Al Araby Al Jadeed

توظيف «داعش»

- عبسي سميسم

رغم كل الجهود الدولية التي تبذل في محاربة تنظيم الدولة اإلسالمية (داعش)، سواء من التحالف الدولي الذي أسس خصيصًا ملحاربة التنظيم أو من القوى املحلية التي تستخدم كقوى على األرض للقضاء عليه، فقد أعلن التنظيم أول أمس الجمعة عن 15 عملية نفذها خالل األسبوعني اللذين سبقا اإلعالن. كذلك أعلن تنفيذه 21 عملية خالل األيام العشرة األخيرة من شهر رمضان، في مؤشر على تنامي قوة التنظيم وقدراته على تنفيذ هجمات على تخوم البادية السورية تستهدف، في املرحلة الحالية، «قوات سوريا الديمقراطي­ة» (قسد) وقوات النظام. ولم تتمكن األخيرة أو حتى «قسد» أو القوات الدولية التي تدعمهما من القضاء نهائيًا على هذا التنظيم الذي ينحصر وجوده ضمن منطقة صحراوية. مع العلم أنه يمكن القضاء على عناصر التنظيم في املنطقة بسهولة، رغم اتساع مساحتها، كونها في معظمها منطقة مكشوفة ويسهل استهدافها، ويصعب تأمني املوارد إليها في حال إحكام حصارها، وألن القوى التي تحارب التنظيم مدعومة من قوى عظمى، (النظام تدعمه الطائرات الروسية، و«قسد» يدعمها تحالف من 86 دولة بزعامة الواليات املتحدة، بميزانية تصل إلى مئات ماليني الدوالرات). وعلى الرغم من تسويق كل القوى الخطر الذي يشكله «داعش» على املنطقة والعالم، إال أن الواقع يشي بأن وجود هذا التنظيم يشكل ضرورة لكل القوى التي تحاربه. وعلى مستوى دول التحالف الدولي، تكمن ضرورة وجود «داعش» في االستخدام السياسي لهذه الحرب من مسؤولي تلك الدول في حمالتهم االنتخابية وتسويق أنفسهم محاربني لإلرهاب أمام جمهورهم. كما أن روسيا تنافس الواليات املتحدة في تصدير نفسها محاربًا لإلرهاب، كما أنها تستغل التنظيم في تعويم النظام السوري دوليًا من خالل فرضه شريكًا في محاربة اإلرهاب. إال أن املصلحة الكبرى في بقاء التنظيم هي للقوى املحلية التي تحاربه، فبالنسبة لـ «قسد»، استمرار وجودها أصال مرتبط بوجود «داعش»، كونها أسست ملحاربته. و«قسد» تستخدم وجود التنظيم البتزاز الغرب واستمرار دعم وجودها، كما تستخدم عمليات «داعش» لتأمني استمرار تمويلها. ويستفيد النظام السوري من وجود التنظيم في تأهيل نفسه دوليًا من خالل تسويق نفسه محاربًا لإلرهاب، كما يستخدم التنظيم في تخويف السكان في مناطق سيطرته، وخصوصًا األقليات وإفهامهم أن بديل النظام هو تلك التنظيمات.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar