Al Araby Al Jadeed

إيران... عاشرة الدول النووية؟

- بيار عقيقي

حني أمر الرئيس األميركي هاري ترومان بإلقاء أول قنبلة نووية في التاريخ على هيروشيما اليابانية، في 6 أغسطس/ آب ،1945 لم يكن مكترثًا بأي طرف، عدا االتحاد السوفييتي، األكثر قدرة في ذلك الوقت على استيالد قنبلة مماثلة. وبعد نحو 79 عامًا، أصبح السالح الـنـووي جــزءًا من ترسانة بريطانيا وباكستان وفرنسا والصني وإسرائيل وكوريا الشمالية والهند، باإلضافة إلى األميركيني والروس. تسع دول كانت حتى أول من أمس الخميس، حني أبدى الحرس الثوري اإليراني استعداده لـ«تغيير عقيدة» طهران النووية، بما يعني عزمًا ال إقــرارًا، وفق االستخبارا­ت األميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بامتالك قنابل نووية. مـا الـــذي تعنيه نـوايـا الـحـرس الـثــوري فـي حــال لـم تـقـف عند حــد التصريحات التهديدية املتبادلة بينه وبني إسرائيل؟ تعني أن مبدأ «الردع النووي» في الشرق

ًَ األوسـط سيمسي في مهب الريح. وامتالك إيـران سالحًا نوويًا سيحفز دوال خليجية وعربية، فضال عن تركيا، لالقتداء بها. صحيح أن ذلك سيضع الشرق األوســط برمته على فوهة بركان، غير أن ال أحـد سيبالي بذلك، طاملا وفقًا له، أن هذا النوع من السالح سيؤهل مالكه للخروج من نـادي الـدول التقليدية إلى مصاف دول الرعب، على مستوى اإلقليم والعالم. يكفي هـؤالء مراقبة كوريا الشمالية. تخيلوا أن دولة معزولة سياسيًا، وشبه محاطة جغرافيًا بجبابرة في أقصى الشرق اآلسيوي، تمكنت من كسب عضوية املعسكر النووي، من دون أن تمنع العقوبات الدولية املفروضة عليها من ذلـك. العالم يملك عينان وأذنـان وحــــدس، باملعنى املــجــاز­ي ملفاهيم الــــدول. عنصر «املــراقــ­بــة» بـالـغ األهـمـيـة في السياقات العاملية، فحني تراقب الصني غزوًا روسيًا ألوكرانيا، من دون مقاومة غربية حقيقية، ستتشجع في التلويح بورقة القوة ضد تايوان. وحني تراقب دول صغيرة، صادف حظها السيئ وقوعها بني قوى إقليمية كبرى، مجريات صدام ما، ستختار الطرف األقوى، مهما كان ظاملًا، ًّ ألنالقوي وحده يحكم. وإذا كانت «املراقبة» مرتكز في ملفات تبدو ثانوية مقارنة بالسالح النووي، فكيف حني يتعلق األمر به؟ صحيح أن األميركيني يتصرفون ببرود نسبي مع كوريا الشمالية، ويعملون على تحصني مواقعهم في كوريا الجنوبية واليابان والفيليبني، على سبيل املثال ال الحصر، إال أن ذلك ال يعني معيارًا ثابتًا، يتم التعامل بموجبه مع الدول النووية. مع باكستان والهند، المـبـاالة أميركية تقريبًا في امتالكهما السالح النووي. بريطانيا وفرنسا حليفتان تقليديتان. مع روسيا، تجربة ناهزت ثمانية عقود، وضمنها معاهدات نووية. مع الصني، يبقى احتياط الدوالر فيها السالح األقوى بالنسبة لألميركيني، وعليه يمكن «التحكم» بالوضعية النووية الصينية. أما إسرائيل، فتتمسك الواليات املتحدة باملوقف الرسمي اإلسرائيلي الذي لم يعترف يومًا بحقيقة امتالك السالح النووي. تبقى إيران. قيل كثير عن أن ما بعد 13 إبريل/ نيسان 2024 غير ما قبله، سواء باالستهداف اإليراني املباشر إلسرائيل، أو بفعل تصريحات الحرس الثوري النووية. لكن الثابت أن مسار العالقة الغريبة بني واشنطن وطهران سيتفرع إلى خطني متوازيني لن يلتقيا. األميركيون ليسوا في وارد ترك األمور على غاربها، وغض النظر عن احتمال امتالك إيران للسالح النووي. حتى أن الوسط السياسي في طهران يدرك أن أي محاولة جدية المتالك مثل هذا السالح ستدفع بالعالقة مع واشنطن إلى مستوى ال يمكن العودة منه. وإيـــران «املـراقـبـ­ة» تــدرك أن ال أحــدًا سيأتي لنجدتها، ال الصني وال روسيا وال غيرهما. أما إسرائيل، فيكفي النظر إلى األشهر التي تلت السابع من أكتوبر إلدراك املـوقـف األمـيـركـ­ي منها. ومــن الطبيعي، بحسب هــذه املـعـادلـ­ة، أن تمنع واشنطن تحول طهران إلى الطرف العاشر في النادي النووي، مع تأكيد الرئيس األميركي جو بايدن ذلـك في إصـــراره على الـدفـاع عن إسرائيل. تسع سنوات كانت كافية لطي صفحة الضحكات املتبادلة بني محمد جــواد ظريف وجون كيري، من أجل «مراقبة» عبوس حسني أمير عبد اللهيان وأنتوني بلينكن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar