Al Araby Al Jadeed

مخاطر التوتر بين تل أبيب وطهران

األسواق تتوقع ارتدادات للرد اإليراني على اقتصاد إسرائيل

- لندن ـ العربي الجديد

على الرغم من أن تل أبيب تزعم أن الضربة اإليرانية لم تسبب خسائر لها، إال أن التوتر الذي سبب حالة من القلق والترقب في األسواق العالمية ال تزال تهدد بارتفاع أسعار النفط والسلع األساسية في االقتصادات الغربية الداعمة لها وزادت من عدم الثقة االستثماري­ة في إسرائيل

ربــمــا تـتـضـاعـف الـكـلـفـة الـبـاهـظـ­ة لحرب إسرائيل على غـزة بعد أن جـــرت تــل أبـيـب إيـــران إلــى الحرب عقب ضربها للسفارة اإليـرانـي­ـة فـي سورية وردت إيـــــــر­ان مـــســـاء الـــســـب­ـــت. عـــلـــى صـعـيـد االقـــتــ­ـصـــاد الـــداخــ­ـلـــي، يــــــزدا­د عــــدم الــثــقــ­ة في إســرائــي­ــل كــوجــهــ­ة اســتــثــ­مــاريــة، خــاصــة وأن االقـــتــ­ـصـــاد اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـي يـــدخـــل الـــعـــا­م 2024 بـعـجـز كـبـيـر فـــي املــــواز­نــــة يـــزيـــد عـــن %6 من الـــنـــا­تـــج املـــحـــ­لـــي اإلجـــمــ­ـالـــي بــســبــب الــــزيــ­ــادة املتوقعة فـي اإلنــفــا­ق العسكري واإلجــــر­اءات املــرتــب­ــطــة بـــحـــرب غـــــزة، وهــــو يـعـيـش وضـعـا مــــن الـــهـــش­ـــاشـــة عـــلـــى صــعــيــد االســـتــ­ـثـــمـــا­رات الــخــارج­ــيــة الــتــي تـــواصـــ­ل الـــهـــر­وب وارتـــفــ­ـاع نسبة الـديـن الـخـارجـي وزيـــادة كلفة خدمته بسبب تخفيض التصنيف السيادي لألصول اإلسرائيلي­ة. ويعتقد مسؤولون فـي مكتب املــحــاس­ــب الـــعـــا­م فـــي تـــل أبـــيـــب، املـــســـ­ؤول عن إدارة الــديــون، أن ديــون إسرائيل بلغت أكثر مـن 300 مليار دوالر، حسب مـا نقلت وكالة «بلومبيرغ» في 11 فبراير/ شباط املاضي. وفــــــي حــــن أن الــــهـــ­ـجــــوم اإليــــــ­رانــــــي املـــبـــ­اشـــر بـــاســـت­ـــخـــدام الــــصـــ­ـواريــــخ والــــطــ­ــائــــرا­ت بــــدون طـيـار ضــد إسـرائـيـل فــي 13 إبــريــل/ نيسان، لــــم يــتــســب­ــب فــــي أضــــــــ­رار جــســيــم­ــة لــلــمــو­اقــع العسكرية، أو خسائر فـي صـفـوف املدنين، حـسـب الـتـصـريـ­حـات الـرسـمـيـ­ة اإلسـرائـي­ـلـيـة، ولـــكـــن­ـــه غـــيـــر مــــن ديــنــامـ­ـيــكــيــ­ة املـــواجـ­ــهـــة بـن طـــهـــرا­ن وتـــل أبـــيـــب، وزاد مـــن فــرصــة نـشـوب حــــرب إقــلــيــ­مــيــة فـــي الـــشـــر­ق األوســـــ­ـــط. وفــي أعـقـاب الهجوم تصر الحكومة اإلسرائيلي­ة على الــرد واالنـتـقـ­ام، رغـم معارضة الواليات املتحدة لذلك حتى اآلن. وهذا االنتقام، حتى لو تم إرساله مع تحذير ومعايرة، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد جديد، وهو تصعيد ربما يكون عرضة لسوء التقدير واالستجابة غير املتناسبة من كال الجانبن. ومن غير املستبعد أن ينتهي الرد إلى خروج إســرائــي­ــل مـــن حـــرب واحـــــدة ملــحــارب­ــة تهديد إقليمي ووجــــودي محتمل، أو تـخـوض فيه ثـــالث حـــروب فــي وقـــت واحــــد. وبـالـتـال­ـي فـإن الـــضـــر­بـــة اإليــــرا­نــــيــــ­ة ومـــــا تـــالهـــ­ا مــــن تــهــديــ­د إسرائيلي بالرد أضافت بعدًا جديدًا للحرب ضـــــد غــــــزة ورفـــــعـ­ــــت مـــــن الــــتـــ­ـوتــــر واملـــخــ­ـاطـــر الـجـيـوسـ­يـاسـيـة واالقـــتـ­ــصـــاديـ­ــة فـــي املنطقة الـتـي تـعـد «خــــزان الـطـاقـة ومـفـتـاح الصناعة فــي الــعــالـ­ـم». فــي هـــذا الــصــدد، يـقـول مصرف «غــولــدمـ­ـان ســاكــس» االسـتـثـم­ـاري األمـيـركـ­ي في تعليق على تأثير الضربة اإليرانية نقلته وكالة «يــورو نـيـوز»، إنـه في حن أن التأثير املباشر للهجمات اإليرانية على أسواق السلع األساسية كان ضعيفا نسبيا، فإن التوترات الــجــيــ­وســيــاسـ­ـيــة املـــســـ­تـــمـــرة واالســـتـ­ــجـــابــ­ـات الـــســـي­ـــاســـيـ­ــة ســـتـــسـ­ــتـــمـــ­ر فـــــي الــــتـــ­ـأثــــيــ­ــر عــلــى معنويات املستثمرين ودفـع تقلبات السوق فـــي األيـــــا­م املــقــبـ­ـلــة. وهــــذا االضـــطــ­ـراب بـــدوره ستكون له تداعيات على االقتصادات الغربية واألميركية الداعمة إلسرائيل. ويرى محللون أن التوتر سيزيد من عدم الثقة االستثماري­ة في إسرائيل وتصبح تلقائيا وجهة غير آمنة للمستثمرين. وحتى على الصعيد الداخلي، فإن الزحام في املطارات اإلسرائيلي­ة لسكان الــكــيــ­ان الـــهـــا­ربـــن مـــن مــخــاطــ­ر الــتــوتـ­ـر الـــذي نــشــرتــ­ه مـــواقـــ­ع الـــتـــو­اصـــل االجـــتــ­ـمـــاعـــ­ي هــذا األسبوع، يشير بوضوح إلى أن إسرائيل لم تعد مكانا آمنا لالستثمار من قبل الشركات الـــعـــا­ملـــيـــة ورجـــــــ­ـال األعـــــم­ـــــال الـــغـــر­بـــيـــن وفـــق مـراقـبـن. ومــعــروف أن االســتــق­ــرار السياسي يعد أهم ركائز جذب رأس املال. على الصعيد االقـتـصـا­دي، قـد يـكـون التوتر اإليــرانـ­ـي اإلسرائيلي مكلفا لتل أبـيـب، حتى وإن لــــم تـــــرد إســــرائـ­ـــيــــل. حـــيـــث إن اقـــتـــص­ـــاد إسرائيل ال يزال يعاني من كلفة الحرب على غزة التي كلفته أكثر من 60 مليار دوالر دون حساب النفقات االجتماعية. وكان بنك إسرائيل املركزي ذكر في نوفمبر/ تشرين الثاني، أن الحرب على غـزة ستكلف الــكــيــ­ان مـــا يــقــرب مـــن 53 مــلــيــا­ر دوالر حتى العام ،2025 وذلك بحساب أن الحرب ستكون قاصرة على قطاع غزة. واستند هذا التقدير إلـــــى تـــوقـــع­ـــات بـــــزيــ­ـــادة الـــنـــف­ـــقـــات الـــدفـــ­اعـــيـــة وغـيـرهـا مــن الـنـفـقـا­ت، إلـــى جــانــب انخفاض عـــــائــ­ـــدات الـــــضــ­ـــرائــــ­ـب. ولــــكـــ­ـن يــــبــــ­دو أن هـــذه الـحـسـابـ­ات متواضعة جــدًا ومحسوبة على أساس أن الحرب ستقتصر على قطاع غزة لن تتوسع. ومنذ أكتوبر/تشرين األول املاضي، دعمت الحكومة اإلسرائيلي­ة رواتب ما يقرب من 360 ألـف جندي احتياطي منتشرين في غـــزة ، وكــثــيــ­رون مـنـهـم مــوظــفــ­ون فـــي مـجـال الــتــكــ­نــولــوجـ­ـيــا الــفــائـ­ـقــة والــتــمـ­ـويــل والـــذكــ­ـاء االصطناعي واألدويـــ­ة والــزراعـ­ـة. كما يعاني االقــتــص­ــاد اإلسـرائـي­ـلـي مــن ارتــفــاع التضخم

ونقص العمالة في قطاعات الزراعة والبناء، وفـقـا تـقـاريـر عـبـريـة. وحـسـب أرقــــام رسمية صـــــادرة فـــي تـــل أبـــيـــب، جــــاءت قـــــراءة مـؤشـر أسـعـار املستهلك لشهر مــــارس/آذار املاضي أعلى من املتوقع، وربما يحول ذلك دون خفض الفائدة في اجتماع بنك إسرائيل املركزي في اجـتـمـاعـ­ه الـشـهـر املــقــبـ­ـل. وهـــو خـفـض كانت تنتظره الــشــركـ­ـات والـقـطـاع­ـات االقـتـصـا­ديـة التي تعاني لخفض كلف التمويل. كما تعاني سوق املال اإلسرائيلي­ة من هروب املستثمرين وشح في السيولة النقدية. في هذا الصدد، قـــال رئــيــس اسـتـراتـي­ـجـيـة األســــــ­واق فـــي بنك ليئومي العبري، كوبي ليفي، إن أحداث نهاية األسبوع تزيد بشكل كبير من التوترات في الشرق األوسط، وتشير إلى أن الصراع اتسع

وال يتوقع أن ينتهي قريبا. ويتوقع الخبير املــــالـ­ـــي فــــي تــعــلــي­ــقــات بـــتـــل أبــــيـــ­ـب، نــقــلــت­ــهــا « صحيفة «غلوبس» أمس الخميس، أن تستمر حـــالـــة عــــدم الــيــقــ­ن والــتــقـ­ـلــبــات فـــي األســـــو­اق املـــالــ­ـيـــة، ولـــيـــس فــقــط فـــي إســـرائــ­ـيـــل، بسبب حساسية أسعار النفط للتوترات واحتمال التصعيد األمــنــي فــي الــشــرق األوســــط. على صـعـيـد األســـــو­اق الــعــامل­ــيــة، تمكنت األســــوا­ق الــعــامل­ــيــة مـــن امــتــصــ­اص الــضــربـ­ـة اإليــرانـ­ـيــة، لثالثة أسباب رئيسية، وهي أنه تم حسابها وتسعيرها مبكرًا في تعامالت يـوم الجمعة املاضي، حيث ارتفعت أسعار النفط فوق 90 دوالرًا فـي نهاية تعامالت الجمعة ، كما أن رأس املـــال الـصـهـيـو­نـي الـنـشـط فــي األســـواق الــعــامل­ــيــة، خــاصــة فـــي «وول ســتــريــ­ت» خفف

مـــن آثـــــار املـــضـــ­اربـــة عــلــى الــســلــ­ع األســاســ­يــة، مــثــل الــنــفــ­ط واملـــعــ­ـادن الـرئـيـسـ­يـة لـلـصـنـاع­ـة، ولـكـن ال تـــزال الــتــوتـ­ـرات الجيوسياسي­ة في الـــشـــر­ق األوســـــ­ـط مــســتــم­ــرة بـــال هـــــــوا­دة، مما يشكل مخاطر محتملة على أســـواق الطاقة واالقتصادا­ت الغربية املتحالفة مع إسرائيل،

التوتر فاقم الشكوك حول سمعة إسرائيل االستثماري­ة وزاد من احتمال زيادة سعر النفط

خـاصـة دول أوروبـــا والهند وأمــيــرك­ــا. يذكر أن إدارة الـــرئـــ­يـــس جــــو بــــايـــ­ـدن تـــدخـــل عـــام االنتخابات متكئة على نجاحات االقتصاد في خفض معدل التضخم. وبالتالي، فإن الرد املحتمل على الهجوم اإليراني قد يعقد املشهد الـــســـي­ـــاســـي واالقــــت­ــــصــــا­دي إلعـــــــ­ادة انــتــخــ­اب بــايــدن، إذا مــا ترتبت عليه قـفـزة فــي أسعار الـسـلـع خــاصــة الـــوقـــ­ود. عـلـى صـعـيـد مـوقـف الـــتـــج­ـــارة اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ة عــاملــيـ­ـا حــــذر مـحـافـظ بنك إسـرائـيـل، أمـيـر يــــارون، فـي مـحـادثـة مع صحيفة « كالكاليست» الـعـبـريـ­ة جـــرت هـذا األسبوع، حكومة نتنياهو من تنامي مشاعر الــغــضــ­ب ضـــد إســـرائــ­ـيـــل، وقـــــال «يـــجـــب على الـحـكـومـ­ة اإلسـرائـي­ـلـيـة اتــخــاذ قــــرارات بشأن دمج اليهود املتشددين، وإدراك أن هناك ثمنا اقتصاديا للمشاعر املتغيرة باستمرار في العالم تجاه إسرائيل». يذكر أن العالم شهد تظاهرات هـــادرة ضـد الـحـرب على غــزة، كما تعرضت الشركات الداعمة للحرب ضد غزة ملقاطعة شعبية واســعــة وشــرســة فــي الــدول الغربية. وفي حال مواصلة إسرائيل للحرب ضـد غــزة والـــرد على إيـــران، فــإن ذلــك سيقود إلــى ارتــفــاع التضخم فــي الـــدول الرأسمالية وربــمــا يـرفـع أســعــار الـنـفـط فـــوق 100 دوالر، وبالتالي فـإن التوتر ربما يصب في صالح الصني وضد أميركا وحلفائها بسبب ارتفاع التضخم. ومعروف أن النفط الغاز الطبيعي يدخان في معظم الصناعة وساسل اإلنتاج. على صعيد ارتــــداد­ات التوتر على مؤشرات االقـــتــ­ـصـــاد اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـي وعـــاقـــ­ات إســرائــي­ــل التجارية بالخارج وارتـفـاع معدل التضخم والضرائب التي تنتظر سكان الكيان املحتل لتغطية كـلـف الــحــرب، يـــرى أمــيــر يــــارون في حديث لصحيفة «كالكاليست» العبرية يوم األربـــعـ­ــاء، أن االقــتــص­ــاد اإلســرائـ­ـيــلــي يعتمد كــثــيــرًا عــلــى الــــصـــ­ـادرات والـــــــ­ــواردات، ولــذلــك، يــقــول إن انــفــتــ­اح االقـــتــ­ـصـــاد والـــعـــ­اقـــات مع بقية الـعـالـم مـهـم جـــدًا إلســرائــ­يــل. ويضيف أن هــنــاك شـيـئـا يـصـعـب قــيــاســ­ه وتــحــديـ­ـده، وهـو رأس املــال غير امللموس الــذي يمكن أن تخسره إسرائيل بسبب استمرار التوتر في الــشــرق األوســــط وتــأثــيـ­ـره عـلـى االقــتــص­ــادات الغربية وأســــواق املـــال الـعـاملـي­ـة. كما ينصح الـحـكـومـ­ة اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ة بـــضـــرو­رة االسـتـمـا­ع للرأي األميركي.

 ?? )Getty( ?? أميركا قلقة من ارتفاع أسعار الوقود وعودة التضخم
)Getty( أميركا قلقة من ارتفاع أسعار الوقود وعودة التضخم
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar