تهجير قسري للصناعيين في مناطق النظام السوري
تقارير عربية
عـــادت مــجــددًا وســائــل إعـــام تـابـعـة للنظام الـسـوري للكشف أخـيـرًا، عـن توقف عشرات املعامل واملصانع وتسريح عشرات العمال بـــذريـــعـــة غــــاء أســـعـــار الـــكـــهـــربـــاء، مـــا يفتح السؤال عن وجود من يسعى لتهجير قسري للصناعين في حلب، وعن املستفيد من وراء هـــذه العملية. وكـــان مــســؤولــون فــي النظام السوري قد كشفوا في عام 2021 عن هجرة مـــئـــات الــصــنــاعــيــن الـــســـوريـــن إلـــــى خــــارج سورية من حلب ودمـشـق، وأبــرز وجهاتهم كانت مصر. ومن أسباب الهجرة التي نقلتها «مـلـيـودي إف إم» التابعة للنظام فـي وقت
سابق، عدم توفير الطاقة لتشغيل املصانع وبــعــض اإلشــكــالــيــات املـتـعـلـقـة بـالـتـصـديـر، والــــجــــمــــارك ووزارة املـــالـــيـــة والـــتـــأمـــيـــنـــات االجتماعية، وأخيرًا قالت صحيفة «الوطن» إن هـــنـــاك أكـــثـــر مـــن 25 مــعــمــا « مـصـنـعـا» جــــديــــدًا خـــــرج مــــن اإلنــــتــــاج نــتــيــجــة ارتـــفـــاع
غالء الوقود وتهاوي الليرة من أبرز المشاكل التي تواجه القطاع الــتــكــالــيــف وأســــعــــار الـــكـــهـــربـــاء، وإن هــنــاك صناعيا وصاحب منشأة ســرح 165 عاما نتيجة ارتفاع التكاليف، وال سيما الكهرباء، ولــــم يـــبـــق ســــوى خــمــســة عـــمـــال فـــي مـعـمـلـه. ونقلت الصحيفة أن الصناعين يطالبون حكومة النظام بإيجاد حـلـول جــذريــة، وأن هناك «تهجيرًا قسريا للصناعين»، بينما نقلت عن رئيس اتحاد غرف الصناعة لدى النظام غــزوان املـصـري، زعمه أن «الحكومة تــــدعــــم قــــطــــاع الـــصـــحـــة والـــتـــعـــلـــيـــم والـــخـــبـــز والزراعة وغيرها، مشيرًا إلى أن الصناعة ال تقل أهمية عن هذه القطاعات ألنها املحرك واملعن لألسر املنتجة.» وتعليقا على تلك الظاهرة الخطيرة، يقول الباحث االقتصادي السوري يونس كريم، في حديث مع «العربي الجديد»، أن هناك مجموعة أســبــاب غـيـر مـبـاشـرة ومـبـاشـرة لتوقف املعامل فـي حلب، فاملباشرة منها ارتفاع أسعار الوقود الذي أدى إلى ارتفاع التكلفة املباشرة إلنتاج الوحدة الواحدة من املنتج، إضافة إلى تخفيض قيمة الرواتب بنحو غير مباشر من خال زيادة كلفة نقل املوظفن، أو حتى في مستوى الدخل الذي يتوافق مع ارتفاع األسعار. وحسب كريم، فــــإن الــســبــب الــثــانــي يـتـمـثـل فـــي انـخـفـاض القدرة الشرائية لليرة السورية، وهذا جعل سعر البضائع املنتجة مبالغا بها، وليست فـــي مـــتـــنـــاول األفــــــــراد، وثـــالـــثـــا عــــدم وجـــود أسواق تصريف خارجية نتيجة عدم وجود طلب على البضاعة السورية، ورابعا فرض ضـرائـب كبيرة على التجار. وأكــد الباحث االقتصادي أن السبب الخامس عدم القدرة على استيراد املواد األولية الازمة لإلنتاج، ومعظم املواد حاليا مستوردة من الخارج، وهذا األمر زاد الكلفة مع صعوبة الحصول على القطع األجـنـبـي، وخصوصا مـع عدم وجـــود جــهــاز مـصـرفـي داعـــم لــهــم، ووجـــود املكتب السري الــذي يمنعهم من الحصول على دوالر من السوق السوداء. واألســبــاب غير املـبـاشـرة، بحسب الباحث االقتصادي، إلغاق املعامل، الضغط من قبل مليشيات النظام السوري والحرس الثوري اإليراني على املعامل من أجل استخدامها فـي صناعة املــخــدرات، إضـافـة إلــى تخزين املـــــواد املـــخـــدرة وتــخــزيــن بـعـض األسـلـحـة، وهذا يزيد الخطر على املعامل. وأضاف أن أمـراء الحرب ضغطوا على بعض أصحاب املعامل لبيع معاملهم، وهـذه عملية غسل أمــــوال دفــعــت الـبـعـض إلـــى تـــرك املـعـامـل أو إغـاقـهـا، إضــافــة إلــى أن حلب مــن املناطق التي تخضع لصراع سلطة بن اإليرانين واألتــــــــراك واآلن الــصــيــنــيــون، إضـــافـــة إلــى الصراع بن قسد والنظام، وهناك تجار من األكراد يضغطون على النظام من خال منع دخـــول املــحــروقــات، وهــنــاك بـعـض املعامل
أغلقت بسبب قربها مـن خـطـوط التماس، ومـــن مــقــار املليشيات الـتـي تضعها تحت الــخــطــر. يـضـيـف الــبــاحــث يــونــس كــريــم، أن ما ذكر سابقا من أسباب يوضح أن النظام يتقصد عــدم دعــم الصناعة والصناعين، وأن املليشيات كان لها دور في ذلك، والنظام ال يعتبر بقاء الصناعين ودعــم الصناعة مـــن أولـــويـــاتـــه، وهــــذه الــســيــاســة مـسـتـمـرة، وبالتالي يجد التجار أنفسهم أمام خسائر متتالية، وبالتالي اإلغاق واملغادرة. وذكر الــبــاحــث أن هــنــاك بـعـض الــتــجــار مــا زالـــوا يفتحون معاملهم رغم الخسائر املستمرة، وذلك نتيجة الضغط الذي يمارسه املكتب السري التابع للمكتب االقتصادي بالقصر الرئاسي وإجـبـارهـم على استمرار العمل. وعن الدور اإليراني، يرى الباحث أن «إيران تهدف بالدرجة األولى إلى شراء مؤسسات تــابــعــة لـــلـــدولـــة، ولـــيـــس لـــشـــراء مــؤســســات القطاع الخاص. إيران مستفيدة بشكل غير مباشر من هذا اإلغاق، ألنها تعتبر نفسها البديل للمنتجات السورية، وأنها تستطيع شـــــراء أي مــعــمــل يـــريـــد أصـــحـــابـــه املـــغـــادرة بتخليصهم من قبضة أمن األسد». مـــــن جــــانــــبــــه، يــــــرى الــــبــــاحــــث االقــــتــــصــــادي والسياسي السوري حيان حبابة، أن هجرة الصناعين من سورية إلـى الـخـارج ليست جـــــديـــــدة، وهـــــي مـــســـتـــمـــرة مـــنـــذ عـــــام 2011 وحرب النظام على الشعب وتدميره البنية التحتية لاستثمار بشكل عام، حيث بدأت رؤوس األمـــــوال والــصــنــاعــيــن بــالــفــرار من الــبــاد. وأوضــــح أن رأس املـــال ال يعمل في بيئة الصراع، حيث تهاجر رؤوس األمـوال إلى بيئات أكثر استقرارًا، مضيفا أن النظام عاجز عن تأمن حاجات الصناعين، وعلى رأسـهـا حمايتهم، وهـو عاجز عـن استيراد املــــواد األولـــيـــة. ويـــرى حـبـابـة أن املليشيات الـــــخـــــارجـــــة عـــــن ســــيــــطــــرة الــــنــــظــــام تــســطــو عـلـى الـصـنـاعـيـن وعــلــى املـسـتـثـمـريـن، وأن الضرائب وانهيار العملة لها دور، خصوصا مع إجبار الصناعين على التعامل بالليرة السورية التي تفقد قيمتها.