خيارات مصر تجاه القاعدة اإلثيوبية في صوماليالند
تراقب مصر من كثب خطة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في إقليم صوماليالند االنفصالي بالصومال، وهي جاهزة بحسب مصادر العتماد بعض الخيارات حفاظًا على أمنها القومي
تـؤكـد مــصــادر مـصـريـة دبـلـومـاسـيـة وأمـنـيـة، لـ«العربي الـجـديـد»، أن مصر «تتابع حثيثًا كل التحركات في منطقة القرن األفريقي، وال سيما الوضع في الصومال، وخطة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في منطقة أرض الصومال (صوماليالند غير املعترف بها)، وتتحسب لجميع السيناريوهات املحتملة لألزمة». ويــــــقــــــول مــــــســــــؤول أمـــــنـــــي مـــــصـــــري ســــابــــق، طـلـب عـــدم ذكـــر اســمــه، لـــ «الــعــربــي الـجـديـد»، إن «الـــــقـــــاهـــــرة عــــلــــى عــــلــــم بــــمــــا يــــحــــدث فــي صوماليالند من تحركات إثيوبية بمساعدة اإلمــارات التي لعبت دورًا في التوسط بهذه الصفقة، لقربها مـن حكومة صوماليالند، إذ تــقــدم لــهــا الـكـثـيـر مـــن الــخــدمــات األمـنـيـة والعسكرية»، مشيرًا إلى أن اإلمــارات «بدأت في عام 2017 بإنشاء قاعدة في موقع بمطار مدينة بربرة في اإلقليم، وسمح لها بالبقاء فيها مـدة ثالثن عـامـًا». ويؤكد املـسـؤول أن مصر «جاهزة للتحرك قانونيًا ودبلوماسيًا ملواجهة أي خطط قـد تضر بأمنها القومي في منطقة القرن األفريقي». تعليقًا على ذلك، تقول الخبيرة في الشؤون األفريقية نجالء مرعي، في حديث لـ «العربي الــــجــــديــــد»، إن «وجـــــــود قــــاعــــدة تـــجـــاريـــة أو عـسـكـريـة إثـيـوبـيـة فــي صـومـالـيـالنـد يشكل تــهــديــدًا صــريــحــًا، وفــــرض نــفــوذ بــالــقــوة من الجانب اإلثيوبي، وهـو جـزء من دعـم غربي لـــــه، وهــــــذا الـــتـــوســـع يــقــلــق مـــصـــر وإريـــتـــريـــا والصومال وجيبوتي، مع األخذ في االعتبار املــــواقــــف الـــعـــدائـــيـــة تـــجـــاه مـــصـــر، ومــحــاولــة اإلضرار بأمنها املائي». وتـوضـح مـرعـي أن «وجـــود قـاعـدة عسكرية إثـيـوبـيـة عـلـى الـبـحـر األحــمــر يـمـثـل تـهـديـدًا لــألمــن املـــالحـــي فــيــه، ألنــهــا عــالقــة صـراعـيـة وغير تعاونية، فوصول إثيوبيا إلى البحر األحــــمــــر فــــي هـــــذا الــــوقــــت الــــــذي يــشــهــد فـيـه بـــاب املــنــدب تــوتــرًا شــديــدًا بسبب مــا يفعله الـــحـــوثـــيـــون (بـــالـــيـــمـــن)، وفـــــي ضـــــوء ســلــوك إثيوبيا الصراعي في منطقة القرن األفريقي وســــد الــنــهــضــة، يـمـكـنـنـا أن نـتـفـهـم طبيعة تـحـركـاتـهـا اإلقـلـيـمـيـة وطـبـيـعـة تحالفاتها وأدائها عامة». وتضيف مرعي أن «شـراكـة أديــس أبـابـا في إقـلـيـم انـفـصـالـي غـيـر مـعـتـرف بــه قــد فتحت الــبــاب إلـــى مـزيـد مــن الــصــراعــات فــي منطقة الـــقـــرن األفــريــقــي عـــامـــة، وتـشـكـل خــطــرًا على مـــصـــالـــح مـــصـــر املـــالحـــيـــة فــــي هـــــذه املـنـطـقـة امللتهبة، على خلفية هجمات الحوثين على الـسـفـن واملـــمـــرات املــالحــيــة». وتـلـفـت إلـــى أن هــذه الخطوة «قــد تـدفـع حـركـة الشباب (في الـصـومـال) إلـى القيام بخطوات تصعيدية، ما قد يسبب توترًا في الداخل الصومالي». وحـــول املـــســـارات الـتـي يمكن مــن خـاللـهـا أن تدعم مصر الصومال، تقول مرعي: «القاهرة قد تساعد مقديشو في مسارات ثالثة: األول دبـلـومـاسـي، عبر تحريك الجامعة العربية واستخدام نفوذها داخل االتحاد األفريقي، وفــي األروقـــة األممية والـدولـيـة واإلقليمية،
للتأثير على مواقف القوى الكبرى والفاعلن املعنين فـي أمــن املنطقة واسـتـقـرارهـا، بما يـرفـع مـخـاوفـهـم ومـحـاذيـرهـم إزاء الخطوة اإلثــيــوبــيــة. والــثــانــي قــانــونــي، عـبـر تسخير خــبــرتــهــا فـــي هــــذا الــجــانــب بــمــا فـــي ذلــــك ما هو عبر محكمة العدل الدولية، والثالث قد يـكـون على شكل تقديم املــزيــد مــن التدريب والتسليح للجيش الـصـومـالـي». وتضيف: «هـــــنـــــاك خـــــطـــــوات أخــــــــرى مــــثــــل مــــمــــارســــات ضـغـوط على صوماليالند لـوقـف مثل هذا االتفاق، ومساندة الصومال ودعمه في عدم االعتراف بهذا االتفاق من ناحية أخرى». مـــن جــهــتــه، يـــقـــول املـــســـاعـــد الـــســـابـــق لــوزيــر الــــخــــارجــــيــــة املـــــصـــــري الـــســـفـــيـــر رخــــــا أحـــمـــد حــســن، فـــي حــديــث لـــ«الــعــربــي الـــجـــديـــد»، إن
مسؤول أمني مصري: مصر جاهزة للتحرك قانونيًا ودبلوماسيًا «مـسـألـة إقــامــة إثيوبيا قــاعــدة عسكرية في ميناء بصوماليالند وحــق اسـتـخـدام نحو 20 كـيـلـومـتـرًا مـــن املــيــنــاء ألغـــــراض تـجـاريـة وعـــســـكـــريــة بـــحـــريـــة، بـــاالتـــفـــاق مــــع حــكــومــة اإلقــلــيــم مـتـخـطـيـة الــحــكــومــة االتـــحـــاديـــة في مقديشو، مسألة بالغة التعقيد». ويضيف حسن أن «الحكومة االتحادية في مقديشو في غنى عن الدخول في مواجهة عسكرية مع إقليم صوماليالند أو مع إثيوبيا، لظروفها االقـــتـــصـــاديـــة واألمـــنـــيـــة، رغــــم أنـــهـــا صـاحـبـة السيادة والحق في القبول أو االعتراض على ما أقدمت عليه إثيوبيا». ويتابع: «قد يكون تفكير حكومة الصومال االتحادية اآلن هو التوصل إلى تفاهمات مرضية لها مع إقليم صـومـالـيـالنـد مــن نـاحـيـة، ومـــع إثـيـوبـيـا من ناحية أخـــرى، واحــتــواء املـوقـف بــأن يصبح االتفاق على استئجار إثيوبيا امليناء اتفاقًا ثــالثــيــًا، وأن تــتــوافــق إثـيـوبـيـا مــع الحكومة االتحادية الصومالية تجنبًا إلشعال صراع آخر في القرن األفريقي». أمــا الكاتب والخبير فـي الـشـؤون األفريقية هـــاشـــم عــلــي فــيــقــول، فـــي حـــديـــث لـــ «الــعــربــي الـــــجـــــديـــــد»، إن «الـــــخـــــالفـــــات املـــــتـــــوارثـــــة بـن الـصـومـال وإثـيـوبـيـا، يـبـدو أن لها دورًا في ما هو حادث من سوء تفاهم، وكذا حيثيات التنافس اإلقليمي بن البلدين». ويعتبر أن «أديــــس أبــابــا فــي مطالبتها بـــأن يــكــون لها منفذ بحري بحكم ثقلها اإلقليمي والسكاني أمـــــر مــــشــــروع، وهـــــي فــــي حـــاجـــة مـــلـــحـــة إلـــى املــيــنــاء الــبــحــري ألجـــل الـتـنـمـيـة والتخفيف مــــن الـــتـــبـــعـــات االقـــتـــصـــاديـــة وغـــيـــرهـــا، وقـــد شرعت الحكومة اإلثيوبية منذ سنوات في مــحــاوالت لــزيــادة املـنـافـذ الـبـحـريـة، حـتـى ال تـكـون رهينة ملنفذ بـحـري واحـــد فـي ظـروف الـتـقـلـبـات الـسـيـاسـيـة واإلقــلــيــمــيــة». ويشير الخبير إلى أن «التصريح الصومالي باملوافقة على مناقشة أمر منفذ بحري إلثيوبيا ليس بــجــديــد، فــقــد كـــان رد الــفــعــل الــصــومــالــي في فبراير/شباط املاضي، عندما أبرمت إثيوبيا االتـــفـــاق املــبــدئــي مـــع حــكــومــة صـومـالـيـالنـد، أن أشــــار إلــــى عــــدم رفــــض مـقـديـشـو مناقشة أمــــر املــنــفــذ الــبــحــري مـــع إثــيــوبــيــا، مـشـتـرطـة إلــــغــــاء االتــــفــــاق الـــســـابـــق مــــع صــومــالــيــالنــد، الـذي اعتبرته القيادة الصومالية حصل من وراء ظهرها». وكـان وزيـر الدولة الصومالي للشؤون الخارجية علي محمد عمر قد قال، قبل أيـــام، (لـوكـالـة رويــتــرز) إن الـصـومـال لن يقبل أبــدًا خطة إثيوبيا لبناء قاعدة بحرية في منطقة صوماليالند، لكنه سيدرس منح إثيوبيا حق الوصول إلى موانئ تجارية إذا نوقش األمر ثنائيًا.