مياه الشرب ناقصة في صيف المغرب المقبل
يخشى سكان مناطق عدة في المغرب صعوبة الحصول على مياه الشرب خالل الصيف المقبل بسبب خطورة الوضع المائي الحالي الناتج من تزايد الطلب، في وقت تتعرّض الموارد المتاحة لضغوط كبيرة تفرض ترشيد االستهالك واتخاذ تدابير أخرى
يقلق شبح العطش كثيرين في املغرب، وزاده أخيرًا قطع املـيـاه الصالحة للشرب عـن مناطق عـــدة، ما ينذر بـأزمـة كبيرة فـي فصل الصيف املقبل وسط ضــعــف مـــخـــزون املـــيـــاه فـــي الــــســــدود. وانــخــفــضــت مستويات املياه في السدود في شكل خطير، بتأثير حال الجفاف التي تعيشها الباد للسنة السادسة على التوالي. وأفادت معلومات رسمية بأن السدود ممتلئة بنسبة %26.55 من إجمالي سعتها، وتضم احتياطات تقدر بـ2.4 مليارات متر مكعب، في وقت إن نـسـبـة امــتــائــهــا كــانــت %34.8 الـــعـــام املــاضــي، وضمت 5.6 مليارات متر مكعب من املياه. وفي 18 مارس/ آذار املاضي انقطعت مياه الشرب نحو 24 ساعة عن مدينة مراكش، قبل أن تعلن فرق الوكالة املستقلة لتوزيع املـاء والكهرباء أن فرقها عالجت أضـــــرارًا تقنية تسببت فــي انــقــطــاع مــيــاه الــشــرب، وأعادت توزيعها على األحياء املتأثرة. وشهدت مدينة آسفي (غــرب) انقطاعات متكررة ملياه الـشـرب استمرت سـاعـات طويلة يوميا في األســابــيـع املـاضــيـة، وأيــضــا ضـعـف تــوزيــع املـيـاه عـلـى أحــيــاء أخــــرى خـــال األســابــيــع املــاضــيــة، ما أغضب املـواطـنـن. وفــي فـبـرايـر/ شباط املاضي، انقطعت املـيـاه عـن عـدة أحـيـاء فـي مدينة سطات (وســـــط) نـتـيـجـة إجـــــــراءات اعـتـمـدتـهـا الـسـلـطـات املـــحـــلـــيـــة لـــتـــرشـــيـــد االســـــتـــــهـــــاك، بـــيـــنـــهـــا خـفـض الكميات املوزعة أو حتى قطعها بالكامل أحيانا. واسـتـعـانـت هــذه السلطات ملـحـاولـة حــل املشكلة بــصــهــاريــج مـتـنـقـلـة وزعـــــت املـــيـــاه عــلــى مـنـاطـق عدة، والتي تناوب عليها السكان للتزود باملادة الـحـيـويـة، مــا شــكــل وضــعــا مـسـتـجـدًا لــم يتخيله مغاربة كثيرون حتى عهد قريب. ويعد املغرب من بن البلدان التي تواجه شحا كبيرًا في كميات مياه الشرب، وهو يقترب، بحسب البنك الدولي، بسرعة من الحد املطلق لندرة املياه البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويا. ووفق البنك األفريقي للتنمية، يعاني املغرب من جفاف للعام السادس انخفضت مستويات المياه في السدود بشكل خطير بتأثير الجفاف على التوالي، وبات حقيقة يجب أن يتكيف معها، ما يؤثر على كل نواحي النشاط االقتصادي، سواء تعلق األمـر بالفاحة أو الصناعة أو الخدمات أو السياحة. ولفت البنك األفريقي للتنمية، في مقال نشره في مارس املاضي بعنوان «الضغط املائي مــصــدر قـلـق كـبـيـر فــي املـــغـــرب»، إلـــى أن «املــــوارد املائية في اململكة تعاني من وضع صعب بسبب انــخــفــاض مــســتــويــات املـــيـــاه الــجــوفــيــة، وضـعـف امتاء السدود. وبات املواطن يستهلك أكثر بقليل من 600 متر مكعب من املياه سنويا، أي ربـع ما كان يستهلكه قبل أقل من 60 سنة. وبـالـنـسـبـة إلـــى رئــيــس جمعية «بــيــيــزاج لحماية البيئة»، رشيد فاسح، ينذر ما عاشته مدن مغربية أخـــيـــرًا بــــضــــرورة تــغــيــيــر املـــواطـــنـــن واملـــؤســـســـات سلوكياتهم تجاه املــادة الحيوية، بعدما تبن أن الباد تعيش حالة جفاف حادة جدًا، وأن مواردها املائية تتناقص مقابل تزايد الطلب. وقــال فاسح لـ«العربي الـجـديـد» إن «تـراجـع املـــوارد املائية في
منطقة الحوز يزيد الضغط على الدولة ومسؤولي الـقـطـاع للتعجيل فــي إنــشــاء محطة لتكرير مياه البحر فـي سبيل تـزويـد مدينتي مـراكـش وآسفي بمياه صالحة للشرب وأخــرى تستخدم ألغـراض الفاحة، وأيضا التخاذ تدابير تهدف إلى معالجة مشكات الندرة وأخرى مستعجلة لضمان التزود بـــاملـــيـــاه الــصــالــحــة لــلــشــرب اســـتـــنـــادًا إلــــى مخطط وطـــنـــي. ولـــفـــت إلــــى أن االحـــتـــفـــال بـــالـــيـــوم الــعــاملــي لـلـمـيـاه فـــي 22 مــــارس املـــاضـــي أظــهــر أزمــــة حــــادة على صعيد بلوغ ذروة اإلجهاد املائي في املغرب، مـــا يـحـتـم تـغـيـيـر املــواطــنــن سـلـوكـيـاتـهـم بحسب الـــظـــروف املـنـاخـيـة والــجــفــاف الــتــي يـجـب التكيف معها لـضـمـان الــتــزود بـاملـيـاه حـتـى مـــرور مرحلة فصل الصيف والفترات الحرجة. وكـــان وزيـــر التجهيز واملـــاء نـــزار البركة أكـــد، في مناسبة اليوم العاملي للمياه، أن اإلجهاد املائي بات في مرحلة الخطر بسبب تفاقم ظاهرة ندرة املياه، ودعـا جميع املواطنن، كل بحسب موقعه وعاقته اليومية باملياه، إلى العمل للحفاظ عليه، واسـتـعـمـالـه بـمـسـؤولـيـة. وأوضـــــح أن «الـجـفـاف أضــحــى بـنـيـويـا فــي املـــغـــرب، مــا يتطلب تحسن التنسيق الجيد بـن املـؤسـسـات املعنية باملياه، وتعزيز اإلدارة الجيدة للقطاع، وأيضا إجـراءات التواصل في شأن قضايا املياه الخاصة بمختلف الفئات املستهدفة، وتوعيتها بضرورة االنخراط فــي تغيير سـلـوكـيـات اسـتـعـمـال املــيــاه للحفاظ عليها واقتصادها».