أميركا تقرر االنسحاب من النيجر
يبدو أن الواليات المتحدة قد انصاعت لضغوط النيجر، وقررت االنسحاب من هذا البلد، في انتكاسة جديدة للقوات األميركية والفرنسية بمنطقة الساحل األفريقي
كشف مسؤولون أميركيون، أول مـن أمس الجمعة، أن الــواليــات املتحدة وافـقـت على سحب قواتها مـن النيجر، بناء على طلب نظام نيامي املنبثق من االنقالب العسكري الذي نفذ في هذا البلد، العام املاضي، وذلك بـــعـــد ضـــغـــوط مـــارســـهـــا هـــــذا الـــنـــظـــام عـلـى القوات األميركية املوجودة في النيجر، منذ أشهر. ويأتي ذلك فيما تسرع دول منطقة الساحل األفريقي، ومنها النيجر، تعاونها العسكري مـع روســيــا، على حـسـاب الغرب الذي يتراجع وجوده العسكري في املنطقة بسبب إخفاقات مزمنة. وقـــــال مـــســـؤولـــون أمـــيـــركـــيـــون، طــلــبــوا عــدم كـشـف أســمــائــهــم، لــوكــالــة «فـــرانـــس بـــرس»، إن نـائـب وزيـــر الخارجية األمـيـركـي كـورت كــامــبــل، أعــلــن املــوافــقــة عـلـى طـلـب سلطات نيامي سحب القوات األميركية من النيجر، وذلك خالل اجتماع في واشنطن مع رئيس الوزراء علي األمن زين، الذي تولى السلطة عقب االنــقــالب العسكري فـي نيامي، الـذي نفذ في يوليو/تموز املاضي، وأطاح سلطة الــرئــيــس املــنــتــخــب مـحـمـد بــــــازوم. ويــنــص االتفاق، بحسب املصادر، على إرســال وفد
أمــيــركــي إلـــى الـنـيـجـر خـــالل األيــــام املقبلة، للتوافق على تفاصيل انسحاب هذه القوات املنخرطة في مكافحة الجماعات املتطرفة في منطقة الساحل األفريقي. وحتى عصر أمـس، لم تعلق وزارة الخارجية األميركية رسميا على هـذه املعلومات، كما لم تحدد املصادر الجدول الزمني لالنسحاب. وأكدت وكالة رويترز أيضا الخبر، نقال عن مصدر أضــــاف أن أي انــســحــاب عـسـكـري لــن يؤثر على العالقات الدبلوماسية واالقتصادي بن البلدين، والتي ستبقى قائمة. ويـــأتـــي الــكــشــف، تــزامــنــا مـــع زيـــــارة رئـيـس وزراء النيجر إلـــى واشــنــطــن، حـيـث التقى مــــســــؤولــــن فــــــي الــــخــــارجــــيــــة األمــــيــــركــــيــــة. وبـحـسـب الـتـلـفـزيـون الـنـيـجـري، فـــإن الـزيـن كــــــرر فــــي واشـــنـــطـــن «بـــلـــغـــة واضــــحــــة وبـــال محظورات، القرار السيادي للنيجر بطلب رحــيــل جميع الــقــوات األجـنـبـيـة، بـمـا فيها األمـــيـــركـــيـــة». وبـــعـــد انـــقـــالب يــولــيــو ،2023 طالب النظام العسكري الجديد في النيجر بسرعة رحيل القوات الفرنسية في النيجر، وغــــادر آخـــر الـجـنـود الـفـرنـسـيـن الـبـلـد في نهاية ديسمبر/كانون األول املاضي، فيما ســـجـــل تـــقـــارب بـــن الـــنـــظـــام الــعــســكــري في نـيـامـي وروســـيـــا، عـلـى غـــرار مــا حـصـل في مـالـي وبـوركـيـنـا فـاسـو املــجــاورتــن اللتن يــحــكــمــهــمــا الـــجـــيـــش أيــــضــــا. والحـــــقـــــا، فـي مـــــارس/آذار املــاضــي، انسحبت نيامي من اتفاقية تـعـاون عسكري موقعة عــام 2012 مع الواليات املتحدة، معتبرة أن واشنطن «فرضتها أحــاديــا» وأن الـوجـود األميركي بـــات بـالـتـالـي «غــيــر شـــرعـــي». وعــلــى ضـوء ذلك، علقت الواليات املتحدة معظم تعاونها مع النيجر، لكنها أعلنت سابقا أنها تنتظر تأكيدًا من السلطات النيجرية بشأن القرار. ويشارك ألف جندي أميركي في النيجر في القتال ضد الجماعات املتطرفة في منطقة الساحل ولديهم قـاعـدة كبيرة للمسيرات فـــي أغـــاديـــز، شــمــال الــنــيــجــر، بــنــيــت بكلفة قــدرهــا مـائـة مـلـيـون دوالر. لـكـن فــي اآلونـــة األخــــيــــرة، أضـــحـــت ســـالمـــة هـــــؤالء الــجــنــود أولوية، ال سيما مع تنامي التظاهرات في النيجر املطالبة برحيلهم الفوري. فـــي املـــقـــابـــل، وافـــقـــت حــكــومــة الـنـيـجـر على تــعــزيــز الـــتـــعـــاون الـــدفـــاعـــي مـــع روســـيـــا في يـــنـــايـــر/كـــانـــون الـــثـــانـــي املــــاضــــي، وفــــي 18 إبــريــل الـحـالـي أعـلـنـت عــن وصـــول مـدربـن عــســكــريــن روس إلــــى الــــبــــالد، فــيــمــا أعــلــن الـتـلـفـزيـون الـرسـمـي مـوافـقـة مـوسـكـو على تثبيت نظام مضاد للطائرات في النيجر، وذلـــــك «لــلــمــســاعــدة فـــي إقـــامـــة نـــظـــام دفـــاع جــــــوي، لـــضـــمـــان الـــســـيـــطـــرة الـــكـــامـــلـــة عـلـى مجالنا الجوي». وكانت موسكو وسعت نفوذها في أفريقيا عبر إرسـال مرتزقة مجموعة «فاغنر» منذ الـعـقـد األول مــن الــقــرن الـحـالـي، ولـكـن بعد فشل تمرد «فاغنر» على القيادة في موسكو في يونيو/حزيران املاضي (ومقتل قائدها يفغيني بريغوجن بـحـادث طـائـرة شمال مـــوســـكـــو) وإعـــــــادة تـنـظـيـمـهـا تــحــت مظلة الـكـرمـلـن، بـاتـت قـــوات «فـاغـنـر» فــي الـقـارة األفريقية تعرف باسم «فيلق أفريقيا». وكــان رئيس النظام العسكري فـي النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني تحدث هاتفيا إلـــــى الـــرئـــيـــس الــــروســــي فـــالديـــمـــيـــر بــوتــن فـــي 26 مــــارس املـــاضـــي، وقـــالـــت الـسـلـطـات فـــي حــيــنــه إنــهــمــا بــحــثــا الـــتـــعـــاون األمــنــي و«الـــتـــعـــاون االســتــراتــيــجــي» فـــي مـواجـهـة «الـــتـــهـــديـــدات الــــراهــــنــــة»، عــلــمــا أن نــيـامــي استقبلت في ديسمبر املاضي، نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف.