فساد بالمليارات في توزيع الغاز المدعوم
األسواق الفلسطينية ما زالت تعاني تبعات الــحــصــار املــســتــمــر مــنــذ سـبـعـة عــشــر عــامــا، والذي فرض فيه االحتال قيودًا مشددة على معظم السلع األسـاسـيـة بحجة االسـتـخـدام املزدوج، ما سبب إنهاك العجلة االقتصادية. واستهدفت الطائرات الحربية اإلسرائيلية خـــال فــتــرة الـــعـــدوان قــرابــة %70 مــن البنية الــتــحــتــيــة واملـــبـــانـــي املـــدنـــيـــة واالقـــتـــصـــاديـــة والـــــتـــــجـــــاريـــــة، فـــــي حـــــني جــــرفــــت األســــــــــواق، والـــشـــركـــات، واملـــحـــال الـــتـــجـــاريـــة، والــبــنــوك، األمـــر الـــذي فـاقـم مــن حـــدة األزمــــات الخانقة واملتزايدة يوما بعد آخر.
أثارت قضية فساد توزيع الغاز املخصص للمنشآت الصناعية فـي مناطق خاضعة لسيطرة النظام الـسـوري جــدال واسـعـا في األوساط االقتصادية والشعبية في سورية، إذ ال تـزال تفاصيلها تتكشف، بينما تقدر قيمة األمــــوال املـنـهـوبـة مــن خـالـهـا والـتـي يـتـورط فيها املــوزعــون الـرسـمـيـون بمئات مـلـيـارات الـلـيـرات (الــــدوالر يـعـادل نحو 14 ألــــف لــيــرة ســــوريــــة). وكــشــف حــســني ديـــاب مــحــافــظ مــديــنــة حــلــب شـــمـــال ســـوريـــة، في تـــصـــريـــحـــات لـــوســـائـــل إعــــــام مــحــلــيــة، عـن وجــــود نــحــو 1300 مــنــشــأة تـسـتـجـر الــغــاز الـصــنـاعــي مـــن دون وجـــه حـــق، (مـغـلـقـة أو غير موجودة عمليا)، مشيرًا إلى أنه جرى إيقاف العمل بالبطاقات الذكية املمنوحة لتلك املنشآت، وذلك من أصل 7515 منشأة مسجلة في حلب. وأوضــــح ديـــاب أنـــه مـنـذ بـــدء الـعـمـل بنظام «الـــبـــطـــاقـــة الــــذكــــيــــة» مــنــتــصــف عـــــام 2021 وحــتــى الـــوقـــت الـــحـــالـــي، تــبــني أن املـنـشـآت التي ال تعمل تحصل شهريا على 15 ألف أسطوانة غاز صناعي، بوزن 16 كيلوغراما لـــأســـطـــوانـــة الـــــواحـــــدة، عــلــمــا أن املــنــشــآت الصناعية في حلب إجماال تحصل شهريا على 100 ألــف أسـطـوانـة غــاز صـنـاعـي، أي أن الـكـمـيـات املــســروقــة تـصـل الـــى %15 من إجــمــالــي الــكــمــيــات املــــوزعــــة، الفــتــا إلــــى أنــه جرى إحالة كامل امللف إلى الهيئة املركزية لـــلـــرقـــابـــة والـــتـــفـــتـــيـــش التــــخــــاذ اإلجـــــــــراءات القانونية املطلوبة. مــــــن جــــهــــتــــهــــا، أوضــــــحــــــت مــــــديــــــرة الــــرقــــابــــة الـداخـلـيـة فـي محافظة حـلـب، عبير مكتبي، أن عــددًا كبيرًا من البطاقات الذكية املوزعة هـي بـحـوزة ناقلي الـغـاز املعتمدين فـي تلك
توزيع وهمي ألسطوانات الغاز على 1300 منشأة صناعية في حلب املنطقة، وبـالـتـالـي الـنـاقـل هــو الـــذي يتحكم في تصريف املــادة، مشيرة الى أن الحصول على البطاقة كان يتم بالتنسيق بينهم وبني الناقل، وأحيانا يحصل الناقل على البطاقة مـــن دون وجــــود صــاحــب الــتــرخــيــص، وهـــذا يشير إلى فساد حقيقي في عملية استخراج هذه البطاقات. وأضافت أنه بعد إحالة امللف للهيئة املركزية للرقابة والتفتيش للتحقيق وتحديد املسؤوليات والكميات املستجرة من دون وجه حق، سيتم تحديد قيمة التغريم، مشيرة إلــى أن شـركـة «مــحــروقــات» التابعة للدولة تبيع أسطوانة الغاز الصناعي بقيمة 160 ألف ليرة، في حني أن سعرها في السوق السوداء يتراوح بني 800 ألف ومليون ليرة بحسب فــصــول الــســنــة. ومـــع احــتــســاب عـدد األســطــوانــات املـسـتـجـرة بشكل غـيـر شرعي شهريا وهـو 15 ألـف أسطوانة ملـدة تتجاوز 32 شـــهـــرًا، يـــقـــدر عـــددهـــا بـــحـــدود 480 ألــف أسطوانة والفرق بني السعر املدعوم وسعر الــســوق الـــســـوداء يـصـل إلـــى 840 ألـــف لـيـرة، وبـالـتـالـي تـقـدر املـبـالـغ املــفــقــودة خـــال هـذه الفترة بنحو 400 مليار ليرة سورية.