انهيار أجهزة الدفاع المدني واإلسعاف
مـنـذ الــســابــع مـــن أكــتــوبــر/ تـشـريـن األول املـــــاضـــــي، تـــعـــمـــد االحـــــتـــــال اإلســـرائـــيـــلـــي قـصـف واســتــهــداف أجــهــزة الـــدفـــاع املـدنـي واإلسعاف والـطـوارئ في غـزة، وإخراجها من الخدمة، رغم أنها كانت متهالكة أصا بسبب الحصار املستمر منذ 18 عامًا. إلى ذلـــك، قضى عـشـرات مـن العاملني فـي هذه األجهزة جراء القصف اإلسرائيلي الجوي واملدفعي، واالسـتـهـداف املركز طــوال فترة الحرب التي دخلت شهرها السابع، وفقد آخرون واعتقل البعض. وطـاولـت عمليات القصف املـراكـز التابعة لـــهـــذه األجــــهــــزة، مـــا أخــرجــهــا مـــن الـخـدمـة تمامًا، وأضعف قدراتها، كما جعلت هذه العمليات الحركة أمــرًا محفوفًا باملخاطر نتيجة عـــدم وجـــود أي اسـتـثـنـاء أو مكان آمـــن جــــراء الــقــصــف اإلســـرائـــيـــلـــي. وتجعل مشكات أخـرى مهمة العاملني في الدفاع املـــــدنـــــي واإلســـــــعـــــــاف والــــــــطــــــــوارئ، ســـــواء الحكومي أو التابع ملنظمة الهال األحمر الفلسطيني، صعبة، ال سيما في ما يتعلق بـتـوفـيـر الـــوقـــود فــي ظــل الــحــصــار املـشـدد املـفـروض على سكان القطاع منذ السابع مـــن أكـــتـــوبـــر. وتـــحـــولـــت الــــشــــوارع الــعــامــة وبـعـض املـــدارس إلــى مناطق عمل لجهاز الـــدفـــاع املــدنــي فــي ظــل اســتــهــداف غالبية املراكز التابعة له، رغم أن القانون الدولي يحميه خال الحروب. ووفــقــًا لـتـقـديـرات الـجـهـات الـحـكـومـيـة في غـــزة، اسـتـهـدف االحــتــال مـنـذ الـسـابـع من أكــتــوبــر 126 ســـيـــارة إســـعـــاف. وانـعـكـسـت هـــذه األضـــــرار سـلـبـًا عـلـى إنــقــاذ الـجـرحـى واملــــصــــابــــني، كـــمـــا رفـــــض االحــــتــــال مــــرات إدخــال معدات يستخدمها الـدفـاع املدني، وواصـــــــــــل اســـــتـــــهـــــداف الــــقــــطــــاع الـــصـــحـــي والــــتــــحــــريــــض عــــلــــى الــــــهــــــال األحــــــمــــــر أو الخدمات الطبية الحكومية في غزة. يقول املـــتـــحـــدث بـــاســـم الــــدفــــاع املــــدنــــي فــــي غـــزة محمود بصل، لـ«العربي الجديد»: «سقط 66 شـــهـــيـــدًا فــــي صــــفــــوف طــــواقــــم الــــدفــــاع املدني، وجـرح ،200 فقد بعضهم أطرافهم وبــاتــوا يحتاجون إلــى عــاج فـي الـخـارج، كما أن هناك إصابات خطرة». يضيف: «فـقـد الــدفــاع املـدنـي فـي غــزة منذ بداية الحرب ما بني 70 و08 في املائة من تجهيزاته امليدانية ومعداته، وقد تعرض بعضها لدمار جزئي أو كلي جراء استمرار عمليات القصف اإلسرائيلي بشكل مركز». ويشير إلى أن «أزمة الوقود تعتبر من أبرز الــتــحــديــات الــتــي يـواجـهـهـا جــهــاز الــدفــاع املدني خـال هـذه الحرب، إذ لم يتسلم أي
استهدف االحتالل منذ السابع من أكتوبر 126 سيارة إسعاف
لـيـتـر وقــــود جــــراء الــحــصــار الــــذي يفرضه االحـــتـــال، ولـــم تـنـقـل املــؤســســات الـدولـيـة أي كميات مـن الـوقـود لـه لتنفيذ مهمات. وحـالـيـًا تـوفـر بعض الجمعيات الخيرية أو األفــــراد القليل مــن الــوقــود للجهاز كي ينفذ مهمات ميدانية خال أوقات القصف ويــــتــــعــــامــــل مـــــع أشـــــخـــــاص عــــلــــقــــوا تــحــت األنــــقــــاض. ويــلــفــت بــصــل إلــــى أن «الـــدفـــاع املدني يضطر إلى تقليص حركة السيارات بـحـسـب املــهــمــات، فــــإذا كــانــت املـهـمـة التي جـــــرى اإلبـــــــاغ عــنــهــا تـــخـــص شــــهــــداء فـي املـنـزل أو املـكـان املستهدف ال يتحرك، أما فــي حـــال وجــــود عـالـقـني أو فــرصــة لنجاة شــخــص فــيــتــحــرك. وهـــــذه االسـتـراتـيـجـيـة تخالف العمل الفعلي للجهاز الـذي يجب أن يـــتـــحـــرك عـــنـــاصـــره فــــي كــــل املـــهـــمـــات». ويطالب بضرورة التدخل لتزويد الدفاع املدني بكل اإلمكانيات من مركبات ووقود فــي ظــل اســتــمــرار الــحــرب للشهر الـسـابـع على التوالي، في حني بات يمكن أن ينتهي وجود الجهاز بالكامل في ظل غياب الدعم وتعمد االحتال استهدافه. ويـــشـــيـــر إلـــــى أن ســـيـــارتـــني مــــن أصـــــل 10 ســـــيـــــارات لـــلـــدفـــاع املــــدنــــي تـــتـــحـــركـــان فـي محافظة غـزة وشمالي القطاع حاليًا، في حني ال يوجد إال مركز واحد فقط في مدينة
غزة وشمالها، ودمرت بقية املراكز. ويشير إلــــى أن االحــــتــــال تــعــمــد تــدمــيــر ســـيـــارات الـــدفـــاع املـــدنـــي ذات الــســلــم املـــرتـــفـــع، وهــي قليلة جدًا، وأيضًا صهاريج مياه كانت قد تبرعت بها قطر وتوفر كمية 15 ألف ليتر من املياه، أما بقية السيارات فمتهالكة. مـــــن جـــهـــتـــهـــا، تــــؤكــــد مـــــديـــــرة اإلعـــــــــام فــي الــهــال األحــمــر الفلسطيني نــبــال فـرسـخ، فــي حـديـثـهـا لـــ«الــعــربــي الــجــديــد»، خــروج 23 مركبة إسـعـاف عـن الخدمة منذ بداية الحرب على غزة، وتضرر 28 مركبة أخرى نتيجة االستهداف والقصف اإلسرائيلي. وتـقـول لـ«العربي الـجـديـد»: «استشهد 15 مـــن عــنــاصــر الـــهـــال األحـــمـــر الفلسطيني خال تنفيذ عمليات إنسانية مرتدين زيهم الــرســمــي الــــذي يـثـبـت أنــهــم طــواقــم للهال األحـمـر تعمل فـي املــيــدان، وهــو مـا يحميه الــقــانــون الـــدولـــي». وتـشـيـر إلـــى اسـتـهـداف 45 مــــركــــزًا لـــلـــهـــال األحــــمــــر الــفــلــســطــيــنــي فـــي غـــــزة، وخــــــروج مـسـتـشـفـيـي األمـــــل في مدينة خانيونس والقدس في مدينة غزة عــن الــخــدمــة بـشـكـل تــــام، وهــمــا الــوحــيــدان التابعان للهال في القطاع. وتوضح أن عدة مراكز إسعاف خرجت عن الخدمة بالكامل نتيجة استهداف االحتال اإلسرائيلي الطواقم على األرض، واعتقال 8 من عناصر املنظمة، بعضهم قبل أكثر من 100 يوم من دون أن تتوفر معلومات عنهم. وتـشـدد على أن استهداف مـراكـز اإلسعاف واملـــركـــبـــات الـتـابـعـة لـلـمـؤسـسـات الصحية يـــنـــعـــكـــس ســـلـــبـــًا عـــلـــى الــــخــــدمــــات املـــقـــدمـــة للمواطنني، ويجعل استمرارها أمرًا صعبًا للغاية فــي ضـــوء الـنـقـص الـشـديـد فــي عـدد املركبات، وتوقف املراكز الصحية عن العمل.