مالحقة «داعش»
الــبــاديــة الــســوريــة وعــلــى أطــرافــهــا الـعـديـد مــن املـــطـــارات العسكرية الـتـي يتخذ منها اإليرانيون مقرات تمركز رئيسية لقواتهم، أبـرزهـا مطار «تـي فــور» (طـيـاس) في ريف حــمــص الـــشـــرقـــي، وهــــو مـــن أكــبــر املـــطـــارات العسكرية في سورية، وقد قصفته إسرائيل فــي فـبـرايـر/شـبـاط وإبـريـل/نـيـسـان ،2018 وفي سبتمبر/أيلول .2020 وتـــضـــم الــــبــــاديــــة الــــســــوريــــة ثــــروتــــن، هـمـا الــــفــــوســــفــــات والــــــغــــــاز الــــــلــــــذان يـــتـــمـــركـــزان خـصـوصـًا فــي ريـــف حـمـص الــشــرقــي الــذي يعد اليوم منطقة نفوذ للروس واإليرانين.
وذهب الفوسفات كـ«غنيمة حرب ملوسكو» نـــتـــيـــجـــة دعـــمـــهـــا الـــعـــســـكـــري والـــســـيـــاســـي الـــالمـــحـــدود لــلــنــظــام. وكـــانـــت ســـوريـــة قبل العام 2011 من أوائــل الــدول املصدرة لهذه املــــــــادة الــــتــــي تــــدخــــل فــــي إنــــتــــاج األســــمــــدة الفوسفاتية. وكـــــان رئـــيـــس الــنــظــام بـــشـــار األســـــد أصـــدر قانونًا في ،2018 صـدق بموجبه على عقد موقع بـن «املؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة املعدنية»، التابعة للنظام، وشركة «ستروي ترانس غاز لوجستيك» الروسية، يـــســـمـــح لـــــألخـــــيـــــرة بــــاســــتــــخــــراج خــــامــــات اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أمس السبت، 38 مشتبهًا بانتمائهم إلى تنظيم داعــش فـي مدينة الحسكة. وأوضحت «قسد» في بيان صدر عن المركز اإلعالمي التابع لها، أن فـرق العمليات العسكرية الخاصة بها ووحدات حماية المرأة وقوى األمن الداخلي نفذت عملية واسعة النطاق فــي ضــواحــي مدينة الحسكة، وألقت القبض على 38 مشتبهًا بهم مـن خاليا «داعــش»، كانوا يحاولون القيام بعمليات إرهابية ضد السكان في المدينة، وضبطت معهم كميات من األسلحة. الـفـوسـفـات مــن مـنـاجـم الـشـرقـيـة فــي تدمر وســـط ســـوريـــة، والـــتـــي تــقــدر احـتـيـاطـاتـهـا بـ8.1 مليار طن. وفي البادية ثروة كبيرة من الغاز، حيث تنتشر عشرات الحقول واآلبار املهمة التي استعادها النظام من «داعش» في العام ،2017 لعل أبرزها الشاعر جحار، واملهر، وجزل، وأبو رياح، وغيرها. وأوضــــح الـبـاحـث الـــســـوري، سـعـد الــشــارع، في حديث مع «العربي الجديد»، أن للبادية السورية أهمية كبرى «كونها البوابة ملعظم املــحــافــظــات الـــســـوريـــة، ديــــر الــــــزور والـــرقـــة شرقًا، وحمص وحماة وسط البالد، وحلب وإدلب شماال ودمشق والسويداء جنوبًا». ولــفــت إلـــى أنـــه «يــمــر فــي الــبــاديــة الـسـوريـة الطريق البري الوحيد الــذي تسيطر عليه إيران بن العراق وسورية». وفـي الطرف الجنوبي الشرقي من البادية الــســوريــة، تقع قــاعــدة الـتـنـف، الـتـي أقامها الـــتـــحـــالـــف الــــدولــــي ضــــد اإلرهــــــــاب بــقــيــادة أمـــيـــركـــا فــــي الــــعــــام ،2014 غـــــرب الــــحــــدود العراقية بمسافة 22 كيلومترًا، وتبعد نحو 22 كيلومترًا عن الحدود السورية األردنية. وتــنــشــط فــصــائــل عــــدة تــابــعــة لـلـمـعـارضـة الــســوريــة فــي املـنـطـقـة، انـدمـجـت أخــيــرًا في تشكيل واحــد هـو «جيش سـوريـة الـحـرة»، الذي يتلقى دعمًا من التحالف الدولي. ويمنع التحالف اقتراب أي قوة معادية من محيط الـقـاعـدة بعمق 55 كيلومترًا، وهي باتت تعرف اليوم بـ«املنطقة املحرمة»، إذ جـوبـهـت مــحــاوالت قـــوات الـنـظـام دخولها أكثر من مرة خالل السنوات املاضية بالقوة. ويــقــع ضـمـن هـــذه املـنـطـقـة مخيم الـركـبـان، الـــــــذي يـــضـــم آالف الــــنــــازحــــن الـــســـوريـــن، وجلهم مـن الـبـاديـة، والـذيـن يعيشون منذ عدة سنوات في ظروف إنسانية تكاد تصل إلى حدود الكارثة، بعد أن هربوا من بطش النظام وتنظيم داعش. وبــــرأي مــديــر مــركــز «الـــشـــرق نــيــوز» فــراس عـــالوي، فـي حـديـث مـع «الـعـربـي الـجـديـد»، فــــــإن الــــبــــاديــــة الــــســــوريــــة «تـــشـــكـــل أهــمــيــة كـبـرى ألطـــراف الــصــراع كـافـة فــي ســوريــة». وأوضـــــح أنــهــا تــقــع «عــلــى امـــتـــداد الــحــدود السورية األردنية»، مضيفًا: هي املمر البري للمشروع اإليراني من العراق إلى سورية ثم لبنان، ومن ثم فإن نجاح املشروع اإليراني فــي ســوريــة واملنطقة يـقـوم على السيطرة على البادية. وتابع: البادية السورية مهمة لطهران للضغط على الحكومة األردنية، ما يعني أن هــذه الـبـاديـة أكـثـر أهمية لعمان، فهي نطاق حماية لألمن الوطني األردنـي. وبــرأيــه أيـضـًا فــإن الــواليــات املـتـحـدة تولي هي األخرى أهمية للبادية السورية «كونها مـيـدانـا واســعــا ملـحـاربـة تنظيم داعـــش من جـــهـــة، ومـــراقـــبـــة الـــقـــوافـــل اإليـــرانـــيـــة واملــمــر الــبــري اإليـــرانـــي عـبـر منطقة الـــــ55 وقـاعـدة الـــتـــنـــف مــــن جـــهـــة أخــــــــرى». وأشـــــــار إلـــــى أن «داعـش» يضع البادية السورية في مقدمة اهـتـمـامـاتـه، فـهـي «منطقة عمليات صعب الوصول إليها من أطراف الصراع األخرى، لــــذا تـسـتـقـر خـــاليـــاه فــيــهــا مــنــذ ســـنـــوات»، مـضـيـفـًا: هـــي مـهـمـة للتنظيم كـونـهـا على اتـــصـــال جــغــرافــي مـــع بـــاديـــة األنـــبـــار غـربـي العراق حيث تسهل عمليات تهريب السالح والدعم اللوجستي.