Al Araby Al Jadeed

في أن فن الحرب امتداد لفن الحب

- أحمد عمر

ّّ أشهرعبارة من عبارات فن الحرب أن الحرب امتداد للسياسة، مع العدو وليس مع الشعب كما في بلداننا الشماء، التي ال يعلو فيها صوت على صوت «املعلقة»، وهي تشبه عبارة إن املرأة نصف املجتمع، وكنت أظن أن الرئيس كل املجتمع، وأن الحرب امتداد للحب. السياسة قصر والحرب حديقته. تقول القصة: إن امللك الصيني هـووولـوو في مملكة تشي سمع بمهارة الجندي سون تزو التخطيطية، فأمره بتأليف كتاب في فنون القتال، فكتب له كتاب «فن الحرب»، وإن امللك سأله بعد قراءته: «هل يمكن اختبار الخطة التي وضعتها ميدانيًا على ربـات الحجال؟». أي ملك هذا الذي خطر في باله تجنيد «ذوات الخدور» في ذلك العهد القديم؟ تتابع القصة: إن سون تزو اختار 180 امرأة من جواري امللك (العدد ليس 04، وهذه

ّّ عالمة على صدق الرواية)، فقسمهن إلى فرقتي كما في الشطرنج، ثم أمرهن بأن يتسلحن بـالـحـراب، ثـم خاطبهن قـائـال: إنكن تعلمن الـفـرق بـي املقدمة واملـؤخـرة، وبي جهتي اليمي واليسار؟ ثم أمـر عليهن محظيتي من محظيات امللك، وأمرهن بإصدار أمر: إلى اليسار در، فانفجرت املجندات املسلحات بالضحك (يمكن تذكر فيلم «إسماعيل ياسي في الجيش» املأخوذ عن فيلم «شارلي شابلن في الجيش»، وأمثالهما كثير)، وأغلب الظن أنهن ضحكن ألن سهام ألحاظهن قاطعة في غمدها، وهي أمضى األسلحة، فلم الحراب والرماح، يا سو؟ أمـر سـون تـزو بإعدام قائدتي املجموعتي، فذهلن جميعًا، ألن عاقبة الضحك في تمرين املعركة هي اإلعدام .)!( كان امللك يراقب التدريبات من السدة امللكية، فوجد مـن إعـــدام أحسن جـواريـه وجــدًا شـديـدًا، فـأرسـل إلـى سـون تـزو قـائـال: «خــالص يا سون، فهمنا الدرس، وقد عفوت عن القطتي ولن يهنأ لي عيش من دونهما، فقلبي أصبح «ممرمر مما». لكن سون تزو اعتذر عن طاعة امللك، فهو القائد في املعركة، فهي حرب، وليس «خط جمبري»: «بتكليفكم لي قيادة قواتكم العسكرية، فإني اآلمر الناهي». أعـدم «املـقـرود» الغزالتي، أمـام امللك والنسوة املجندات، ففعل الــدرس أثره فيهن، وأمــر عليهن غزالتي جديدتي، وقـال للملك: «الجنديات على أتـم االستعداد للحرب، ولو أمرهن امللك بخوض البحر لخضنه معه». تقول القصة إن حزن امللك على ظبيتيه لم يبلغ التلف، فعنده ظباء وغـزالن كثيرة، لكنه حرد عن دعوة سون تزو لحضور العرض العسكري بمناسبة مجهولة، ليست الجلوس على العرش، وأمر بإسدال الستار على املسرحية الدامية، فقال سون تزو ساخرًا من ابن الشمس املقدس: «إن امللك ال يقرن األقوال باألفعال». ويبدو أن كلمته أثرت في امللك، فأمره قائدًا للجيوش، وأرسله ليحارب مملكة تشو املجاورة، فهزمها، وشـق طريقه إلى عاصمتها ينج، ثم إلى الشمال، فـزرع الخوف في مملكتي تشي وتشن، وقطف محصول سنبلة الخوف سبع سنابل، ونصرًا بعد نصر. تروي لنا املخطوطات الصينية كيف انتصر سون تزو بجيش قوامه 30 ألف جندي على جيش عدوه الذي كان قوامه مائتي ألف جندي، ال يعرفون جهة اليمي من جهة اليسار. مـن أشـهـر مـقـوالت ســون تـــزو: إن كـنـت تعلم قــدراتــك وقـــدرات عـــدوك، فخض مائة معركة، وإن كنت تجهل قدرات عدوك، فأبشر بطول سالمة يا جاكي شان. في هذه القصة قطائف (عسكرية وليس حلويات) ولطائف، وكنت أظن وأنا أطالعها أن سون تزو سيجند الجواري كنساءّ طـروادة، ويرسلهن إلى املعركة وهن بكامل زينتهن، ومــا أن يـراهـن فـرسـان الــعــدو، حتى يقعوا فـي حبالهن وتتكسر نصال الحسام على نصال الغرام، لكن القصة عسكرية خالصة، وفيها تدبير عسكري مكي، وإن ظني ذهب بعيدًا، ألن قلبي «محرحر مما»، وإن الدرس األول هو أن الحرب حتم وقضاء مبرم، فهي امتداد للحياة، أما الـدرس صفر، فهو: «ادعـس على قلبك بالجزمة، وليس لك إال الصبر».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar