Al Araby Al Jadeed

فرحة العيد في شوارع القاهرة رغم الظروف االقتصادية

يعيش المصريون ظروفًا اقتصادية صعبة وغالء ال يمنعهم من استقبال عيد الفطر، سواء من خالل إعداد الكعك على أنواعه في البيوت أو شرائه، فضًال عن طقوس أخرى منها شراء ثياب العيد

- القاهرة ـ العربي الجديد

بدأت الستينية سمية إعداد حلوى عيد الــفــطــ­ر مـــن كــعــك وبــســكــ­ويــت وغـــيـــر ذلــك خـال النصف الثاني من شهر رمضان، وهـــــذه عـــــادة ســنــويــ­ة وطـــقـــس احـتـفـالـ­ي ال غـنـى عــنــه. سـمـيـة أم وجــــدة لــعــدد من األحــفــا­د، تقطن فـي حـي املقطم وتصنع حلوى العيد وتوزعها على أبنائها في بيوتهم، وتبقي كمية في منزلها تقدمها عــلــى املــــائـ­ـــدة مـــع املـــشـــ­روبـــات الـسـاخـنـ­ة صبيحة يوم العيد. تصنع سمية حلوى الـــعـــي­ـــد بــــمــــ­هــــارة، مــســتــخ­ــدمــة املـــكـــ­ونـــات الطبيعية فقط. وعلى الرغم من التعب، تـرفـض بشكل قـاطـع شــراءهــا مـن محال الحلوى واملخابز. وتنخفض كلفة إعداد حلوى العيد في املنزل باملقارنة مع شراء عــلــب جـــاهـــز­ة. إال أن أكــثــر مـــا تـفـكـر فيه سمية هــو الـطـقـس االحـتـفـا­لـي السنوي والـــــجـ­ــــودة واملــــــ­ــذاق الــــخـــ­ـاص. وتــــتـــ­ـراوح أسـعـار الطحني فـي مصر بـني 35 ومائة جنيه (ما بني 70 سنتًا ودوالرين)، فيما يبدأ سعر كيلوغرام السمن البلدي من 180 أو 200 جنيه (حوالى أربع دوالرات) وصــــــــ­وال إلـــــى 750 جــنــيــه­ــا 15( دوالرًا أمـيـركـيـًا) لـذلـك الـنـيـوزي­ـلـنـدي. كـمـا يبدأ ســعــر كــيــلــو­غــرام الــســكــ­ر مـــن 27 جنيها (نـــحـــو نـــصـــف دوالر) ويـــرتـــ­فـــع بـحـسـب جودته وتوفره في األسواق، كذلك الحال مــــع الـــبـــي­ـــض والـــحـــ­لـــيـــب. وتــــقـــ­ـدر سـمـيـة سـعـر إعـــــداد نـحـو خـمـسـة كـيـلـوغـر­امـات مــــن الـــكـــع­ـــك وأربـــــع­ـــــة كـــيـــلـ­ــوغـــرام­ـــات مـن الـــبـــس­ـــكـــويـ­ــت وثــــاثــ­ــة كـــيـــلـ­ــوغـــرام­ـــات مـن الـبـيـتـي­ـفـور وكــيــلــ­وغــرامــن­ي مـــن الـغـريـبـ­ة بــحــوالـ­ـي ألـــف جـنـيـه (حـــوالـــ­ي 21 دوالرا أمــــيـــ­ـركــــيــ­ــا). وبــــخـــ­ـاف ســـمـــيـ­ــة، تــحــرص أسـر على شــراء حلوى العيد مـن املحال واملـــخــ­ـابـــز املــنــتـ­ـشــرة فـــي كـــافـــة األنـــحــ­ـاء، وبــأســعـ­ـار فـــي مــتــنــا­ول مـعـظـم الـطـبـقـا­ت االجـتـمـا­عـيـة. ويــبــدأ الـبـيـع مــن وزن ربـع كيلوغرام، على عكس الصناعة املنزلية الـتـي تستلزم إعـــداد كميات وتجهيزات وقــــــوا­لــــــب لـــلـــفـ­ــرن وغـــــيــ­ـــرهـــــ­ا. وتـــحـــر­ص الثاثينية أسماء، وهي أم عاملة لثاثة أطــــفـــ­ـال، عــلــى إدخــــــا­ل بــهــجــة الــعــيــ­د إلــى قلوب أبنائها وشراء كميات محددة من حلوى العيد لتكون على طاولة الطعام، وهــي عـــادة مصرية أصيلة فـي كـل عيد. تعمل أسماء سكرتيرة في عيادة طبيب متخصص في أمراض النساء والتوليد، وتـتـقـاضـ­ى ثــاثــة آالف جـنـيـه (نــحــو 64 دوالرا أميركيا)، بينما يعمل زوجها في متجر تصليح وصيانة هواتف محمولة وأجـهـزة خلوية، ما يعني أن دخله غير ثابت. لذلك، فإن شراء الحلوى الجاهزة هـــو الــبــديـ­ـل االقـــتــ­ـصـــادي املـــائــ­ـم لعائلة أســـمـــا­ء، بــــدال مـــن شــــراء الـسـمـن والـسـكـر والـطـحـني وبقية املـكـونـا­ت. وتـقـول إنها تشتري ربع كيلوغرام من كل صنف، أي الكعك والبسكويت والغريبة والبيتيفور، مــــن مــخــبــز مـــشـــهـ­ــور فــــي حــــي الـــزيـــ­تـــون، حـــيـــث تــعــيــش وتـــعـــم­ـــل. وتـــشـــي­ـــر إلـــــى أن أســــعـــ­ـاره اقـــتـــص­ـــاديـــة، تــــتــــ­راوح بـــني 150 200و جنيه لـلـكـيـلـ­وغـرام الــواحــد (نحو

أربــعــة دوالرات). لـــدى أســمــاء تفاصيل أخــــرى عــلــى عـاتـقـهـا مـــن أجــــل االحــتــف­ــال بعيد الفطر، وتحرص على شراء مابس وأحذية ألبنائها. تقول أسماء إنه ليس بـالـضـرور­ة أن تشتري ألبنائها الثاثة مـابـس وأحــذيــة جــديــدة كــل عـيـد، الفتة إلــى أنـهـا تكتفي بـشـراء حـــذاء جـديـد ملن يـحـتـاج واحــــدًا، والــحــال نفسه ينسحب على املـابـس. وتـوضـح أن األصـغـر سنًا يستفيدون من املابس التي تضيق على األكبر سنًا. شراء حلوى العيد الجاهزة لــيــســت فـــقـــط بــــديـــ­ـا اقـــتـــص­ـــاديـــًا لـبـعـض األســــر، بــل هــي أســاســيـ­ـة فــي بــيــوت غير املاهرات في إعداد املخبوزات واملعجنات والحلوى، كما تقول شاهيناز، وهي ربة بيت وأم لشابني تعيش في اإلسكندرية مع زوجها العميد في الجيش املصري. تشتري شاهيناز من محل تعد أسعاره مـرتـفـعـة لـلـغـايـة هـــذا الـــعـــا­م، إذ يــتــراوح سعر كـيـلـوغـر­ام الكعك بــني 1600 جنيه (نحو 33 دوالرًا) ويزيد إذا ما كان الكعك مـصـنـوعـًا مــن الــجــوز واملــلــن والـفـسـتـ­ق. كذلك الحال بالنسبة للحلويات األخرى. والـافـت أن بعض املتاجر الكبرى لبيع الــحــلــ­ويــات لـــجـــأت إلــــى نـــظـــام التقسيط مـنـذ أكــثــر مــن عــامــني. واألمــــر ال يتوقف فقط على شراء حلوى العيد باعتبارها

باهظة الثمن، لكن الحال نفسه ينطبق على مواسم دينية وأعياد محلية أخرى مـثـل حـلـوى املــولــد الـنـبـوي وشـوكـوالت­ـه األعـــيــ­ـاد واملــنــا­ســبــات وغــيــرهـ­ـا. بخاف تلك املتاجر الكبرى املنتشرة في غالبية املحافظات، فــإن املخابز املحلية تصنع أصــــنـــ­ـافــــًا مـــخـــتـ­ــلـــفـــ­ة مـــــن تــــلــــ­ك الـــحـــل­ـــوى وتــطــرحـ­ـهــا لـلـبـيـع مـعـظـم أوقـــــات الــعــام. كــمــا تـــوجـــد مــنــافــ­ذ بــيــع مــنــتــش­ــرة لـعـدد من الجهات الحكومية مثل منفذ وزارة الـــزراعـ­ــة بـحـي الــدقــي بـالـجـيـز­ة، ومنافذ أمــان التابعة لـــوزارة الداخلية املصرية، الــتــي تــطــرح مـنـتـجـات وسـلـعـا مخفضة طــوال العام من لحوم ودواجـــن وأسماك وغــيــرهـ­ـا. وفـــي املـحـافـظ­ـات املــصــري­ــة، ال يـقـتـصـر اســتــقــ­بــال األعــــيـ­ـــاد عــلــى إعــــداد الــحــلــ­وى واملــــأك­ــــوالت فــقــط، لـكـن مظاهر االحــــتـ­ـــفــــال تـــظـــهـ­ــر فــــي الـــــشــ­ـــوارع وعــلــى املـــبـــ­انـــي واملـــجــ­ـمـــعـــا­ت الــســكــ­نــيــة. وبـــــادر أطفال وشباب أحياء شعبية في الزيتون وشبرا والعجوزة وغيرها في محافظتي القاهرة والجيزة، إلى تعليق زينة العيد، وهي عبارة عن أوراق ملونة وقصاصات بــاســتــ­يــكــيــة المـــعـــ­ة تــمــتــد بـــني املــبــان­ــي، وكـــذلـــ­ك الـــحـــا­ل عــلــى بــــوابــ­ــات الـــعـــم­ـــارات ومــــداخـ­ـــل الــشــقــ­ق والـــــشـ­ــــوارع الــداخــل­ــيــة واألزقة والحارات.

 ?? )Getty( ?? ال غنى عن كعك العيد في المحال
)Getty( ال غنى عن كعك العيد في المحال
 ?? (العربي الجديد) ?? حلويات العيد المنزلية
(العربي الجديد) حلويات العيد المنزلية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar