Al Araby Al Jadeed

قراءات إسرائيلية لهجوم أصفهان

تصعيد محدود قابل لالحتواء في موازاة التزام المستوى الرسمي اإلسرائيلي الصمت تجاه الهجوم في إيران أمس الجمعة، كان محللون إسرائيليون يرون في هذا الحدث رسالة من تل أبيب لطهران قابلة لالحتواء

-

في وقت لم تكن فيه إسرائيل قد اعترفت رسميًا بمسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف منطقة أصفهان اإليرانية في وقــــت مـبـكـر مـــن صـــبـــاح أمــــس الـجـمـعـة، ووســط تسريبات بـأن وزارة الخارجية اإلســـرائ­ـــيـــلــ­ـيـــة طــالــبــ­ت ســـفـــار­اتـــهـــا حــول الــعــالـ­ـم بــعــدم الــتــطــ­رق بــتــاتــًا ملـــا يـحـدث فـــــي إيــــــــ­ـــران، لـــــم تــــغــــ­ب الـــــــق­ـــــــراء ات لـــهـــذا التطور وتداعياتها عن وسائل اإلعالم اإلســرائـ­ـيــلــيــ­ة، وســــط شــبــه إجـــمـــا­ع عند الـــــعــ­ـــديـــــ­د مــــــن املــــحــ­ــلــــلــ­ــني الـــســـي­ـــاســـيـ­ــني والعسكريني اإلسرائيلي­ني بأن الهجوم جــــــاء عـــلـــى نـــحـــو يـــتـــيـ­ــح لــــطــــ­هــــران عـــدم الــــرد، والـــعـــ­ودة إلـــى الــوضــع الـــذي سبق الـــهـــج­ـــوم اإليــــرا­نــــي عــلــى إســـرائــ­ـيـــل ليل الــســبــ­ت ـ األحـــــد. وقــــرأ هــــؤالء املـحـلـلـ­ون الهجوم على أنـه رسالة أرادت تل أبيب تــوجــيــ­هــهــا لـــطـــهـ­ــران بـــأنـــه­ـــا قــــــدرة عـلـى ضرب األراضي اإليرانية حني تريد ذلك، وبالتالي استعراض القدرات العسكرية لـكـن مــع تـقـصـد عـــدم التسبب بخسائر كـــبـــيـ­ــرة فـــــي الــــهـــ­ـجــــوم، وهــــــو مـــــا يــتــيــح للسلطات اإليرانية احتواء الحدث، من دون الحاجة إلى جولة أخرى من تبادل الضربات مع إسرائيل. وكـــتـــب أرئــــيــ­ــل كـــهـــان­ـــا، مــحــلــل الـــشـــؤ­ون الــــدولـ­ـــيــــة وشــــــــ­ؤون الــــــوا­ليــــــات املـــتـــ­حـــدة فــي صحيفة يـسـرائـيـ­ل هــيــوم، أن حجم الهجوم املــحــدو­د وعـــدم إعـــالن إسرائيل مسؤوليتها عـنـه، يتيحان للمسؤولني اإليــرانـ­ـيــني إخــبــار شعبهم والــعــال­ــم أنـه «ال يوجد أي شيء، ولم يحدث أي شيء، وهــــــذا عـــلـــى مــــا يـــبـــدو جـــيـــد لــلــجــم­ــيــع». وأضاف كهانا أن «هذا يعني بأن العملية اإلسرائيلي­ة (حسب مصادر أجنبية) لم تأت من أجل سلب إيران قدرات عسكرية معينة، وإنما من أجل تمرير رسالة لها بأننا قـــادرون على ضربكم في أرضكم. وبــــهـــ­ـذا تـــريـــد إســـرائــ­ـيـــل عـــلـــى مــــا يــبــدو إرسال إشارة بأن في نيتها إغالق حدث االغتيال في دمشق». وتساء ل الكاتب إن كـــان هـــذا سيعني وضـــع حــد للمواجهة املــبــاش­ــرة أمــــام إيــــران والـــعـــ­ودة ملـحـاربـة وكـالئـهـا؟ مضيفًا أن «الــكــرة فــي امللعب اإليراني». ورأى كهانا فـي الـوقـت نفسه أن «هناك مــكــانــًا لــلــتــق­ــديــر بــــأن (املــــرشـ­ـــد اإليـــران­ـــي عـــلـــي) خـــامـــن­ـــئـــي ســيــبــح­ــث عــــن جــــوالت أخـرى لضرب إسرائيل مباشرة، بسبب وضـعـه الـصـحـي، ولـكـن األيــــام هــي التي ستحكم، ولكن املؤكد أن إسرائيل عليها أن تبني وبسرعة سـالح صـواريـخ قويًا وبعيد املدى ودقيقًا وقاتال من أجل ردع إيران». من جهته، كتب املحلل العسكري عاموس هرئيل في صحيفة هآرتس العبرية أن «الـــرد (اإلسـرائـي­ـلـي) جــاء الـيـوم (أمـــس)، واألهـــــ­ـم هـــو مـــن املــــســ­ــؤول عـــن الــهــجــ­وم، فـــي حـــني أوضـــــح املـــســـ­ؤولـــون فـــي إدارة (الرئيس األميركي جو) بايدن ذلك على نحو جـلـي، بــأن هــذه عملية إسرائيلية عـلـى أرض إيـــــران». ورأى الــكــاتـ­ـب «أنـنـا عـلـى مــا يـبـدو أقـــرب مــن أي وقـــت مضى لخطر نشوب حرب إقليمية واسعة على الرغم من أن املجتمع الدولي سيبذل اآلن بالتأكيد جهودًا كبيرًا لتهدئة الخواطر»، ومــــع هــــذا أشــــار إلــــى أن «وســـائـــ­ل إعـــالم إيرانية بدأت تدعي إحباط الهجوم ولم يحدث أي شيء، وقد تكون هذه محاولة

هرئيل: نحن أقرب من أي وقت مضى لخطر نشوب حرب إقليمية

بن يشاي: تم الهجوم على نحو يمنح اإليرانيين مساحة لإلنكار

لتهدئة الخواطر وإعفاء النظام اإليراني مــن الــحــاجـ­ـة لـــلـــرد». واعــتــبـ­ـر هــارئــيـ­ـل أن «الهجوم على إيـران يبدو محدودًا أكثر ومــركــزًا أكـثـر، ويـبـدو مـن النظرة األولــى فعاال أكثر». وأشار إلى أن «نجاعة أنظمة الدفاع اإليرانية أقل بكثير من املنظومات اإلسرائيلي­ة، وأن قدرتها على اعتراض الـــصـــو­اريـــخ مــــحــــ­دودة، كــمــا أن إيـــــران ال تعتمد على املساعدات االستخباري­ة من دول عـربـيـة، عـلـى غـــرار مــا أشــــارت إليه التقارير عند إحـبـاط إسـرائـيـل الهجوم اإليـــران­ـــي»، كما أن إيــــران، بـــرأي الكاتب، أقل شعبية في أجـزاء واسعة من الشرق األوســـــ­ــط. ورأى املـــعـــ­لـــق أنــــه بـــحـــال كــان الهجوم اإلسرائيلي قـد ركــز على موقع واحـد في أصفهان، ال عالقة مباشرة له بالبرنامج النووي، فإن هذا يبدو أقرب لكونه استعراض قدرات، لتوجيه رسالة مـــن قــبــل تـــل أبـــيـــب إلــــى طــــهــــ­ران، «بــأنــنــ­ا قـادرون على التسبب لكم بضرر كبير»، مضيفًا أن «رئيس الحكومة اإلسرائيلي­ة بنيامني نتنياهو الـذي يهدد بمهاجمة إيــران منذ نحو عقدين، قد حقق حلمه، أو على األقل جزءًا منه، والسؤال هو ماذا عنا نحن املواطنني؟». من جهته، قدم محلل الشؤون العسكرية فــي صحيفة يـديـعـوت أحــرنــوت ومـوقـع «واينت» رون بن يشاي، قراءة مشابهة، قــائــال إن «الــهــجــ­وم يــأتــي ليتيح إليـــران عدم الرد». وأوضح بن يشاي أن «من نفذ الهجوم في إيـــران، قـام بذلك على موقع عسكري (أو مواقع) لسالح الجو، وقصد أن يتيح للنظام اإليراني احتواء الحدث، مـــن دون الــحــاجـ­ـة إلـــى جــولــة أخــــرى من تبادل الضربات مع إسرائيل». وأضاف: «إن كانت إسرائيل هي من نفذت الهجوم، فــهــذا عـلـى مـــا يــبــدو تـــم بـشـكـل مقصود مـــن أجــــل أن ال تـــكـــون الــضــربـ­ـة والـــدمــ­ـار بحجم كبير، ولكي يكون ذلـك متناسبًا مع الضربة الصغيرة في قاعدة نفاطيم (العسكرية اإلسرائيلي­ة التي أفيد بأنها أصيبت بالهجوم يــوم األحـــد املـاضـي)، وتـــم األمــــر عــلــى نــحــو يـمـنـح اإليــرانـ­ـيــني مــســاحــ­ة لــإنــكــ­ار واحـــتـــ­واء الـــحـــد­ث، من دون أن يــــكــــ­ون هــــنــــ­اك ضـــغـــط مــــن قـبـل املــحــاف­ــظــني والـــحـــ­رس الـــثـــو­ري اإليـــران­ـــي على النظام وعلى خامنئي من أجل الرد على الهجوم».

 ?? (عطا كيناري/فرانس برس) ?? من تظاهرات في طهران أمس ضد إسرائيل
(عطا كيناري/فرانس برس) من تظاهرات في طهران أمس ضد إسرائيل

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar