Al Araby Al Jadeed

ال آمال عريضة بإنهاء الحبس االحتياطي للمعتقلين السياسيين

عادت المطالبات بإغالق ملف الحبس االحتياطي للمعتقلين السياسيين في مصر، في وقت أبدى فيه مراقبون قناعتهم بأن النظام لن يغيّر من سلوكه بهذا الملف

- القاهرة ـ العربي الجديد

مع بدء الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي واليته الرئاسية الثالثة في 2 إبريل/نيسان الـحـالـي، ومــع حـصـول الحكومة على حزمة مـــســـاع­ـــدات مــالــيــ­ة أوروبــــي­ــــة وخــلــيــ­جــيــة، في األسـابـيـ­ع املـاضـيـة، تصل قيمتها إلــى نحو 50 مـــلـــيـ­ــار دوالر، تـــوقـــع الـــبـــع­ـــض حــصــول مراجعة في السياسة القائمة على التوسع فــي سجن املـعـارضـ­ني السياسيني واإلفـــرا­ج عـن املحبوسني احتياطيًا والـذيـن تجاوزت مدد حبسهم سنوات. لكن البعض اآلخر ظل عـلـى ثـقـة بـــأن الـسـلـطـا­ت فــي مـصـر لــن تقدم عـلـى مـثـل هـــذه الــخــطــ­وة، خـصـوصـًا أنــهــا ال تواجه ضغوطًا سواء من الـدول الغربية، أو من املعارضة في الداخل. حول هذه التطورات، قال عالء الخيام، الرئيس الـــســـا­بـــق لـــحـــزب الــــدســ­ــتــــور، عـــضـــو الــحــركـ­ـة املـدنـيـة الديمقراطي­ة، فـي حـديـث لـ«العربي الجديد»، إن ملف الحبس االحتياطي، يدل بـشـكـل واضــــح عـلـى أن الــنــظــ­ام يعتمد على الـحـبـس ملعاقبة كــل مــن يـعـارضـه الــــرأي في داخـل مصر. ورأى أن النظام «استخدم هذا األسلوب منذ وصوله للحكم (في عام )2013 بشكل كبير جدًا وعنيف»، مضيفًا أن «القوى الوطنية والسياسية في مصر، طلبت، قبل وأثناء الحوار الوطني (بـدأ في عـام ،)2022 أن يعاد النظر في قانون الحبس االحتياطي الــذي يجري التعامل به مع كل من يعارض الـــنـــظ­ـــام». وأشـــــار إلـــى أن «هـــنـــاك بـــدائـــ­ل عن قـــانـــو­ن الــحــبــ­س االحــتــي­ــاطــي فـــي الــدســتـ­ـور والقانون تفتح طرقًا أخرى مختلفة لقانون الحبس االحـتـيـا­طـي، الـــذي يــرى الـنـظـام أنه يفيده في التعامل مع املعارضني، لبث الرعب فــي قــلــوب املــعــار­ضــني الـسـيـاسـ­يـني». وحــول جـــدوى مـشـاركـة الـحـركـة املـدنـيـة فـي الـحـوار الوطني، اعتبر الخيام أن «الهدف األساسي كـــــان تـــعـــدي­ـــل قــــانـــ­ـون الـــحـــب­ـــس االحـــتــ­ـيـــاطـــ­ي، ولألسف هذا لم يتم بالشكل الذي طالبنا به، وكذلك في الحوار رفضنا مسألة التدوير (أن توجه تهمة جديدة للمعتقل فور تبرئته من تهمة أخـــرى)، وبالتالي ال أعتقد أن النظام املصري سيرضخ ألي ضغوط كانت داخلية أو خارجية في مسألة الحبس االحتياطي. وفـــي حـــال اســتــجــ­اب ألي ضـــغـــوط، ستكون مــجــرد اسـتـجـابـ­ة دعــائــيـ­ـة إعــالمــي­ــة وليست أكثر من ذلـك، ألن عدد املعتقلني في سجون

الخيام: النظام يعتمد على الحبس لمعاقبة من يعارضه الرأي

الــنــظــ­ام املـــصـــ­ري أكــبــر مـــن أن يتخيله أحـــد، فهناك أكثر من 60 ألف معتقل». فــــي املــــقــ­ــابــــل، رأى عـــضـــو املـــجـــ­لـــس الــقــومـ­ـي لــحــقــو­ق اإلنــــسـ­ـــان (حـــكـــوم­ـــي)، مــحــمــد أنـــور الــــســـ­ـادات، فـــي حـــديـــث لــــ «الـــعـــر­بـــي الــجــديـ­ـد» أنـــه «يــوجــد تغيير بشكل عـــام فــي مـوضـوع مـــمـــار­ســـة الـــســـي­ـــاســـة، وبـــعـــض مــــن الــحــقــ­وق والحريات في تحسن، وال أحـد يستطيع أن يـنـكـر ذلــــك، ولــكــن لـيـس هـــذا بـالـطـبـع مــا كنا نطالب بــه جميعًا ونـنـتـظـر­ه. ولـكـن لننتظر ونــــــر فــــي الـــفـــت­ـــرة املـــقـــ­بـــلـــة مــــا ســتــســف­ــر عـنـه الـتـوصـيـ­ات الــتــي صـــدرت مــن لــجــان الــحــوار الـــوطـــ­نـــي، وتــــم رفــعــهــ­ا لــرئــيــ­س الـجـمـهـو­ريـة مـــــن الــــــحـ­ـــــوار الــــوطــ­ــنــــي، وكـــيـــف­ـــيـــة الـــتـــع­ـــامـــل معها، ومـا إذا كانت ستصدر تشريعات أو قــــرارات جــديــدة، تـحـديـدًا بـمـوضـوع الحبس االحـــتــ­ـيـــاطـــ­ي، وهـــــل املـــحـــ­بـــوســـو­ن عـــلـــى ذمـــة تحقيقات أو قضايا ولـم يرتكبوا أي شيء، ستتم مراجعة مواقفهم وغلق هذا املوضوع بشكل نهائي أم ال». وبرأي السادات «فقد آن األوان ما دامت الدولة مستقرة، وتم انتخاب السيسي ملــرة ثالثة، فـال مبرر ألي إجـــراءات استثنائية، وهذا نتيجة ما يمكن تسميتها بـنـصـائـح وتــوصــيـ­ـات مــن املـجـتـمـ­ع الـغـربـي، أميركا واالتحاد األوروبي وغيرهما».

مـــــــن جـــــهـــ­ــتـــــه، رأى الــــــنـ­ـــــاشـــ­ـــط الــــســـ­ـيــــاســ­ــي الفلسطيني املصري رامي شعث، في حديث مــع «الــعــربـ­ـي الــجــديـ­ـد» أن الـنـظـام لــن يغلق مـلـف الـحـبـس االحــتــي­ــاطــي، بــل أنـــه «أصـبـح أكـثـر اعــتــمــ­ادًا عـلـى الــدعــم الــدولــي والـغـربـي الــذي أعـطـاه 50 مليار دوالر، وبالتالي هو يــــدرك أنــــه ال ضــغــط حـقـيـقـيـًا عــلــيــه، مـــن أيــة جهة، لتغيير سياساته القمعية في الداخل». وقــبــل نــحــو شــهــر، وقــــع االتـــحــ­ـاد األوروبـــ­ــي اتفاقية للشراكة االستراتيج­ية مــع مصر، وعــلــى الـــرغـــ­م مـــن أنــهــا تــنــص عــلــى «الـعـمـل على الترويج لقيم االستقرار والديمقراط­ية والحريات واملساواة بني الجنسني والفرص املـــتـــ­ســـاويـــ­ة»، إال أن حــقــوقــ­يــني ومــؤســسـ­ـات دولـــيـــ­ة رأوا أنــهــا «ال تــحــتــو­ي عــلــى شـــروط واضحة حول ملف حقوق اإلنسان». وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان، خالل توقيع االتـــفــ­ـاقـــيـــ­ة األوروبـــ­ــيـــــة املـــصـــ­ريـــة، أنــــه «عــلــى الـرغـم مـن االلــتــز­امــات املعلنة مـن جـانـب كل من االتحاد األوروبي ومصر بتعزيز حقوق اإلنسان كجزء من التعاون بني الطرفني، فقد تجاهل قادة االتحاد األوروبــي سجل مصر املزري في مجال حقوق اإلنسان، مما شجع الــحــكــ­ومــة املــصــري­ــة عــلــى مــواصــلـ­ـة ارتـــكـــ­اب انتهاكات حقوق اإلنسان من دون خوف من العواقب». وعلى الرغم من عدم وجود أرقام بأعداد السجناء السياسيني في مصر طبقًا لسجالت ومـصـادر رسمية، إال أن منظمات حقوقية عـــدة مـصـريـة ودولـــيــ­ـة، قــــدرت عـدد السجناء واملحبوسني احتياطيًا املحتجزين فــــي مـــصـــر حـــتـــى مــــــارس 2021 بــنــحــو 120 ألــــف ســـجـــني، بــيــنــه­ــم نــحــو 65 ألــــف سجني ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجني ومحبوس جنائي.

 ?? (خالد دسوقي/فرانس برس) ?? سجن بدر، شرقي القاهرة، يناير 2022
(خالد دسوقي/فرانس برس) سجن بدر، شرقي القاهرة، يناير 2022

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar