العراق: تلّوث الهواء في أعلى معدالته
تـــــزداد مـــعـــدالت تـــلـــوث الـــهـــواء فـــي الــعــراق رغـم تكرار الحديث عن إجـــراءات حكومية للحد مـن الـتـلـوث، وتـعـد العاصمة بغداد ومحافظة البصرة فـي الجنوب ومحافظة نينوى فــي الــشــمــال األكــثــر تـــأثـــرًا. وصــنــفــت تــقــاريــر بيئية دولــيــة الـــعـــراق فــي املــرتــبــة الـخـامـسـة مــن بــن أكثر دول العالم تضررًا بالتغير املناخي. ويربط خبراء ارتـــفـــاع نـسـب تــلــوث الـــهـــواء بجملة أســبــاب بينها املخلفات الحربية والصناعات النفطية إضافة إلى االكـتـظـاظ السكاني، وفــي مسح أجـرتـه شـركـة «آي كيو آر» السويسرية لتصنيع أجهزة تنقية الهواء في مارس/ آذار املاضي، احتل العراق املرتبة الثانية مـن بـن أكثر دول العالم تلوثًا، وجـــاءت العاصمة بـغـداد فـي املرتبة 13 مـن بـن مــدن العالم. وأوضــح املسح أن «العراق الذي يسكنه 43.5 مليون شخص تدهورت جودة الهواء فيه إلى 80.1 ميكروغرامًا من جزيئات (بي إم )2.5 لكل متر مكعب، بعدما كانت 49.7 ميكروغرامًا لكل متر مكعب عام .»2021 وأطلق العراق في سبتمبر/ أيلول املاضي املبادرة الوطنية لدعم الطاقة وتقليل االنـبـعـاثـات، وجـرى تـشـكـيـل فــريــق «أيــــــزو» لـلـطـاقـة الــــذي يــضــم أقــســام الـــجـــودة فــي كــل املــؤســســات الـحـكـومـيـة ومنظمات املجتمع املدني املعنية والعشائر التي تدير برامج الـــطـــاقـــة واملـــســـاحـــات الـــخـــضـــراء وبــــرامــــج مــواجــهــة التغيرات املناخية. وسبق أن حــذرت وزارة البيئة العراقية من خطورة ارتفاع نسب التلوث البيئي، لكنها لــم تـضـع عــاجــًا للملف، وأكــــدت الـــــوزارة أن التلوث يشمل الـهـواء واملـيـاه والـتـربـة، كما أشـارت إلــى أن تــلــوث الــهــواء ينتج مــن عمليات استخراج الـــنـــفـــط فــــي مـــحـــافـــظـــات عـــــــدة، واألعـــــــــــداد الــكــبــيــرة للسيارات، وعدم التزام معامل ومصانع قريبة من املدن بإجراء ات الحفاظ على البيئة. يقول وكيل وزارة البيئة جاسم الفاحي لـ «العربي الـــجـــديـــد»: «يــثــيــر تـــلـــوث الـــهـــواء والــبــيــئــة عـمـومـًا مخاوف حقيقية في محافظات عدة بينها بغداد والبصرة، والحكومة تولي اهتمامًا بالغًا بأزمتي الـتـغـيـر املـنـاخـي والــتــلــوث، وخـصـصـت 90 مليار ديـــنـــار 67.5( مــلــيــون دوالر) الحــــتــــواء تــأثــيــرات التغيرات املناخية ومعالجة التلوث، واستغال الـــغـــاز املـــصـــاحـــب لـتـقـلـيـل انـــبـــعـــاثـــات الـــكـــاربـــون، والــــتــــوجــــه نـــحـــو تــقــلــيــل االعــــتــــمــــاد عـــلـــى الـــوقـــود األحـفـوري واستبداله بالطاقة النظيفة». ويقول الناشط البيئي حميد العراقي لـ «العربي الجديد»: «يمر الـعـراق حاليًا بأشد مراحل التدهور املائي الــذي يهدد الوضع البيئي ويرفع معدالت تلوث الــهــواء، ويعني ذلــك ضـــرورة التوجه نحو تقليل االنـــبـــعـــاثـــات الـــنـــاجـــمـــة عــــن الــــوقــــود االحــــفــــوري، وتـشـجـيـع وتـطـويـر الـقـطـاع الـــزراعـــي، واالعـتـمـاد على محاصيل يتطلب سقيها كميات قليلة من املياه، علمًا أن الحكومات ومجالس النواب التي تشكلت طـوال العقدين املاضين لم تقدم ما يلزم لتقليل آثــار التغير املناخي. هناك حاجة لوضع خطة شاملة للمواجهة والتكيف، تبدأ بالتفاهم مــع دول الــجــوار للمشاركة فــي احــتــواء األضـــرار، وإجــــــــراء إصــــاحــــات حــقــيــقــيــة فــــي الــــداخــــل مـنـهـا تقليل استخراج النفط، وتعزيز النقل الجماعي، واستيراد السيارات الكهربائية، وتفعيل قانون البيئة املعطل، وإدراج تشريعات جديدة تتوافق مع أهداف وقرارات مؤتمرات املناخ الدولية». وفي منتصف مـارس/ آذار املاضي، أعلنت وزارة الــزراعــيــة الـعـراقـيـة خـــروج نـحـو نـصـف األراضـــي الزراعية في عموم مدن الباد من اإلنتاج نتيجة الجفاف الــذي يضرب الـبـاد منذ سـنـوات بسبب تــــراجــــع مــنــاســيــب نـــهـــري دجـــلـــة والـــــفـــــرات وشــــح األمطار، وجاء ذلك بعدما وضعت وزارتا الزراعة واملـوارد املائية خطة زراعية تعتمد بنحو 60 في املـائـة على املـيـاه الجوفية، وقـالـت وزارة الـزراعـة إن «الجفاف عطل خال السنوات األربــع املاضية استغال 27 مليون دونم». وتـقـول الصحافية عائشة عبد الـرحـيـم لـ«العربي الجديد» إن «االكتظاظ السكاني واملخلفات الحربية والـعـسـكـريـة واســتــخــراج الـنـفـط واملــعــامــل القريبة مــن املـــدن السكنية، أثـــرت على الــوضــع البيئي في الـبـاد. ويمكن اعتبار محافظات بـغـداد والبصرة ونــيــنــوى األكـــثـــر تـــأثـــرًا، عـلـمـًا أن نــيــنــوى تحتضن أكبر عدد من مرضى السرطان في العراق. وتضغط الزيادة السكانية املهولة على البنى التحتية وتزيد مــعــدالت الــتــلــوث، لـــذا يـحـتـاج الــعــراق إلـــى أكـثـر من مدينة إداريــــة، وإلــى منع اسـتـمـرار بناء املجمعات السكنية داخل املدن».