الحكومة اإلثيوبية غائبة عن أزمات المنطقة نزاع تيغراي يعود بوجه جديد
يتواصل النزاع في إقليم تيغراي، شمال إثيوبيا، بوجه آخر، ال سيما مع عدم تطبيق كامل بنود اتفاق بريتوريا لوقف النار بين الحكومة اإلثيوبية ومتمردي تيغراي، فضًال عن النزاع بين تيغراي واألمهرة بشأن األراضي، وهي أزمة يفاقمها الجوع
بعد حرب دموية استمرت عامني، بــــني الـــجـــيـــش اإلثـــيـــوبـــي وقـــــوات «جبهة تحرير تيغراي» املتمردة، في إقليم تيغراي الواقع شمال إثيوبيا، بني 2020 ،2022و يبدو أن تداعيات هذه الحرب لم تنته بعد، وال تزال متواصلة، ولو بشكل آخــر، وسـط نـزاعـات إثنية، يفاقمها الجوع وشـــــح املــــــوارد الـــــذي يـلـقـي بــظــالــه ويـــهـــدد املــنــطــقــة. والـــافـــت أمــــس كــــان حـــديـــث األمـــم املتحدة عن نـزوح أكثر من 50 ألف شخص مـــن مــنــازلــهــم فـــي شـــمـــال إثـــيـــوبـــيـــا، بسبب نزاع شبه صامت، بدأت مامحه تظهر إلى العلن اليوم، علمًا أن املنظمة األممية كانت تحدثت قبل أيـــام قليلة فقط عـن نـــزوح 29 ألــف شخص مــن املنطقة، مــا يعني ارتـفـاع أزمة النزوح بشكل متسارع. وأعلن مكتب األمم املتحدة لتنسيق الشؤون اإلنــســانــيــة (أوتــــشــــا)، مـــســـاء أول مـــن أمــس اإلثنني، عن نـزوح أكثر من 50 ألف شخص مـــن مــنــازلــهــم فـــي شـــمـــال إثـــيـــوبـــيـــا، بسبب معارك في مناطق متنازع عليها. وأوضـح املـــكـــتـــب األمـــــمـــــي، فــــي تـــقـــريـــر لـــــه، أن «عــــدد الــنــازحــني جــــراء االشــتــبــاكــات املـسـلـحـة في بلدة أالمـاتـا ورايـــا أالمـاتـا، منذ 13 إبريل/ نـيـسـان الـحـالـي، تــجــاوز 50 ألـــف شـخـص»، وذلــــــــك نــــقــــا عـــــن الــــســــلــــطــــات فـــــي املــنــطــقــة املتنازع عليها بني إقليمي تيغراي وأمهرة املــتــجــاوريــن. وأفــــاد «أوتـــشـــا» بـــأن نـحـو 42 ألفًا من النازحني فــروا في اتجاه الجنوب، ال سيما إلى محيط مدينة كوبو، وفر 8300 فــي اتــجــاه بـلـدة سيكوتا شــمــاال، مــؤكــدًا أن غالبية النازحني هم من «النساء واألطفال والشباب والشيوخ». وتقع أالماتا وجوارها في منطقة رايا املتنازع عليها بني تيغراي وأمـــــهـــــرة، حـــيـــث انـــدلـــعـــت اشـــتـــبـــاكـــات بـني مقاتلني من اإلثنيتني منذ نحو عشرة أيام. وكـانـت مناطق رايـــا، الـواقـعـة جـنـوب إقليم تـــيـــغـــراي، ومــنــطــقــة وولـــكـــيـــت الـــواقـــعـــة فـي غــــرب اإلقـــلـــيـــم، تــابــعــة إداريــــــًا لــتــيــغــراي في تسعينيات القرن املاضي، وتطالب بها منذ عقود مجموعة األمهرة. ودخلت مليشيات و«قــــوات خـاصـة» مـن إقليم أمـهـرة إلــى تلك املناطق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 عــنــدمــا انـــدلـــعـــت الـــحـــرب بـــني حــكــومــة أبــي أحمد، ومتمردي تيغراي، وقامت بتنصيب إدارتــــهــــا الـــخـــاصـــة. ويـــنـــص اتـــفـــاق الــســام بــني الـحـكـومـة الـفـيـدرالـيـة فــي أديـــس أبـابـا، و«جبهة تحرير شعب تيغراي» في نوفمبر 2022 واملوقع في بريتوريا، عاصمة جنوب أفريقيا، على انسحاب قوات أمهرة من تلك املناطق، بعدما قدمت دعمًا عسكريًا حاسمًا للجيش اإلثيوبي خال حربه ضد متمردي تيغراي. وفـي النزاع الحالي، ال تــزال هوية املــقــاتــلــني املــشــاركــني فـــي االشــتــبــاكــات غير واضحة، فيما تتوالى التقارير التي تحذر مــــن مـــجـــاعـــة فــــي املـــنـــطـــقـــة. ويــــــوم األربــــعــــاء املـــاضـــي، أي قـبـل أســـبـــوع، اتـهـمـت سلطات أمهرة «جبهة تحرير تيغراي»، «بشن غزو،
في انتهاك كامل التفاق بريتوريا»، مطالبة إيــــاهــــا «بــــمــــغــــادرة املـــنـــاطـــق الـــتـــي تـسـيـطـر عليها بسرعة». وفي اليوم الـذي سبقه، أي الثاثاء في 16 إبريل، تحدث رئيس السلطة اإلقــلــيــمــيــة املـــؤقـــتـــة فـــي تـــيـــغـــراي، غـيـتـاشـو رضــــــا، عــــن «أحـــــــــداث فــــي جـــنـــوب تـــيـــغـــراي، وغـيـرهـا مـن األراضــــي املحتلة»، فـي إشــارة إلــى املناطق التي سيطرت عليها األمـهـرة، والــتــي تـدعـي أنـهـا تـعـود لـهـا. وكـتـب رضــا، عبر منصة «إكـــس»، إن األحـــداث «لــم تنشأ مـن نــزاع بـني الحكومة الفيدرالية واإلدارة املـوقـتـة/ أو جبهة تحرير شعب تيغراي»، وال من «نـزاع بني إدارتـي تيغراي وأمهرة»، ولكنها كـانـت عمل «أعــــداء لــدوديــن التفاق بـريـتـوريـا». وأعــربــت ســفــارات فـي إثيوبيا،
بينها بـعـثـات فـرنـسـا وبـريـطـانـيـا وأملـانـيـا والــــواليــــات املــتــحــدة، يـــوم الـسـبـت املــاضــي، عن «قلقها إزاء تقارير عن أعمال عنف في املناطق املتنازع عليها في شمال إثيوبيا»، داعية في بيان مشترك إلى «وقف التصعيد وحماية املدنيني». وكـانـت األمـــم املتحدة قـد تحدثت منذ أيـام فــقــط عـــن نــــزوح مـــا يــقــرب مـــن 29 شـخـصـًا، بسبب املعارك املرتبطة بنزاع حول األراضي بني إقليمي تيغراي وأمهرة، شمال إثيوبيا، مؤكدة أن القتال بدأ حديثًا، في رايا أالماتا، الـتـي يـدعـي كـل مـن الطرفني أنـهـا تـعـود له. وبحسب شبكة «بي بي سي»، في تقرير لها، وسط تعتيم حكومي عن هذه االشتباكات ومـنـع الصحافيني مـن دخـــول املنطقة، فإن املسؤولني في أمهرة يتهمون قوات تيغراي بشن «غـــزو»، لكن متمردي تيغراي ينفون ذلـــك. ولفتت الشبكة، بحسب معلوماتها، إلــى أنــه مـع انـــدالع القتال األخــيــر، يـبـدو أن قوات تيغراي فعا قد حققت بعض التقدم في املناطق املتنازع عليها. وبحسب تحذير األمـم املتحدة السابق، فـإن «عملية لإلنقاذ أصـبـحـت ضـــــرورة»، متحدثة عــن «عـائـات تــخــتــبــئ فــــي الــــعــــراء قـــــرب مــنــطــقــتــي كــوبــو وسيكوتا في أمهرة». في غضون ذلك، ال تقتصر أزمة املنطقة على الـحـرب والـنـزاعـات الـدمـويـة، بـل يطل شبح املجاعة برأسه في تيغراي، ما يعود سببه
في املقام األول إلى الجفاف. وبحسب تقرير لــوكــالــة أســوشــيــيــتــد بـــــرس، فـــي 11 مـــارس املـــاضـــي، فــــإن آثـــــار الـــحـــرب ال تـــــزال ظــاهــرة فـــي مــنــطــقــة تـــيـــغـــراي، ويــفــاقــهــمــا الــجــفــاف وســـوء إدارة املــســاعــدات اإلنـسـانـيـة، والتي دفـــعـــت األمـــــم املـــتـــحـــدة والــــواليــــات املــتــحــدة إلى تعليقها مؤقتًا العام املاضي. وبحسب تــقــريــر ملـحـقـق حــكــومــي مـكـلـف مـــن حكومة أديـــــس أبـــابـــا، فــقــد تـــوفـــي 400 شــخــص في أمهرة وتيغراي خال األشهر الستة األخيرة من العام املاضي من الجوع. وبحسب تقرير نـــشـــرتـــه صــحــيــفــة لـــومـــونـــد الــفــرنــســيــة فـي 11 مـــارس املــاضــي، فـقـد أصـبـح الــجــوع في إقليم تيغراي اإلثيوبي «معركة سياسية»، مــتــحــدثــة عـــن أن آخــــر هـــطـــول لــأمــطــار في املنطقة سجل في خريف عام ،2022 عندما كـــانـــت آخـــــر املــــعــــارك تــــــدور بــــني املــتــمــرديــن والـــجـــيـــش قــبــل وقــــف الــــنــــار. وفــــي فــبــرايــر/ شـبـاط املــاضــي، تــحــدث تـقـريـر آخـــر لوكالة أسوشييتد برس عن قيام القوات اإلريترية بقتل املزارعني وسرقة مواشيهم في املناطق الحدودية مع تيغراي، وذلك بحسب مذكرة لـــــ«الــــتــــجــــمــــع الــــصــــحــــي اإلثــــــيــــــوبــــــي»، وهــــو هـيـئـة إداريـــــة حـكـومـيـة، لـكـن وزارة اإلعـــام اإلثيوبية نفت ذلــك. وبحسب التقرير، فإن عشرات الوفيات سجلت أيضًا في منطقتي شيمبلينا وأديميتي، فـي تـيـغـراي، بسبب الجفاف، من دون توضيح تاريخها. ويــــتــــعــــلــــق األمــــــــر فـــــي تــــيــــغــــراي خـــصـــوصـــًا بضعف تطبيق وقف إطـاق النار وبنوده، بحسب جبهة تـحـريـر تـيـغـراي، الـتـي دعـت مــرارًا املجتمع الـدولـي، لدعم تطبيق اتفاق بـريـتـوريـا. لكن انـشـغـال الــقــوات الحكومية بعد االتفاق كان منصبًا على محاربة قوات فـــي أمــــهــــرة، وقـــفـــت مــعــهــا فـــي حــربــهــا ضد تــيــغــراي، بـيـنـمـا فـــي صــلــب األزمــــــة، ال تـــزال مشكات عالقة، مثل املناطق املتنازع عليها، ونزع الساح من أيدي املليشيات، ومصير مئات آالف النازحني.
يتهم مسؤولون في أمهرة قوات تيغراي بّشن غزو في أالماتا