«وصايا الصبار»... شيء أفضل كان ممكنًا
انتهى عرض مسلسل «وصايا الصبار» مع انتهاء الموسم الرمضاني. نعود هنا إلى نجاحات وإخفاقات هذا العمل السوري
لعقود شكلت الروايات واملسرحيات العاملية والعربية مــادة دسمة للمنتجن والكتاب، إلعــــــادة صــيــاغــتــهــا درامــــيــــًا وتــقــديــمــهــا في مسلسات تلفزيونية. لكن في العقد األخير تراجعت هذه النوعية من األعمال، لصالح تلك املقتبسة من مسلسات غربية أو تركية. فـــي مــوســم رمـــضـــان املـــاضـــي، قـــدمـــت الـــدرامـــا السورية مسلسا بعنوان «وصايا الصبار»، مـــؤلـــف مــــن 17 حـــلـــقـــة، كــتــبــهــا فــــــادي حـسـن وأخــــرجــــهــــا ســمــيــر حـــســـن. الـــعـــمـــل مـقـتـبـس بشكل مباشر من مسرحية ويليام شكسبير الـــشـــهـــيـــرة «لــــيــــدي مـــاكـــبـــث»، وقـــــد لـــعـــب دور البطولة في املسلسل املمثان السوريان أمل عرفة وعبد املنعم عمايري إلى جانب الفنانن صفاء سلطان، وعامر علي، وروبــن عيسى، وفايز قزق، وعاصم حواط، ورنا العضم... اجـــتـــمـــع عـــبـــد املـــنـــعـــم عـــمـــايـــري وأمــــــل عــرفــة فــي أعــمــال عـــدة قـبـل وبــعــد زواجــهــمــا وبعد طــاقــهــمــا، لــيــضــاف «وصـــايـــا الــصــبــار» إلــى قـــائـــمـــة الــــتــــعــــاون بـــيـــنـــهـــمـــا. وقـــــدمـــــت عـــرفـــة
شخصية ليدي ماكبث التي تتحكم بزوجها كــي يـحـتـال عـلـى الـعـائـلـة الـثـريـة الـتـي ربـتـه، ليصبح أغنى منها ويستولي على أموالها. قـــــدم الـــفـــنـــانـــان ثـــنـــائـــيـــة مـــمـــيـــزة مــــن نــاحــيــة األداء، واســتــطــاعــت شـخـصـيـة نــديــمــة الـتـي لعبتها عــرفــة أن تستفز مـشـاعـر املتابعن بجبروتها وقوتها وجنونها، كذلك فعل عبد املنعم عمايري الـــذي بــرز بشخصية الرجل املـطـيـع لـزوجـتـه لينفذ بسببها جــرائــم قتل عـــــدة، ويــتــحــول مـــن شــخــص بـسـيـط مـسـالـم إلــى شخص شرير حاقد بسببها. كما أدى املـمـثـلـون اآلخـــــرون أدوارهـــــم بـطـريـقـة جيدة ليكون عامر علي حاضرًا بقوة وكذلك صفاء سلطان وروبن عيسى. ولعل نقطة الضعف والوحيدة كانت لدى الشابن نسيم أبو دان وميخائيل صليبي، حيث بدا أداؤهما هشًا. رغـــــــم أن الــــقــــصــــة مــــــأخــــــوذة عـــــن مــســرحــيــة شكسبير، أعـــاد الـكـاتـب تطويعها لتناسب الواقع الحالي. إال أن الثغرات كانت واضحة فـــي الــعــمــل مـــن خــــال نـــص بــحــاجــة إلعــــادة هيكلة قـبـل تـقـديـمـه، فــرغــم أن الـــصـــراع كـان واضحًا بن عائلة املاح وشخصية خلدون التي يلعبها عمايري، إال أن تنفيذ الخطط الــــتــــي أوقــــعــــت بـــالـــشـــركـــة لــــم تـــكـــن واضـــحـــة للجمهور بشكل كامل، وبحاجة لشرح. كذلك حـن قــرر أوالد املــاح (صـفـاء سلطان وعـــامـــر عــلــي) الـــعـــودة إلـــى الــشــركــة والــبــاد منتصرين لم توضح األحـداث كيف انتصرا وعلى أي أساس استندا في انتصارهما. وجـــاءت نقطة الضعف الثانية فـي اإلخــراج الــــذي قــــدم فـيـه سـمـيـر حـسـن رؤيــــة بسيطة تـخـلـو مـــن اإلبــــهــــار، كــانــت قــائــمــة فــقــط على تـــصـــويـــر املـــشـــاهـــد بــطــريــقــة عـــامـــة مــــن دون تــنــفــيــذ مـــتـــقـــن أو أســــلــــوب جـــديـــد يـتـنـاسـب مـع قصة العمل املليئة بالجرائم واألكـشـن، ليقدم املـخـرج رؤيـتـه وكأنها عالقة فـي عام 2008 با تجديد يذكر. كما أن تنفيذ مشاهد الجرائم جاء ضعيفًا مع اقتطاع مقاطع منها
بسبب سـيـاسـة قــنــاة أبـوظـبـي الــتــي ترفض عـرض العنف في رمـضـان، لكن يمكن القول إن املـــخـــرج اســتــطــاع إدارة املــمــثــلــن بشكل جيد فقدموا أداء مهمًا، متربعة على رأسهم أمـل عرفة التي استطاعت أن تكون البطاقة الــرابــحــة للمسلسل فــي مـشـاهـدهـا. كـــان من املمكن أن يكون «وصايا الصبار» أفضل من ذلك بكثير على صعيد الحكاية واإلخراج، ال سيما أن النص مأخوذ من مسرحية مليئة بالتفاصيل املثيرة.