Al Araby Al Jadeed

ترهيب صهيوني لعرب 48

- ناصر السهلي

يمكن للمرء تخيل مهزلة أن يحاضر شخص فاشي في حقوق اإلنسان واملساواة. والواقع على أرض فلسطني ليس متخيال، بل يقدم صورة عن ذروة التطّرف الفاشي، فزعيم مليشيا «الحرس القومي»، الصهيوني إيتمار بن غفير، واملؤمن، كنظرائه، بشعار «الذبح للعرب»، ال يجد حرجًا في أن يحاضر في «املساواة». وذلك ببساطة لجعل املسجد األقصى مفتوحًا أمام الصهيونية - الدينية بحجة «حرية العبادة». والوزير في «الدولة الديمقراطي­ة الوحيدة في املنطقة» ال يرف له جفن، في توزيع ما يعطيه له األميركي من بنادق، لتأكيد أننا أمام كيان منفلت التطرف الفاشي. وهو في هذا ال يشذ عن القاعدة الصهيونية - التلمودية بقراءة أن مسائل «الديمقراطي­ة» و«الحقوق» و«القانون» يختص بها «شعب الله املختار»، في أخس أنواع التمييز والفصل العنصري. فأن تحرق وتقتل بحماية بنادق االحتالل، فأنت تنفذ وعد الرب في «أرض امليعاد». وفي كنف العقول املريضة بالفاشية، ولألسف، املسكوت عنها عند بعض استعالئيي الغرب الداعمني، تصبح، أنت العربي، صاحب األرض، مجرد زوائد يمكن تصفيتها بطلقات بنادق بن غفير، على طريقة املستورد من أميركا ومرتكب مذبحة الحرم اإلبراهيمي في الخليل ،1994 باروخ غولدشتاين. وأخيرًا، تفتق العقل الفاشي الصهيوني، تحت مظلة «الديمقراطي­ة ودولة القانون»، مذكرًا بسيرة العصابات الصهيونية األولى، ليس فقط بنشر معسكرات مليشيات مسلحة على تخوم مدن الداخل الفلسطيني وقراه، بل أيضًا في انحداره إلى مستوى كشف مقاصد ديمقراطية هذا الكيان، باعتبارها مجرد أداة تخص «الشعب املختار»، فحرية التعبير إن صدرت عن عرب الـ84 تعد جريمة. وفي هوس الفاشية، الذي كشفت عنه صحيفة عبرية الثالثاء املاضي، يصبح التفتيش عما يدور في عقول فلسطينيي الداخل مشرعنًا، فتصير كلمة شهيد واستشهاد بآيات قرآنية، وطلب الرحمة على الشبكات االجتماعية، تستحق املالحقة األمنية، وبدعم «لجنة القانون والدستور» في الكنيست. يراد ببساطة فرض ترهيب إضافي على أصحاب حسابات الشبكات االجتماعية، بعد أشهر من محاوالت منع عرب الداخل من التعبير عن رفضهم حرب اإلبادة في غزة ووقوفهم مع أبناء وطنهم. إلى أبعد من هذا الحد يصل الساكتون، بل وداعمو أصحاب الدعوات الفاشية ومتقمصو دور الضحية وهم يرفعون شعارات «الذبح للعرب». فالتسامح مع هذه الفاشية، تحت بند «حرية التعبير» يقابلها سخف اتهام منتقديها، ومنتقدي مواصلة إرسال السالح والبنادق من أميركا وأوروبا الستهداف املزيد من املتضامنني مع أبناء شعبهم، وتصنيفهم على أنهم «محرضون على العنف واإلرهاب».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar