االنسحاب من العراق خارج حسابات اإلدارة األميركية حاليًا
كشفت تصريحات رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في واشنطن والبيان المشترك أن الوجود األميركي العسكري في العراق مستمر، مع اتفاق العراق وأميركا على «االنتقال بطريقة منظمة إلى شراكات أمنية ثنائية دائمة»
لم تحسم زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن، واجتماعاته مـــع املـــســـؤولـــن األمـــيـــركـــيـــن، مــلــف الـــوجـــود األمـيـركـي فــي الــبــالد. وتنتهي زيــــارة شياع الـــســـودانـــي، إلــــى واشـــنـــطـــن، غــــدًا الـخـمـيـس، بـــعـــدمـــا تــخــلــلــتــهــا لـــــقـــــاءات مـــــع مـــســـؤولـــن أمــــيــــركــــيــــن، أبـــــرزهـــــم الــــرئــــيــــس جـــــو بـــايـــدن ووزيـــــر خـارجـيـتـه أنــتــونــي بـلـيـنـكـن، ووزيـــر الدفاع لويد أوســن. وبالرغم من التوقعات والرسائل اإلعالمية التي أطلقها السوداني واألحـــــــــزاب الـــداعـــمـــة لــــه فــــي الـــــعـــــراق، ضـمـن تحالف اإلطـــار التنسيقي، بـشـأن فتح ملف خــروج الـقـوات األجنبية مـن الـعـراق، وإنهاء الــوجــود الـعـسـكـري األمــيــركــي، ورســـم عالقة جديدة مع الواليات املتحدة، إال أن هذا امللف لــم يشهد أي مـخـرجـات حـاسـمـة، بــل تحدث الـــســـودانـــي مـــع بـــايـــدن عـــن عــالقــة مـسـتـدامـة على األصـعـدة كـافـة. وأكــد بيان مشترك عن الرئاسة األميركية ورئاسة الوزراء العراقية، أن بـــــايـــــدن والـــــســـــودانـــــي نـــاقـــشـــا «الـــتـــطـــور الطبيعي للتحالف الــدولــي ضـد داعـــش في ضـــوء الـتـقـدم الكبير الـــذي تــم إحــــرازه خـالل عــشــر ســــنــــوات»، وأبـــــــرزا الـــحـــاجـــة إلــــى أخــذ عـــوامـــل عــــدة فـــي االعـــتـــبـــار مــنــهــا «الــتــهــديــد املــســتــمــر» لــلــمــتــشــدديــن، خــصــوصــًا تنظيم «داعــش»، ودعم الحكومة العراقية «وتعزيز قــــــــدرات قـــــــوات األمـــــــن الــــعــــراقــــيــــة». وأضــــــاف الــبــيــان: «أكــــد الــرئــيــســان أنـهـمـا سـيـراجـعـان هـذه العوامل لتحديد متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق، واالنتقال بطريقة منظمة إلــى شــراكــات أمنية ثنائية دائـــمـــة، وفـــقـــًا لــلــدســتــور الـــعـــراقـــي واتــفــاقــيــة اإلطــار االستراتيجي بن الـعـراق والـواليـات املتحدة». كما لم يتم التطرق للموضوع في البيان املشترك للجنة التنسيقية العليا بن العراق والـواليـات املتحدة، والــذي أشـار إلى أن بـغـداد وواشـنـطـن وقعتا مــذكــرات تفاهم جـــديـــدة ملـعـالـجـة الـــغـــاز املــحــتــرق وتـحـويـلـه إلـــى كــهــربــاء، وصــــوال إلـــى تحقيق االكـتـفـاء الذاتي من الطاقة بحلول عام .2030 كما أكد الجانبان على استئناف صادرات النفط عبر خط األنابيب العراقي التركي. وأعـــلـــن الـــســـودانـــي، خــــالل لــقــائــه بـــايـــدن في البيت األبيض أمـس األول االثـنـن، االنتقال مـن العالقة العسكرية إلــى الـشـراكـة الكاملة مــع واشــنــطــن. وأشــــار إلـــى أن «الـــحـــرب على داعـــــش كـــانـــت أســـــاس الـــتـــعـــاون بـــن الـــعـــراق والــــــــواليــــــــات املـــــتـــــحـــــدة، وأن الــــنــــصــــر عــلــى داعـــش مـهـم، وتحقق بتضحيات العراقين ودعــــم األصــــدقــــاء»، مـعـتـبـرًا أن «الـــعـــراق في طـــور الـتـعـافـي ويـشـهـد تنمية فــي املـشـاريـع الـــخـــدمـــيـــة. ســنــنــاقــش الـــشـــراكـــة املــســتــدامــة عـلـى أســـاس اتـفـاقـيـة اإلطــــار االسـتـراتـيـجـي، وحكومتي جـــادة فـي تنفيذ هــذه االتفاقية، ووجـــــــــــودي فـــــي واشــــنــــطــــن يـــحـــمـــل الـــرغـــبـــة بالنهوض بواقع العراق وتوفير الخدمات». وأكــــد الـــتـــزام حـكـومـتـه «بــمــخــرجــات اللجنة الـتـنـسـيـقـيـة الــعــلــيــا بـــن الـــعـــراق والـــواليـــات املتحدة (اللجنة العسكرية التي تعمل على مراجعة وتقييم مهمة التحالف الدولي في الــــعــــراق)»، مـــجـــددًا فـــي الـــوقـــت نـفـسـه الــتــزام حكومته بـ«حماية البعثات الدبلوماسية». وعلى هامش زيــارة الـسـودانـي، قالت وزارة
أشار البيان المشترك إلى تعزيز قدرات قوات األمن العراقية الـــدفـــاع األمــيــركــيــة (الــبــنــتــاغــون)، فـــي بــيــان، إن وزارة الـخـارجـيـة األمـيـركـيـة وافــقــت على إمكانية إتمام عملية بيع بقيمة 140 مليون دوالر للدعم اللوجستي والتدريب ملتعاقدي الـــطـــائـــرات واملــــعــــدات ذات الــصــلــة بــالــعــراق. وأضافت أن التدريب والدعم ينطبقان على أســطــول الــطــائــرات الـعـراقـيـة مــن طـــراز «سـي »172 و «إيه سي/آر سي .»208 وقـــــال مـــصـــدر رفـــيـــع ضــمــن الـــوفـــد الــعــراقــي املرافق للسوداني في واشنطن، إن «اللقاء ات الـتـي عقدها الـوفـد كـانـت صريحة وشملت مـــلـــفـــات كـــثـــيـــرة تــتــعــلــق بـــالـــشـــأن الـــعـــراقـــي، مـنـهـا األوضــــــاع األمــنــيــة وداعــــــش، ونــشــاط الـــجـــمـــاعـــات املــســلــحــة املـــدعـــومـــة مـــن إيـــــران، والعالقة بن بغداد وأربيل، ووضع الحريات وحــقــوق اإلنـــســـان، ومـلـفـات أخـــرى عــديــدة». وأضـــــاف املـــصـــدر، لـــ«الــعــربــي الـــجـــديـــد»، أن «حوارات جانبية كثيرة جرت بن املسؤولن العراقين واألميركين بخصوص العقوبات األميركية على املـصـارف األهلية العراقية، وما أسفرت عنه من شلل في حركة التعامل الــــنــــقــــدي لـــــــدى الــــتــــجــــار وأربــــــكــــــت الــــوضــــع االقـــتـــصـــادي والـــتـــجـــاري وتـــراجـــع فـــي قيمة الدينار العراقي، وأن املسؤولن األميركين كــانــوا صـريـحـن جـــدًا، واعــتــبــروا أن الـهـدف من هذه العقوبات، مواجهة إيران والتعامل معها ومنع إسعافها بــالــدوالر األمـيـركـي». وتــابــع املــصــدر الـــذي طـلـب عـــدم الـكـشـف عن اسمه، أن «السوداني قدم نفسه خالل لقاء اته الرسمية على أنـه حاصل على قبول ودعـم كل املكونات السياسية العراقية في زيارته الـحـالـيـة، كـمـا شـــدد عـلـى أن حـكـومـتـه تقف على مسافة واحدة من الصراعات اإلقليمية فــي املــنــطــقــة»، مــؤكــدًا أن «الــلــقــاء األهــــم كـان
مــــع وزراء الـــخـــارجـــيـــة والـــــدفـــــاع والـــخـــزانـــة األميركين، ومستشار األمن القومي، وغرفة التجارة األميركية، واملسؤولن في الشركات الـــنـــفـــطـــيـــة والـــصـــنـــاعـــيـــة، لـــتـــأســـيـــس عــالقــة جـــديـــدة ومـتـيـنـة واســتــراتــيــجــيــة مـسـتـدامـة لتعزيز االقتصاد العراقي، وتحويل العالقة من واشنطن والتحالف الدولي من عسكرية إلى أمنية، مع ضمان حفظ األمن في البالد واالحــــتــــرام املـــتـــبـــادل». وحــــول املــلــف األكــثــر أهـمـيـة، وهـــو الـــوجـــود الـعـسـكـري األمـيـركـي فـــي الــــعــــراق، قــــال املـــصـــدر إن «الــتــفــاهــمــات أفــــضــــت إلـــــــى مــــواصــــلــــة الـــــدعـــــم األمــــيــــركــــي الــعــســكــري واألمــــنــــي لـــلـــعـــراق تــحــت عــنــوان الـشـراكـة الثنائية بـن الـبـلـديـن، وتـــرك ملف التحالف الدولي ومتى يمكن فضه للقيادات العسكرية، واملراجعة الدورية، ما يعني عدم حــســم مــلــف الـــوجـــود الــعــســكــري األمــيــركــي، واألمـيـركـيـن غير راغـبـن بالتحدث عـن أي انـــســـحـــاب حـــالـــيـــًا». وقـــــال املــســتــشــار املــالــي لـــرئـــيـــس الـــــــــــوزراء الــــعــــراقــــي مـــظـــهـــر مـحـمـد صـــالـــح، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، إن «الـــعـــراق يرتبط مع الواليات املتحدة باتفاقية اإلطار االستراتيجي املوقعة في ،2008 وإن الوفد العراقي يسعى في حواراته إلى تفعيل بنود هذه االتفاقية بعدما تمكنت الحكومة خالل عـــام ونــصــف الــعــام مــن تـوفـيـر الـبـيـئـة ألداء العمل وتطبيق املشاريع والخطط والفرص، ال سيما فـي قطاع الطاقة املتجددة والغاز والتكنولوجيا ومجاالت النقل واالتصاالت والزراعة واالستثمار في املوارد الطبيعية». مــــن جـــهـــتـــه، اعـــتـــبـــر الــــقــــيــــادي فــــي تــحــالــف «اإلطــــار التنسيقي»، والـنـائـب فــي البرملان عــــامــــر الــــفــــايــــز، أن «الــــــزيــــــارة ســـتـــكـــون لـهـا نـتـائـج إيـجـابـيـة وجــيــدة بالنسبة لـلـعـراق، على املستويات كافة، بما فيها العسكرية واألمـنـيـة، ومنها مـا يمكن اعـتـبـاره حسمًا إلشــكــالــيــات الـــوجـــود الــعــســكــري األمــيــركــي فــي الـــعـــراق»، مــشــيــرًا، لـــ»الــعــربــي الــجــديــد»، إلـــى «سـعـي الــســودانــي والــوفــد املــرافــق إلـى اسـتـعـادة قيمة الـديـنـار الـعـراقـي، والنقاش حـول املصارف العراقية بما يضمن إيجاد الحلول الخاصة بوضعها املستقبلي».