باكستان: مرحلة ثانية من ترحيل األفغان
يــبــدو أن الــتــأثــيــرات الـسـلـبـيـة لـحـالـة املــد والــــجــــذر فــــي الـــعـــاقـــات الــســيــاســيــة بـن بــاكــســتــان وأفـــغـــانـــســـتـــان ال تـــــزال كـبـيـرة على ملف الاجئن األفغان في باكستان، فبعدما ارتفعت وتيرة التوتر بن البلدين إثر الغارات التي نفذها ساح الجو الباكستاني في واليتي بكتيكا وخوست األفغانيتن املحاذيتن للحدود في 18 مارس/آذار املاضي، وتحذير حكومة حركة طالبان فـــي كـــابـــول مـــن تــبــعــات «خـــارجـــة عـــن الــســيــطــرة»، سارعت إسام أباد إلى إعان أنها ستنفذ املرحلة الثانية من إخـراج الاجئن األفغان من باكستان. وقــالــت إســـام أبـــاد إنــهــا أبـلـغـت جميع السلطات املحلية والحكومات اإلقليمية بأن املرحلة الثانية مــن إخــــراج الــاجــئــن األفـــغـــان غـيـر الـشـرعـيـن من بــاكــســتــان ســتــبــدأ بــعــد عــيــد الــفــطــر، وأكـــــدت أنـهـا ستكون مرحلة فاصلة في ملف الاجئن. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، ممتاز زهـــراء بـلـوش، فـي مؤتمر صحافي عقدته في الخامس من إبريل/نيسان الجاري: «الحكومة مـصـمـمـة عــلــى تـنـفـيـذ قـــــرار إخــــــراج األفــــغــــان غير الــشــرعــيــن مـــن بــاكــســتــان، وأيـــضـــا كـــل مـــن يعيش
فـي الـبـاد بطريقة غير شرعية». تابعت: «يجري تخطيط الكثير من األحــداث األمنية في باكستان في الخارج، وفي معظم األحيان يتورط أشخاص يـعـيـشـون بـشـكـل غــيــر قــانــونــي فـــي بــاكــســتــان في تنفيذ هذه األحداث، لذا تصر باكستان على إخراج وترحيل كل الاجئن األفغان الذين يعيشون في باكستان بشكل غير شرعي، وهــذا قــرار نهائي ال رجوع عنه». لكن حكومة «طالبان» رفضت ذرائع وزارة الــخــارجــيــة الـبـاكـسـتـانـيـة لـتـنـفـيـذ املـرحـلـة الـــثـــانـــيـــة مــــن عــمــلــيــة تـــرحـــيـــل الـــاجـــئـــن األفــــغــــان، وشددت على أنه «لم يثبت ضلوع هؤالء الاجئن الذين غادروا أفغانستان بسبب األوضاع السيئة، فــــي أعــــمــــال غـــيـــر قـــانـــونـــيـــة فــــي بـــاكـــســـتـــان، وأنـــهـــم يعيشون في أمن وسـام في باكستان، وساهموا في تطوير وتحسن الوضع التجاري في هذا البلد، وبينهم تـجـار ومـسـتـثـمـرون وغــيــرهــم، وبالتالي ليست ادعـــــاءات إســـام أبـــاد بــشــأن ضـلـوعـهـم في أعمال عنف صحيحة». ويقول عبد الحكيم، أحد رمـــوز الـاجـئـن األفــغــان فـي بـاكـسـتـان، لـ«العربي الــجــديــد»: «رغـــم أن إعـــان الحكومة الباكستانية يقتصر على الاجئن غير الشرعين، نعرف جيدًا أن األمر ليس كذلك، فهذا اإلعان يهدف إلى تفادي الضغوط الدولية، في حن يستهدف كل األفغان من دون استثناء، وتحديدًا القبائل. وعموما، تاحق الــشــرطــة وقـــــوات األمــــن الـبـاكـسـتـانـيـة كـــل األفــغــان الذين يملكون أوراقا أو ال. من هنا يجب أن يغادر جميع األفغان باكستان ويرحلوا إلى أفغانستان، التي تعتبر حاليا آمنة وتتوفر فيها فـرص عمل أكـــثـــر مــــن املـــــاضـــــي». يـــتـــابـــع: «مـــــن حــــق الــحــكــومــة الباكستانية أن تخرج األفغان من الباد، لكن ما نفذته فـي السابق غير مقبول فهي تعمدت فعل ذلك خال فترة قصيرة جدًا، لم تسمح لعدد كبير منهم بجمع أغراضهم وترتيب أمــورهــم، ملغادرة بــــاد عــــاش فــيــهــا بـعـضـهـم فـــتـــرة ثـــاثـــة أو أربــعــة عـقـود، وامتلكوا فيها أراضـــي ومـنـازل ومشاريع. وهـكـذا كانت خسائر كثيرين ممن رحـلـوا كبيرة، بعدما اضطروا إلى ترك مشاريع وممتلكات مقابل أثـــمـــان بــخــســة. أيــضــا خـلـقـت تــصــرفــات الـحـكـومـة الباكستانية كراهية كبيرة، في حن أن الشعبن يعيشان معا منذ سـنـوات طويلة، وهــو مـا يجب أن تـــأخـــذه الــحــكــومــة الـبـاكـسـتـانـيـة فـــي االعــتــبــار. سيخرج األفـغـان من باكستان، لكن ليحصل ذلك بطريقة مشرفة تحفظ كـرامـة الــنــاس، ولـيـس كما حصل في السابق». ولـــعـــل هــــذا الـــهـــاجـــس جــعــل كــثــيــرا مـــن الــاجــئــن الـشـرعـيـن فــي بـاكـسـتـان يـسـتـعـدون لــلــعــودة إلـى
أفــغــانــســتــان. ويـــقـــول مـحـمـد مـــوســـى، أحــــد سـكـان والية ننغرهار شرق أفغانستان، والذي كان يعمل صـرافـا فـي مدينة بـشـاور قبل أن يقرر بيع منزله والـتـحـضـيـر لـلـعـودة إلـــى أفـغـانـسـتـان، لــ«الـعـربـي الجديد»: «واجهت الكثير من العناء والتعب خال سنوات حياتي لكسب املـال، تمهيدًا للحفاظ على كرامتي وعزتي، لكنني أرى اآلن أنهما مهددان في باكستان، لذا قررت املغادرة، فالبقاء سيكون على حساب كرامة أسرتي».