Al Araby Al Jadeed

إنريكو ماتي

وصف بـ«قيصر النفط» وما زالت سيرته حاضرة رغم رحيله منذ عقود طويلة، سواء في بلده إيطاليا أو العديد من الدول التي أبرمت شركة «إيني» العاملة في النفط والغاز التي أسسها صفقات مـعـهـا.. إنـــه «إنــريــكـ­ـو مــاتــي» الــذي تستحضر روما روحه

- الرباط ـ مصطفى قماس

«مـــن قـتـل إنـريـكـو مـــاتـــي؟».. ذلـــك ســـؤال مــا زال يطفو عــلــى الــســطــ­ح مــنــذ الــســابـ­ـع والــعــشـ­ـريــن مـــن أكــتــوبـ­ـر/ تشرين األول ،1962 عندما قضى رئيس شركة «إيني» اإليــطــا­لــيــة الــعــمــ­القــة إثــــر تــحــطــم طـــائـــر­ة كـــانـــت تـقـلـه بـصـحـبـة صــحــافــ­ي أمـــيـــر­كـــي. تــقــود الــشــكــ­وك وبـعـض الــقــرائ­ــن إلـــى الــعــديـ­ـد مـمـن كــانــوا يــــرون فــي مــبــادرا­تــه خطرًا عليهم، خاصة املافيا اإليطالية. ذلك ما ذهبت إلـيـه تحقيقات وتـقـاريـر ارتـــأت أن تحطم الـطـائـرة لم يكن سوى عملية إرهابية استهدفت الرجل الذي يرى اإليطاليون أنهم مدينون لـه بنهضتهم االقتصادية بعد الحرب العاملية الثانية. ســيــرة مــؤســس مـجـمـوعـة «إيـــنـــي» حــاضــرة بــقــوة في ذاكرة اإليطاليني وشعوب أخرى. هذا ما دفع جورجيا ميلوني، التي توصف بزعيمة اليمني املتطرف، إلى اإلعـــــا­لن مــنــذ تـكـريـسـه­ـا مـــن قــبــل الـــبـــر­ملـــان عــلــى رأس الحكومة اإليطالية، عن تطلعها إلى إعادة بعث «خطة ماتي» من أجل أفريقيا. فهي ترنو إلى أن يلعب بلدها دورًا حــاســمــ­ا فـــي عــبــور الــطــاقـ­ـة مـــن الـــقـــا­رة الــســمــ­راء إلــى أوروبـــا والـحـد مـن الهجرة غير الشرعية. تعتقد ميلوني أن االستثمارا­ت األوروبية في القارة السمراء ستتيح محاربة جـــذور الهجرة غير الشرعية، وهي تعتبر أن الجغرافيا، كما السياسية، تساعدان بلدها عـلـى املـسـاهـم­ـة فــي مــد الـجـسـور بــني أوروبــــا والــقــار­ة الــســمــ­راء. تحمل خطة ميلوني اســم «إنـريـكـو ماتي» مــؤســس مـجـمـوعـة «إيـــنـــي»، الـــذي كـــان وراء النهضة االقــتــص­ــاديــة إليـطـالـي­ـا بـعـد الــحــرب الـعـاملـي­ـة الـثـانـيـ­ة. فقد وصفته نيويورك تايمز في الستينيات من القرن املاضي باإليطالي األقوى منذ يوليوس قيصر. فقد تمكن في ظرف عقد ونصف من تأسيس «إيني» املتخصصة في الغاز والنفط في ،1953 حيث خطط ألن تنافس الشركة الكيانات السبعة األقوى في العالم في ذلك املجال. وهي شركات تحمل جنسيات إنكلترا والــواليـ­ـات املـتـحـدة األميركية وهـولـنـدا. رأى إنريكو النور في عام 1906 بالقرب من مدينة بيسارو، وكان والده شرطيا، ولم يكن إلنريكو حظ من التعليم، غير

أن خبرته دفعت اإليطاليني إلى وصفه بـ«املهندس». عمل في الصناعة، قبل أن يتولى أمر «إيني» اململوكة للدولة. ولـم يكن الرجل بعيدًا عن الحياة السياسية في بلده. فقد كان قريبا من الفاشيني دون أن يتورط معهم. كما كان قريبا من أحزاب اليمني واليسار، التي كـان يحرص على عالقاته معها كي يحقق حلمه في ضمان حضور قوي إليطاليا في سوق النفط والغاز. أتاح ماتي عبر «إيني» إليطاليا االنتقال من االقتصاد الزراعي إلى بلد صناعي يحظى بالتقدير في العديد من البلدان في الغرب والعالم الثالث، خاصة بعدما تبنت الشركة سياسة مناهضة لالستعمار وتصورًا يرنو إلى نوع من املساواة كما كان يتصورها ماتي. كــــان يــتــطــل­ــع مـــن وراء تــأســيــ­س تــلــك املــجــمـ­ـوعــة إلــى تأمني احتياجات بلده من النفط، قبل أن يتحول إلى العــب كبير فــي الــســوق الـعـاملـي­ـة. ذلــك بفضل إصـــراره واســـتـــ­حـــضـــار­ه ملــصــلــ­حــة بــــلــــ­ده. فـــقـــد دفـــعـــه ذلـــــك إلـــى زيــارة العديد من البلدان على منت طائرته الخاصة، حيث كان يمنحها شروطا مكنته من منافسة الكبار فـــي صــنــاعــ­ة الــنــفــ­ط والــــغــ­ــاز. لـــم يــكــتــف بــالــبــ­حــث عن استثمارات في البلدان املنتجة للنفط، بل ساهم في مساعدة بـلـدان غير نفطية على تـأمـني احتياجاتها من الطاقة، غير أنـه كي ينافس املجموعات العمالقة ويحصل على حصة في سوق الغاز كان يعمل بمبدأ «نستثمر جميعا ونتقاسم كل شيء». اقترح على الدول التي أبرم معها صفقات شراكة تقوم عـلـى مــبــدأ 50/50 عـــوض تـلـك الــتــي كــانــت تقترحها الــشــركـ­ـات الـعـاملـي­ـة .15/85 هـكـذا تمكنت «إيــنــي» من الـحـصـول على عـقـود للتنقيب عـن النفط والــغــاز في العديد من الدول مثل مصر وغانا والصومال وإيران واملغرب وتونس وليبيا واألرجنتني والهند. وعينها األكـبـر على أفريقيا حيث تعتبر أن الـجـزائـر ومصر وليبيا ستصبح البلدان الرئيسية املــوردة للغاز إلى إيطاليا فــي األعــــوا­م القليلة املقبلة. لــم يشأ الـدخـول في شراكة ثنائية مع فرنسا من أجل استغالل حقول نفط وغـاز في الجزائر قبل االستقالل. فقد كان يدرك أن التحرر من االستعمار، في الجزائر كما في مناطق أخرى، مسألة حتمية.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar