب.

الصالحيات السياسية واألمنية والتشريعية حاليًا بيد شخص واحد، الرئيس محمود عبّاس، الذي انتخب منذ نحو 20 عامًا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar