Al Araby Al Jadeed

مصانع األغذية تعاني من اإلغراق

- صنعاء ـ محمد راجح

تعاني مصانع األغــذيــ­ة فــي اليمن من إغـــراق األســـواق باملنتجات املستوردة مــــن قـــبـــل طـــبـــقـ­ــة الـــتـــج­ـــار الــــجـــ­ـدد الــتــي تشكلت فــي الـسـنـوات األخـــيــ­ـرة، والـتـي يـــقـــول مــحــلــل­ــون إنـــهـــا لــقــيــت دعـــمـــا من السلطات في الوقت الذي مزق الصراع الباد منذ نحو تسع سنوات. ويشكو املصنعون من ارتفاع تكاليف اإلنـــــت­ـــــاج وصــــعـــ­ـوبــــة مـــنـــاف­ـــســـة املــنــتـ­ـج املحلي للسلع املــســتـ­ـوردة، السيما مع املنتجات املهربة. وباتت السلطات في صـنـعـاء تـــدرك تــداعــيـ­ـات اســتــمــ­رار هـذا األمـــــر، األمـــــر الـــــذي دعـــاهـــ­ا إلــــى دراســــة الـــعـــد­يـــد مــــن الــــخـــ­ـيــــارات واملـــقــ­ـتـــرحـــ­ات والبرامج والخطط إلنعاش الصناعات الــغــذائ­ــيــة، وفـــق مــســؤولـ­ـني فــي الـقـطـاع الــخــاص. وقـــال عـــادل الــخــوال­نــي، مدير قــطــاع الـصـنـاعـ­ة فــي الــغــرفـ­ـة الـتـجـاري­ـة والصناعية املركزية بأمانة العاصمة صــــنــــ­عــــاء، لـــــ«الــــعـــ­ـربــــي الـــــجــ­ـــديـــــ­د»، إن وضـعـيـة الـصـنـاعـ­ات الـغـذائـي­ـة املحلية تـــتـــطـ­ــلـــب الــــبـــ­ـحــــث عــــــن حـــــلـــ­ــول فـــاعـــل­ـــة لدعمها وتـطـويـر قــدراتــه­ــا التنافسية فــــي األســــــ­ــواق فــــي ظــــل مــــا تـــشـــهـ­ــده مـن إغـــــراق واســــع لـلـمـنـتـ­جـات املـــســـ­تـــوردة، لـذا يتم التعويل على القطاع الـزراعـي للقيام بهذه املهمة وتوفير احتياجات األسواق املحلية والقطاعات الصناعية اليمنية من املواد األولية. واســـــــ­ــتـــــــ­ــعـــــــ­ــرض اجــــــــ­تــــــــم­ــــــــاع مـــــشـــ­ــتـــــرك عــــقــــ­ده فـــاعـــل­ـــون فــــي الـــقـــط­ـــاع الـــخـــا­ص ومسؤولون في صنعاء، مطلع إبريل/ نيسان الــجــاري، إعـــادة تشغيل مجمع عــــــام لـــلـــصـ­ــنـــاعــ­ـات الــــغـــ­ـذائــــيـ­ـــة وخـــطـــط توسيع إنـتـاج البقوليات وغيرها من املنتجات. كما تم التأكيد على األهمية االقـــتــ­ـصـــاديــ­ـة لـــبـــدء مــصــانــ­ع الـعـصـائـ­ر واملواد الغذائية باستخدام املواد الخام املـحـلـيـ­ة، ومـــا تعكسه مــن أثـــر إيجابي

فــــي األنـــشــ­ـطـــة الــــزراع­ــــيــــة والــصــنـ­ـاعــيــة والتجارية، وبما يسهم في خلق فرص عمل إضافية ويعزز االقتصاد الوطني. لــكــن الــبــاحـ­ـث االقـــتــ­ـصـــادي عـبـدالـكـ­ريـم الــــســـ­ـفــــيـــ­ـانــــي قـــــــــ­ــال، فـــــــي تــــصــــ­ريــــحـــ­ـات لـــــ«الــــعـــ­ـربــــي الـــــجــ­ـــديـــــ­د»، إن «اإلغــــــ­ـــراق جــــزء مـــن الــســيــ­اســات املــشــبـ­ـوهــة الـتـي تمارسها بعض الجهات املسنودة من السلطات الحاكمة في اليمن، في إطار مــســاعــ­يــهــا إلحـــــال وفـــــرض االقــتــص­ــاد املــــــو­ازي الـــخـــا­ص بــهــا، إذ تـسـعـى هــذه السلطات إلى دعم ومساندة مجموعة من التجار املحسوبني عليها واملوالني لها على حساب اإلخـال باملنافسة في الـسـوق املحلي، وتأثير ذلــك على رأس املــــال الــوطــنـ­ـي الــــذي يـــواجـــ­ه سـيـاسـات مجحفة تعمل على استنزافه وإنهاكه بـشـكـل كــبــيــر». ويــعــد قــطــاع الـصـنـاعـ­ة أحـــد أهـــم املـــرتــ­ـكـــزات األســاســ­يــة للنمو االقــتــص­ــادي فــي الــيــمــ­ن، كــونــه مــن أهـم القطاعات اإلنتاجية القادرة على خلق فـــرص الـعـمـل والــحــد مــن الـبـطـالـ­ة، كما يمثل ركيزة أساسية لتوسيع القاعدة اإلنتاجية وزيادة الدخل. وقــال محمد قحطان، أسـتـاذ االقتصاد فـي جامعة تعز لـ«العربي الجديد» إن ارتـفـاع تكاليف اإلنـتـاج أضعف القدرة التنافسية ملنتجات القطاع الصناعي اليمني أمام املنتجات املستوردة، إذ أن السوق اليمنية مفتوحة لكافة الواردات دون أي ضـــــوابـ­ــــط، فـــضـــا عــــن تــنــامــ­ي التهريب وســط انهيار الـدولـة وضعف القدرات األمنية الخاصة بمكافحة هذه الــظــاهـ­ـرة. وأضــــاف قـحـطـان أن: «ال أمـل فـــي مــواجــهـ­ـة مـشـاكـل اإلنـــتــ­ـاج طــاملــا أن الـصـراع مستمر والبلد مـهـددة باملزيد مـــن الـــتـــد­هـــور والــتــقـ­ـســيــم». وأشـــــار إلــى أن الـصـنـاعـ­ات التحويلية تلعب دورًا مــــحــــ­دودًا فــيــمــا يـتـعـلـق بــتــوفــ­يــر فــرص الـعـمـل ومــواجــه­ــة الـبـطـالـ­ة، حـيـث شهد هـذا القطاع تدهورًا كبيرًا مع استمرار الحرب وتعاظم حالة الركود التضخمي الذي تعاني منه األنشطة االقتصادية، ومـــــن أهـــمـــه­ـــا الـــنـــش­ـــاط الـــصـــن­ـــاعـــي. فـي السياق، يستخدم اليمن أقل من نصف أراضـــــي­ـــــه الـــصـــا­لـــحـــة لــــلــــ­زراعــــة إلنـــتـــ­اج الـغـذاء، بالرغم من أن %34 من أراضيه تـــعـــد أراضـــــي زراعــــيـ­ـــة، إال أن الـغـالـبـ­يـة الـــعـــظ­ـــمـــى مـــــن هـــــــذه األراضــــ­ـــــــي عــــبــــ­ارة عــــن مـــــــرا­ع، فــــي حــــني ال يـــزيـــد إجــمــالـ­ـي األراضي املستصلحة للزراعة على .%3 ومـــع ارتــفــاع األصــــوا­ت الـتـي تـدعـو إلـى توحيد جـهـود الجميع لانتقال نحو الصناعات املعتمدة على املـــواد الخام املحلية خصوصا الزراعية، يشدد خبراء فــي الـقـطـاع الــخــاص ومــســؤول­ــون على أهـمـيـة إعــــداد دراســـــا­ت بــشــأن مستوى تغطية احتياجات مصانع األغذية من املــــواد الــخــام املـحـلـيـ­ة مــع الـحـفـاظ على مستوى الصادرات الزراعية وما تمثله من أهمية لاقتصاد الوطني. وقــــــــ­ــال أحـــــمــ­ـــد حــــســــ­ن الـــــطــ­ـــيـــــا­ر، مـــديـــر االتصال واإلعــام في الغرفة التجارية والصناعية املركزية في أمانة صنعاء لــ«الـعـربـي الــجــديـ­ـد»، إن هـنـاك مصانع تـابـعـة للقطاع الــخــاص وأخــــرى تابعة لـلـقـطـاع الــحــكــ­ومــي الـــعـــا­م، إذ أن هـنـاك توجها إلعادة إحياء املصانع الغذائية الــــعـــ­ـامــــة املـــتـــ­عـــثـــرة بــــهــــ­دف اســـتـــي­ـــعـــاب املـنـتـجـ­ات الــزراعــ­يــة املـحـلـيـ­ة، إذ يشمل ذلك بعض املصانع التي تنتج «معجون الطماطم» والبقوليات بعد تأمني املواد الخام الزراعية، حيث يمثل ذلك أهمية بـالـغـة يستفيد منها املـــزارع­ـــون الـذيـن ال يــســتــط­ــيــعــون تـــســـوي­ـــق مــنــتــج­ــاتــهــم وخـــــســ­ـــارتــــ­ـهـــــم الــــــفـ­ـــــادحــ­ــــة جـــــــــ­ـراء ذلــــــك. ويــلــفــ­ت إلــــى أهــمــيــ­ة تــحــويــ­ل املـنـتـجـ­ات واملــحــا­صــيــل الـــزراعـ­ــيـــة إلــــى مـــــواد خــام بـــدال مـن اسـتـيـراد­هـا فـي ظـل الوضعية الراهنة لـألسـواق املحلية حيث تعاني مــــن اإلغــــــ­ـــراق ومـــــا يــشــكــل­ــه مــــن تــهــديــ­د حقيقي للمنتج الوطني.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar