Al Araby Al Jadeed

المسألة المغاربية... محاولة أخرى

- عثمان لحياني

قمة تونس الثانية في غضون أقل من شهرين، بني قادة الجزائر وتونس وليبيا، الرئيسني، الجزائري عبد املجيد تبون والتونسي قيس سعيد ورئيس املجلس الرئاسي الليبي محمد املنفي، وتأكيد ديمومة اللقاء كل ثالثة أشهر مؤشر بالغ على أن منسوب الثقة السياسية وااليجابية بني القادة في الدول الثالث وصل إلى مرحلة عميقة. السؤال األساسي حاليًا مرتبط بكيفية تحويل هذه الثقة السياسية وإضافتها إلى الرصيد االقتصادي واالجتماعي واألمني لدول املنطقة وشعوبها، إلعادة إنتاج حلول محلية مشتركة للمشكالت القائمة. قطعًا، ليس إلطار التشاور الجديد بني الدول الثالث عالقة باتحاد املغرب العربي املجمدة مؤسساته منذ ،1994 وال أحد سيزعم أنه بديل لهذا االتحاد املعطل أو قفز عليه، بقدر ما هي محاولة مختلفة في سياقها وغاياتها وأدواتها، لسد فراغ إقليمي نتجت عنه مخلفات أضرت بمصالح دول املنطقة وشعوبها. تدرك الجزائر، وهي الطرف األساس واملبادرة لهذا اإلطار التنسيقي الجديد، أن الظروف القائمة على صعيد الحالة الليبية الهشة مؤسسيًا، والوضع امللتبس في تونس في أفق انتخابات رئاسية مقبلة، ال يتيحان االنحياز إلى إنشاء كيان مؤسسي جديد. لذلك استقرت الفكرة ربطا بما تتيحه الظروف، على إطار تنسيق يتشكل من ثالثة أبعاد، مجموعة أفكار سياسية واقتصادية براغماتية قابلة للقياس والتنفيذ. على هذا النحو، يصبح املعنى السياسي لهذه املبادرة، مرتبطًا قياسًا بما يتحقق عمليًا من حزمة األفكار واملشاريع التي تطرح للتنفيذ أو جزء منها على األقل، وبما تتلمسه شعوب الدول الثالث في املدى املنظور، من قيمة مضافة. وبالتأكيد، هناك أطراف ال تسرها هذه الخطوة، وتحقيق هذه األفكار ووضعها قيد التنفيذ ليس بالسهولة التي يتصورها بعضهم، كونها ال تحتاج إلى مجرد قرار. بني الرغبة السياسية واإلنجاز مسافة من املصاعب والظروف الداخلية املحيطة بكل بلد وباملنطقة ككل، لكن ثمة أكثر من سبب ضاغط على القيادات والنخب السياسية، للبدء بإنجاز األفكار البسيطة واملشاريع البينية املمكنة، بما يفتح الشهية التي تأتي عادة مع الوقت... الزمن السياسي واإلقليمي يجعل هذه املحاولة اإلقليمية فرصة ثمينة يجب أال تهدر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar