الخاصة... حصة روسيا محفوظة
الرجل األول بالنسبة لروسيا في سورية، وكان رأس الحربة في املعارك التي قادتها ضد قوات املعارضة السورية منذ عام 2015 وحـتـى الــوقــت الـحـالـي، ال سيما أن سهيل الحسن شكل «قوات النمر»، والتي أسسها مـــن جــهــاز املـــخـــابـــرات الــجــويــة عــــام ،2012 وبعدها غير اسمها إلـى «الفرقة 25 مهام خــاصــة» نـهـايـة أغـسـطـس/ آب 2019 لنزع صفة املليشيا عنها. ويأتي تعيني الحسن قائدًا للقوات الخاصة، الذي «كرمته» القوات الـــروســـيـــة ثــــالث مـــــرات فـــي ،2016 ،2017و ،2018و خلفًا للعميد مضر محمد حيدر، املقرب من إيران. وتعد القوات الخاصة إلى جــانــب قـــوات الــحــرس الـجـمـهـوري العمود الفقري للدفاع عن معاقل النظام ووجـوده فـــي مــحــيــط الــعــاصــمــة دمـــشـــق. ويـــبـــدو أن روســيــا تــحــاول إخــضــاع الـــقـــوات الـخـاصـة لــنــفــوذهــا مـــن خــــالل تـعـيـني الــحــســن قــائــدًا لها، ال سيما أنها من أبـرز القوات التابعة للنظام السوري العاملة تحت مظلة النفوذ اإليراني بعد «الفرقة الرابعة» التي يقودها مـــاهـــر األســـــد. وخــلــفــًا لـسـهـيـل حـــســـن، عــني الــنــظــام الـــســـوري الـــلـــواء صــالــح الـعـبـد الله قائدًا لـ«الفرقة 25 مهام خاصة». وذهـــــــب مـــتـــابـــعـــون لـــلـــوضـــع املــــيــــدانــــي فـي سورية إلـى أن تعيني سهيل الحسن يأتي تمهيدًا لعمليات عسكرية جديدة قد يقدم عليها النظام مدعومًا بـالـقـوات الروسية، ال سـيـمـا فــي إدلــــب ومحيطها الــتــي يــروج النظام ألحقية إعـادة السيطرة عليها. لكن آخرين يشيرون إلى أن زمن املعارك الكبرى في سياق الحرب السورية بات من املاضي، وأن الـــنـــظـــام يـــريـــد تـــرتـــيـــب أوراقــــــــه أمــنــيــًا وعسكريًا بعد ترهل واستنزاف طويل. ورأى الباحث في مركز «جسور للدراسات»، الـضـابـط الـسـابـق فــي قـــوات الــنــظــام، رشيد حوراني، أن «التعيينات للمناصب القيادية التي تجري في جيش النظام وفق القانون املتبع روتينية، نظرًا لبلوغ السن القانونية ألصــحــاب املـنـاصـب الـسـابـقـة». لكنه اعتبر أن الــالفــت فــي هـــذه الـتـعـيـيـنـات هــو تعيني سهيل الحسن على رأس الــقــوات الخاصة التي تعرضت خالل عامي 2012 2013و إلى تدمير األفواج التابعة لها تدميرًا كامال، ال سيما العربات غير املدرعة التي زودت بها آنذاك، وكان النظام قد زج بها في ذلك الوقت لرفع معنويات باقي الــوحــدات التي كانت تتكبد خسائر فادحة. وأضاف حوراني، في حديث لـ «العربي الجديد»، أنه «نظرًا لتشابه عـمـل الــقــوات الـخـاصـة مــن حـيـث اعتمادها على مجموعات املشاة مع ما شكلته روسيا الحقًا للفرقة 25 بقيادة سهيل الحسن يمكن القول إن روسيا تريد النهوض بتلك القوات الخاصة املدمرة على غرار تجربتها في بناء الـفـرقـة .25 ومـــن وجــهــة نـظـرهـا أن الحسن يمكنه أن يكرر التجربة ويتبع التعليمات الروسية في هذا املجال من خالل واحدة من
رشيد حوراني: موسكو تريد النهوض بالقوات الخاصة المدمرة درويش خليفة: الروس ربما يحّضرون هيكلية جديدة لجيش النظام
أكـبـر الــوحــدات العسكرية لجيش النظام». وأشــــار الــضــابــط املـنـشـق عــن قــــوات الـنـظـام إلى أن «األمر ذاته ينطبق على اللواء صالح العبد الله الذي جرى تعيينه خلفًا للحسن». لكنه لفت إلى أن «تعيني هذين الضابطني يــــدل مـــن جــهــة أخـــــرى عــلــى أحــــد أمـــريـــن أو كليهما، األول محاولة روسـيـا إعـــادة بناء جيش النظام (هيكلته) بناء على تجربتها فــي الـــوحـــدات الــتــي أنـشـأتـهـا، ونــجــاح تلك الوحدات في مهامها مثل الفرقتني 25 و03، والـثـانـي بــدء تفكيك بعض الــوحــدات التي انشأتها كالفرقة 03، كونها أقــل دعمًا من الفرقة 52، وشكلت أيضًا من متطوعني وفق نظام العقود». من جهته، قلل الباحث واملحلل السياسي درويــــــــش خـــلـــيـــفـــة، فــــي حــــديــــث لــــ «الـــعـــربـــي الجديد»، من أهمية تعيني سهيل الحسن قــــائــــدًا لـــلـــقـــوات الــــخــــاصــــة. وأشـــــــار إلـــــى أن «الــهــالــة اإلعــالمــيــة الــتــي سـوقـتـهـا الــقــوات الروسية في سورية حـول الضابط سهيل الــحــســن، بتسميته الــنــمــر، هـــي مـــا أعطته سـطـوة وقيمة معنوية لــدى جـنـوده وعند حـــاضـــنـــة الــــنــــظــــام، فــــاملــــعــــارك الــــتــــي تــكــون تــحــت قـــيـــادة الــحــســن يـــشـــارك فـيـهـا ســالح الجو واملدفعية ويتم دعمها بكل الوسائل املمكنة»، ما يجعلها تحقق نتائج بطبيعة الحال. واعتبر أن «نائب الحسن ملدة سبع سنوات، أي الضابط صالح العبد الله، هو القائد الحقيقي واألكـثـر تخصصًا، لكونه ضابط مشاة وهو أقدم منه بأربع دورات». وفـــــي قــــــــراءة لــلــتــعــيــني، اعـــتـــبـــر خــلــيــفــة أن «الـنـظـام قــام بتوجيه مـن الـقـوات الروسية بتعيني الـعـبـد لـلـه قــائــدًا للفرقة 25 والـتـي تتمركز في الشمال الـسـوري، ونقل سهيل الحسن إلى مقر قيادة القوات الخاصة في الــقــابــون (وســــط دمـــشـــق) بـمـنـصـب إداري، مـمـا يــــدل عـلـى أن الـــــروس قـــامـــوا بتجميد سهيل الحسن وإعـادتـه لوضعه الطبيعي بعيدًا عن اإلعــالم، وهـو ما يشير بشكل أو بـآخـر إلــى أن املــعــارك املـبـاشـرة فـي سورية تسير إلى نهايتها، وهذا مؤشر ربما يقود البالد لتغيير في الشكل اإلداري ورضـوخ الــروس عند مطالب عديدة تنادي بتحول سورية من دولـة شديدة املركزية إلى دولة فيدرالية». وال يعتقد خليفة أن «اإليرانيني مــهــتــمــون بـــكـــل هـــــذه الــــــقــــــرارات، فــالــحــرس الــــــثــــــوري واملـــلـــيـــشـــيـــات الـــتـــابـــعـــة لــلــنــظــام اإليــــرانــــي تـنـتـشـر أفــقــيــًا فـــي ســـوريـــة ولـهـا عيون في كل مقر عسكري لجيش النظام، وبالتالي فإن هذه االنتقاالت لن تؤثر على وجــودهــم مــن الـــداخـــل». وأضــــاف: «وحـدهـا الضربات االسرائيلية كفيلة بتغيير واقع الوجود واالنتشار اإليراني على الجغرافيا الـسـوريـة، وال مناص مـن الـقـول إن الــروس ربـــمـــا يــحــضــرون هـيـكـلـيـة جـــديـــدة لجيش النظام تتطور مع املتغيرات، لتسد مكان أي مليشيات تغادر سورية مستقبال». وتــتــألــف الـــقـــوات الــخــاصــة، ومــقــر قيادتها حي القابون في دمشق، من عدد من األفواج واأللوية التي تنتشر في معظم الجغرافيا الـــســـوريـــة. لــكــن أهــــم ألــويــتــهــا تــتــمــركــز في محيط دمشق. وتعتبر إلى جانب الحرس الــــجــــمــــهــــوري والــــفــــرقــــة الــــرابــــعــــة مـــــن أهـــم الـــوحـــدات املـعـنـيـة بـالـحـفــاظ عـلـى الـنـظـام. وشـــــاركـــــت الـــــقـــــوات الــــخــــاصــــة فــــي الـــحـــرب السورية من خـالل دخـول املحافظات املدن والـــبـــلـــدات، لـكـن بـشـكـل أقـــل مـــن غـيـرهـا من الوحدات، وعلى الرغم من ذلك تلقت خسائر فادحة في العديد والعتاد في معاركها ضد قوات املعارضة.