Al Araby Al Jadeed

جرائم أبو غريب... محكمة أميركية تنظرللمرة األولى في االنتهاكات

مر 20 عامًا على نشر صور وفضح عمليات تعذيب في سجن أبو غريب، في وقت بدأت هيئة محلفين بوالية فيرجينا األميركية النظر في قضية رفعها ثالثة عراقيين بسبب تعذيبهم، األمر الذي يعد سابقة

- نيويورك ـ ابتسام عازم

بـــــــــ­دأت هـــيـــئـ­ــة مـــحـــلـ­ــفـــني بــــــوال­يــــــة فـــيـــرج­ـــيـــنــ­ـا األميركية النظر فـي قضية فيدرالية رفعها ثالثة عراقيني قبل 16 عامًا ضد شركة مركز التحليل املـوحـد CACI (ســـي. إي. ســي. آي)، وهــــي شـــركـــة أمــيــركـ­ـيــة مـــتـــعـ­ــددة الـجـنـسـي­ـات لـلـخـدمـا­ت املهنية وتكنولوجيا املـعـلـوم­ـات، تــقــدم خـدمـاتـهـ­ا لـلـعـديـد مــن فــــروع الحكومة الفيدرالية األميركية بما في ذلك الدفاع، واألمن الداخلي، واالستخبار­ات، والرعاية الصحية، متهمني عـامـلـني فيها بتعذيبهم فــي سجن أبو غريب. وهذه هي املرة األولى منذ أحداث 11 سـبـتـمـبـ­ر/ أيـــلـــو­ل واجـــتـــ­يـــاح أفـغـانـسـ­تـان والـــعـــ­راق الـتـي يتمكن فيها ضـحـايـا تعذيب وانــتــهـ­ـاكــات حــقــوق اإلنـــســ­ـان غــيــر أمـيـركـيـ­ني

مـــن االســتــع­ــانــة بمحكمة أمــيــركـ­ـيــة لـلـبـت في قضيتهم، بحسب «مركز الحقوق الدستوري» األميركي الذي تولى رفع القضية. ويصادف بـدء موعد املحاكمة مــرور عشرين عامًا على نــشــر الـــصـــو­ر وفــضــح عـمـلـيـات الــتــعــ­ذيــب في سـجـن أبـــو غـريـب نـهـايـة إبــريــل/ نـيـسـان عـام 2004 على محطة «سـي بي إس» األميركية. كــمــا يـــأتـــي بــــدء املــحــاك­ــمــة بــعــد 16 عـــامـــًا من رفع مركز الحقوق الدستورية، بالتعاون مع جهات أخـرى، القضية باسم الناجني الثالثة وهـــــم ســهــيــل الـــشـــم­ـــري، وصــــــال­ح الــعــجــ­يــلــي، وأسعد الزوبعي. وكانوا قد اعتقلوا وزج بهم فـي سجن أبــو غريب وتــم تعذيبهم واإلفـــرا­ج عنهم الحـقـًا مـن دون توجيه أيــة تـهـم إليهم. وتعرف القضية باسم «الشمري وآخرون ضد سي. إي. سي. آي». وعملت الشركة الخاصة، ومــقــرهـ­ـا الــرئــيـ­ـســي فـــي واليــــة فـيـرجـيـن­ـا منذ عــام ،2008 ملصلحة الحكومة األمـيـركـ­يـة في الـــعـــر­اق مـنـذ عـــام .2003 وحـــاولــ­ـت ولـسـنـوات الـطـعـن فــي شـرعـيـة االدعـــــ­اء والـحـيـلـ­ولـة دون بـــــدء املـــحـــ­اكـــمـــة تـــحـــت حـــجـــج مــخــتــل­ــفــة، بـمـا فـيـهـا حـصـانـتـه­ـا وحــصــانـ­ـة الـعـامـلـ­ني لديها مــن املـحـاكـم­ـة. ورفــعــت الــدعــوى وفـقـًا لقانون أميركي صادر عام ،1789 وهو قانون الضرر األجـــنــ­ـبـــي .)ATS( ويـــســـم­ـــح الــــقـــ­ـانــــون لـغـيـر املواطنني الذين تعرضوا النتهاكات راسخة لــلــقــا­نــون الــــدولـ­ـــي مــثــل الــتــعــ­ذيــب واملــعــا­مــلــة القاسية، برفع دعوى أمام املحاكم األميركية، بــمــا فـــي ذلــــك ضـــد شـــركـــا­ت أمــيــركـ­ـيــة، عـنـدمـا تـكـون هـنـاك صلة كافية بـالـواليـ­ات املتحدة، بــحــســب املــــركـ­ـــز. وتـــقـــو­ل الــبــاحـ­ـثــة فـــي الــشــأن العراقي في منظمة «هيومان رايتس واتش» ســارة صنبر، لـ «العربي الجديد»: «هــذه أول حالة تصل إلى املحاكمة ويمكن أخيرًا لهؤالء الــرجــال العراقيني الـحـصـول على حقهم بأن تكون هناك محاكمة، ونأمل أن يأمر القاضي بـتـعـويـض­ـات واالعــــت­ــــراف الــــذي يستحقونه. عــلــى الـــرغـــ­م مـــن ذلــــك، فـــإن هــــؤالء الـــرجـــ­ال هم مــن الــقــالئ­ــل جـــدًا املـحـظـوظ­ـني الــذيــن تمكنوا بعد عقدين من االنتهاكات ضدهم من قبول البت في قضيتهم وبدء املحاكمة بعد كل هذا الـــوقـــ­ت. وهــــذه حــالــة نـــــادرة، إذ لـــم تـنـجـح كل محاوالت الشركة إلسقاط القضية». وفي ما يتعلق بالسياق العام، تشرح صنبر أن «أحــــد أســـبـــا­ب نــجــاح ذلـــك عـلـى الـــرغـــ­م من الصعوبات الهائلة هـو أن القضية هـي ضد شـــركـــة مــتــعــا­قــدة مـــع الــحــكــ­ومــة ولـــيـــس ضد الــحــكــ­ومــة نـفـسـهـا. وكـــانـــ­ت هــنــاك الـكـثـيـر من الــــدعــ­ــاوى الـــتـــي رفـــعـــت فـــي مـــحـــاو­لـــة إلجــبــار الحكومة األميركية على تحمل مسؤوليتها واملحاسبة، إال أنها أسقطت باستمرار بسبب قــانــون تــم تبنيه عـــام 1946 يـعـطـي حصانة

للقوات األميركية من املحاسبة عن أي جرائم تــرتــكــ­ب خــــالل حـــروبـــ­هـــا». وتــلــفــ­ت إلــــى «عـــدم وجــــود أيــــة مـــحـــاو­الت جــديــة مـــن الـحـكـومـ­ات املتعاقبة على فرض املحاسبة أو التعويض بصورة منظمة وجدية للضحايا»، مضيفة: «لــــن تـــكـــون هـــنـــاك عـــدالـــ­ة حـقـيـقـيـ­ة إال عـنـدمـا تتحمل الـحـكـومـ­ة األمــيــر­كــيــة املــســؤو­لــيــة عن أفعالها». ويشير مركز الحقوق الدستورية إلـــــى أنـــــه «خــــــالل الـــعـــق­ـــديـــن األخــــيـ­ـــريــــن، جـنـت الـــشـــر­كـــات (الـــعـــس­ـــكـــريـ­ــة الـــخـــا­صـــة) مـــلـــيـ­ــارات الــــــــ­ـدوالرات مـــن خــــالل تــقــديــ­مــهــا خـــدمـــا­ت في الـــــعــ­ـــراق وأفـــغـــ­انـــســـت­ـــان واملـــنــ­ـطـــقـــة املــحــيـ­ـطــة، تــــتــــ­راوح مـــا بـــني تـــأمـــن­ي الــحــمــ­ايــة ملــســؤول­ــني حـكـومـيـن­ي وجــمــع املــعــلـ­ـومــات االسـتـخـب­ـاريـة والتحليل والــدعــم الـلـوجـسـ­تـي»، مــؤكــدًا عدم وجـــــود نـــظـــام مــحــاســ­بــة وإشــــــر­اف عــلــى عمل تلك الـشـركـات باملستوى الــــالزم. ويشير إلى أن وزارة الـــعـــد­الـــة األمــيــر­كــيــة تـتـحـمـل كـذلـك املسؤولية للتحقيق وتقديم شكاوى ضد تلك الشركات املتعاقدة في حـال ارتكابها جرائم دولــيــة، إال أن ذلـــك نــــادرًا مــا يــحــدث، ولـــم تقم وزارة الـعـدل بتوجيه أيــة اتـهـامـات ضـد أحد من املتعاونني النتهاكات التعذيب أو جرائم حـرب في الـعـراق. وتؤكد صنبر على أن «من الضروري أن نتذكر أننا هنا نتحدث عن بشر عانوا وتم تعذيبهم وأثرت تلك الجرائم التي ارتــكــبـ­ـت ضــدهــم عــلــى حــيــاتــ­هــم. مــــر عــشــرون عــــامـــ­ـًا، لـــكـــن الـــصـــد­مـــة الـــجـــس­ـــديـــة والــنــفـ­ـســيــة واالجتماعي­ة وغيرها تبقى معهم وتذكرهم دائـمـًا بما حــدث. كما أن عـدم حصولهم على عــدالــة ال يـسـاعـد فــي شـفـائـهـا، والــحــاج­ــة إلـى الــعــدال­ــة لــن يـمـحـوهـا مـــرور عـشـريـن عــامــًا أو أكـثـر على االنـتـهـا­كـات الـتـي مـورسـت بحقهم وعلينا أن نتذكر هذا».

المحاكمة

يتوقع مركز الحقوق الدستورية أن تستمر املـــحـــ­اكـــمـــة وجـــلـــس­ـــات االســــتـ­ـــمــــاع إلـــــى قـــرابـــ­ة ثالثة أسـابـيـع. وحـاولـت الشركة وعلى مدى سـتـة عـشـر عــامــًا وحـــوالــ­ـي عـشـريـن مـــرة (فـي قضايا وقـضـايـا استئناف مختلفة) الطعن فـي شرعية القضية وإسقاطها. ورفــع املركز القضية بموجب القانون املذكور آنفًا بادعاء انـــتـــه­ـــاكـــات لـــلـــقـ­ــانـــون األمــــيـ­ـــركــــي والــــقــ­ــانــــون الدولي، في قضايا تشمل التعذيب، واملعاملة القاسية أو الالإنساني­ة أو املهينة، وجـرائـم حرب واالعتداء والضرب واالعتداء الجنسي، والـتـسـبـ­ب املـتـعـمـ­د فــي االضـــطــ­ـراب العاطفي واإلهـمـال في التوظيف واإلشــــر­اف. ويسعى املــــركـ­ـــز مــــن خــــــالل الـــقـــض­ـــيـــة لـــلـــحـ­ــصـــول عـلـى تعويضات عقابية. ويرى املدعون أن الشركة شــــاركــ­ــت فــــي مــــؤامــ­ــرة الرتــــكـ­ـــاب ســـلـــوك غـيـر

قانوني بما في ذلك التعذيب وجرائم الحرب فـــي ســجــن أبـــو غـــريـــب، إذ كــانــت قـــد تـعـاقـدت مـع الحكومة األمـيـركـ­يـة على تقديم خدمات االســـتــ­ـجـــواب. ويــشــيــ­ر املـــركــ­ـز إلـــى أن املــدعــن­ي الثالثة كانوا محتجزين جميعًا ما بني 2003 2004و فـــي ســجــن أبــــو غـــريـــب، واســتــخـ­ـدمــت ضدهم أقسى أساليب التعذيب واالنتهاكا­ت الالإنساني­ة.

عدالة غائبة أو مؤجلة

يــلــفــت مـــركـــز الـــحـــق­ـــوق الـــدســـ­تـــوريـــ­ة االنــتــب­ــاه إلـــى أن دور شــركــة «ســــي. إي. ســـي. آي» في التعذيب وســوء املعاملة الخطيرة للمدنيني الـعـراقـي­ـني فــي أبــو غـريـب مـوثـق جــيــدًا. وهنا يـتـحـدث عــن تـقـريـر أعــــده الـــلـــو­اء فــي الجيش األمـــيــ­ـركـــي أنـــتـــو­نـــيـــو تـــاجـــو­بـــا، حـــــول مـــزاعـــ­م إســــاءة مـعـامـلـة املعتقلني فــي أبـــو غــريــب في عام .2004 وخلص إلى أنه في الفترة ما بني أكـــتـــو­بـــر/ تــشــريــ­ن األول وديــســمـ­ـبــر/ كــانــون األول عــــــام 2003 «وقــــعـــ­ـت حــــــــو­ادث عـــديـــد­ة تتضمن انتهاكات إجرامية سادية وصارخة ووحـــشـــ­يـــة ضـــد الـــعـــد­يـــد مـــن املــعــتـ­ـقــلــني، وقــد وجــهــت االســتــخ­ــبــارات الـعـسـكـر­يـة األمـيـركـ­يـة وشركة سـي. إي. سـي. آي أوامــر إلـى الشرطة الــعــســ­كــريــة بــتــهــي­ــئــة الـــــظــ­ـــروف» الســـتـــ­جـــواب املعتقلني. ويفيد تقرير املـركـز بــأن «أعضاء من الشرطة العسكرية األميركية شهدوا أنه كــان متفاهمًا عليه بــني محققي شـركـة سي. إي. سي. آي والجنود أن مصطلحات التليني واملعاملة الخاصة تعني إلحاق ضرر جسدي وعـقـلـي خطير بـاملـعـتـ­قـلـني». ولـــم يـكـن تقرير تــاجــوبـ­ـا الــرســمـ­ـي الــوحــيـ­ـد الــــذي خــلــص إلــى نتائج مشابهة بـارتـكـاب انـتـهـاكـ­ات وجـرائـم بــحــق عـــراقـــ­يـــني فـــي أبــــو غـــريـــب. عــلــى سبيل

املــــثــ­ــال، خــلــص تــقــريــ­ر عــســكــر­ي آخــــر (فــــاي/ جـــونـــز) صـــدر فـــي أغــســطــ­س/ آب ،2004 إلــى أن «الــــشـــ­ـرطــــة الـــعـــس­ـــكـــريـ­ــة، وجــــنـــ­ـود طــبــيــن­ي، ومـــقـــا­ولـــني مــدنــيــ­ني يـتـحـمـلـ­ون درجــــة مـــا من املسؤولية أو التواطؤ في االنتهاكات في أبو غــريــب». وتـمـت اإلشــــار­ة إلــى تـــورط ثـالثـة من موظفي شركة «سي. أي. سي. آي» على األقل فــي االنــتــه­ــاكــات. ويـلـفـت املــركــز االنـتـبـا­ه إلـى األدلة الدامغة التي تمكن املركز من الحصول عليه من خالل الدعوى والتي تشمل الرسائل اإللـكـتـر­ونـيـة وســجــالت املـحـاكـم­ـة العسكرية وشهادات تظهر دور مقاولي «سي. أي. سي. آي» في االنتهاكات. وتذهب تلك األدلــة أبعد من ذلك، إذ إن الشركة رفضت التصرف حتى بــعــد وجـــــود تـــقـــار­يـــر مـــحـــدد­ة عـــن انــتــهــ­اكــات وسوء سلوك ارتكبه موظفوها. واألدهـى من ذلك أنها قامت بمحاوالت التستر على ذلك، بـحـسـب املـــركــ­ـز. وتـــدعـــ­ي الــشــركـ­ـة عــكــس ذلـــك، إال أن مركز الحقوق الدستورية يؤكد وجود «أدلــة موثوقة على أنها ساعدت أو حرضت أو ساهمت بطريقة أخرى في مؤامرة لتعذيب وإساءة معاملة املدعني الثالثة وفقًا للقانون األميركي والدولي».

عدالة مؤجلة

نـــشـــرت مــنــظــم­ــة «هـــيـــوم­ـــان رايـــتـــ­س واتـــــش»،

بــــاإلضـ­ـــافــــة إلـــــى مـــنـــظـ­ــمـــات حـــقـــوق­ـــيـــة أخـــــرى، عـــــــــ­ددًا مــــــن الــــتـــ­ـقــــاريـ­ـــر والــــتــ­ــحــــقــ­ــيــــقــ­ــات حــــول مـــــوضــ­ـــوع املــــحــ­ــاســــبـ­ـــة عــــلــــ­ى الـــــجــ­ـــرائــــ­ـم الـــتـــي ارتـــكـــ­بـــهـــا األمـــيــ­ـركـــيـــ­ون وقــــــوى الـــتـــح­ـــالـــف فـي الــعــراق ومـنـاطـق أخـــرى كأفغانستان، فضال عـــن تـوثـيـقـه­ـا عـمـلـيـات الــتــعــ­ذيــب. وفـــي أحــد التقارير الصادر مؤخرًا في سبتمبر/ أيلول املــــاضـ­ـــي، أشـــــــا­رت إلـــــى مــــا أســـمـــت­ـــه «تــقــاعــ­س الحكومة األمـيـركـ­يـة عــن تقديم التعويضات وغــيــرهـ­ـا ســبــيــا­ل إلنـــصـــ­اف الــعــراق­ــيــني الــذيــن تـعـرضـوا للتعذيب واالنـتـهـ­اكـات مــن الـقـوات األمـــيــ­ـركـــيـــ­ة والـــشـــ­ركـــات املـــتـــ­عـــاقـــد­ة مــعــهــا في سجن أبو غريب، وسجون ومعتقالت إضافية كــانــت تــحــت إداراتــــ­هــــا فـــي الــــعـــ­ـراق». ويـشـيـر الـتـقـريـ­ر إلـــى أن وزارة الـــدفـــ­اع األمـيـركـ­يـة في أغـــســـط­ـــس/ آب عـــــام 2022 «أصــــــــ­ـدرت خـطـة عـمـل لتقليص الــضــرر للمدنيني الـنـاجـم عن العمليات العسكرية األميركية، إال أن ذلك لم ينص على أي طريقة يمكن من خاللها منح تعويضات للمدنيني الـذيـن تــضــرروا سابقًا مـن عملياتها». وبحسب «هـيـومـان رايتس واتــــــش»، فــــإن الــــوالي­ــــات املــتــحـ­ـدة وحــلــفــ­اء هــا اعتقلوا بعد الــغــزو األمـيـركـ­ي لـلـعـراق «نحو 100 ألـــــف عــــراقــ­ــي بــــني 2003 .»2009و كـمـا تـــتـــحـ­ــدث املـــنـــ­ظـــمـــة الــــدولـ­ـــيــــة عــــن تـــقـــري­ـــر آخـــر صـــادر عــن اللجنة الـدولـيـة للصليب األحـمـر في فبراير/ شباط 2004 موجه إلى التحالف العسكري بقيادة الــواليــ­ات املـتـحـدة، ومفاده بأن عناصر من املخابرات العسكرية األميركية أخــبــروا الصليب األحـمـر بــأن مـا بـني سبعني وتـسـعـني فــي املــائــة مــن الــذيــن احـتـجـزوا على يد األميركيني والتحالف في العراق عام 2003 اعتلقوا عن طريق «الخطأ». وتتحدث املنظمة فــي تـقـريـرهـ­ا عــن «اعـــتـــذ­ار الـرئـيـس األمـيـركـ­ي

جـــــورج بــــوش عــــام 2004 عـــن «اإلذالل الـــذي عــانــاه الـسـجـنـا­ء الـعـراقـي­ـون فــي أبـــو غـريـب»، وأقــــوال وزيـــر الــدفــاع رونــالــد رامسفيلد أمـام الكونغرس بعد فترة قصيرة، ومفادها بأنه «وجــــد طـريـقـة قـانـونـيـ­ة لـتـعـويـض املعتقلني العراقيني الذين عانوا االنتهاكات والقسوة األليمة والوحشية على أيـــدي عــدد قليل من أفراد القوات املسلحة األميركية. هذا ما يجب فعله، وأنا عازم على أن أراه يتحقق». تصريحات بوش حاولت التستر على وجود مـشـكـلـة حـقـيـقـيـ­ة مـنـهـجـيـ­ة بـحـيـث تــصــف ما حــــدث بـــأنـــه ســـلـــوك مــشــني ولـــكـــن فــــــردي. لكن حــــــال الـــــواق­ـــــع بـــمـــا فـــيـــه تـــحـــقـ­ــيـــقـــ­ات أجـــرتـــ­هـــا هـيـومـن رايــتــس ووتــــش ومـنـظـمـا­ت حقوقية أخرى أظهرت وجود مناخ مكن من التعذيب. كــمــا وجــــدت أن «قـــــــرا­رات مــتــخــذ­ة عــلــى أعـلـى املــســتـ­ـويــات الــحــكــ­ومــيــة مـكـنـت حــصــول هــذه املـمـارسـ­ات أو وافـقـت عليها أو بـررتـهـا. كان أبـــو غــريــب مــجــرد مــركــز مـــن بـــني عـــدة مــراكــز اعـــتـــق­ـــال عــســكــر­يــة أمــيــركـ­ـيــة ومــــواقـ­ـــع ســــوداء تابعة لوكالة املخابرات األميركية في جميع أنحاء العالم مارس فيها العسكريون وعمالء املخابرات واملتعاقدو­ن األميركيون التعذيب وغيرها». ويشير التقرير كذلك إلى الدور املركزي الذي لعبه وزيـــر الـــدفـــ­اع دونـــالــ­ـد رامـسـفـيـ­لـد آنـــذاك بـــدءًا بوصفه للمعتقلني األول الـذيـن هـم في معتقل غوانتانمو بـ «مقاتلني غير شرعيني». وبـذلـك عمل على حرمانهم، بحسب هيومن رايتس ووتش، من الحماية التي توفرها لهم «اتـفـاقـيـ­ات جنيف». وتشير املنظمة إلــى أنه وفي الشهر نفسه «كثفت إدارة بوش جهودها للتحايل على حظر التعذيب محليًا ودوليًا، وأصــدر مكتب املستشار القانوني األميركي التابع لوزارة العدل مذكرات سعت إلى تبرير التعذيب قانونيًا وحماية الضالعني فيه». وتـــؤكـــ­د املــنــظـ­ـمــة أن «حــــرمـــ­ـان املــعــتـ­ـقــلــني من الـحـمـايـ­ة مـكـن رامسفيلد مــن تـوسـيـع قائمة أســـــالـ­ــــيـــــ­ب االســــــ­تــــــجــ­ــــواب املــــســ­ــتــــخــ­ــدمــــة ضــد الـسـجـنـا­ء فــي غـوانـتـان­ـمـو بــني 2002 .2004و كما توصلت تحقيقات للحكومة األميركية الحــقــًا، مــن بينها تـقـريـر شليسنغر، إلـــى أن التقنيات املعززة التي وافق عليها رامسفيلد فــــي غـــوانـــ­تـــانـــم­ـــو انـــتـــق­ـــلـــت إلـــــى أفــغــانـ­ـســتــان والعراق، ومورست بال حدود أو ضمانات». كما تشير املنظمة إلى أنه وعلى عكس ادعاء ات رامسفيلد أمــام الكونغرس املــذكــو­رة آنـفـًا، لم تــجــد أي دلــيــل عــلــى أن الــحــكــ­ومــة األمـيـركـ­يـة دفعت تعويضات أو قدمت أي سبل انتصاف أخـــــرى إلــــى الــســجــ­نــاء ضــحــايــ­ا االنــتــه­ــاكــات، فــضــال عــن عـــدم تقديمها اعـــتـــذ­ارًا رسـمـيـًا أو أشكال جبر فردية أخرى». ويواجه الضحايا من غير األميركيني الذين يريدون البحث عن املحاسبة عقبات مالية وبيروقراطي­ة وغياب نـظـم واضــحــة أو قــنــوات لتحقيق املحاسبة. يؤكد املركز األميركي للحقوق الدستورية أن الكشف عـن انتهاكات أبــو غـريـب وفضائحه شــكــل ضــغــطــًا وارتـــفــ­ـعـــت األصــــــ­ـوات املـطـالـب­ـة بـــاملـــ­حـــاســـب­ـــة، إال أن واقــــــع الــــحـــ­ـال يــظــهــر أن املحاسبة كانت فـي الغالب ضـد عـدد صغير جـدًا من الجنود برتب منخفضة. على الرغم مما قد يتمخض عن محاكمة اليوم من نتائج، لكن مجرد بدئها يعد انتصارًا ومن دون شك هـــو رمـــــزي لــيــس لـــأفـــر­اد الــثــالث­ــة فـــقـــط، لكن لغيرهم من العراقيني ضحايا جرائم الحرب، على الرغم من أنه نقطة في بحر تلك العذابات التي سببت تدمير الـعـراق إلـى الـيـوم، لكنها من دون شك خطوة في مشوار األلف ميل.

يصادف بدء موعد المحاكمة مرور عشرين عامًا على فضح التعذيب

 ?? (واثق خذيعي/ )Getty ?? معتقلون في سجن أبو غريب ينتظرون اإلفراج عنهم عام 2006
(واثق خذيعي/ )Getty معتقلون في سجن أبو غريب ينتظرون اإلفراج عنهم عام 2006

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar