قفزة في السياحة وانخفاض الحواالت
مؤشران فارقان كشفت عنهما بيانات االقــــتــــصــــاد الــــســــعــــودي أخـــــيـــــرًا فـــــي مـا يتعلق بإنفاق السياح الزائرين للمملكة مــــن جـــانـــب وقـــيـــمـــة حــــــــواالت األجـــانـــب العاملني فيها من جانب آخر، إذ سجل إنـفـاق السياح أعلى معدل تاريخي له عــام ،2023 فـي حـني انخفضت حــواالت األجانب إلى أدنى مستوى منذ خمسة أعــــــوام. وســـجـــل بــنــد الــســفــر فـــي مــيــزان املـــــدفـــــوعـــــات الـــــســـــعـــــودي خـــــــالل الــــعــــام املــاضــي أكــبــر فــائــض تـاريـخـي عـنـد 48 مليار ريال 12.7( مليار دوالر)؛ مدفوعًا بـالـنـمـو الـكـبـيـر لـلـسـيـاح الــقــادمــني من الخارج، بحسب وزارة السياحة. وسجل إنــفــاق الــــزوار الـقـادمـني إلـــى السعودية مــن الـــخـــارج رقــمــًا قـيـاسـيـًا خـــالل الـعـام ،2023 وذلك بحسب بيان البنك املركزي الـــســـعـــودي الــــخــــاص بــبــنــد الـــســـفـــر فـي مـــيـــزان املـــدفـــوعـــات، بــإنــفــاق يــصــل إلــى 135 مليار ريال (نحو 36 مليار دوالر). ويـعـد هــذا الـرقـم هـو األعـلـى فـي تاريخ الــســعــوديــة، ويـمـثـل نـسـبـة نـمـو قـدرهـا %42.8 مـقـارنـة بـعـام .2022 وتـصـدرت السعودية قائمة األمم املتحدة للسياحة فــي نـسـبـة نـمـو عـــدد الــســيــاح الـدولـيـني فــــي عـــــام 2023 مـــقـــارنـــة بـــالـــعـــام 2019 للدول الكبرى سياحيًا، محققة ارتفاعًا بنسبة %56 في عدد السياح الوافدين، وذلـك وفقًا لتقرير الباروميتر الصادر من األمــم املتحدة للسياحة في يناير/ كانون الثاني .2024 وفي املقابل، بلغت قيمة حواالت األجانب في شهر فبراير/ شباط املاضي، نحو 9.33 مليارات ريال ســـعـــودي 2.4( مـلـيـار دوالر)، فـــي حني كـانـت قيمتها فـي شهر يـنـايـر/ كانون الــثــانــي املـــاضـــي نــحــو 10.41 مــلــيــارات ريــــــــال 2.7( مــــلــــيــــار دوالر)، لــتــســجــل انخفاضًا بقيمة 1.08 مليار ريال 479( مليون دوالر)، بحسب بيانات رسمية. وتـــراجـــع مــتــوســط مــســتــوى الـــحـــواالت الشهرية لألجانب املقيمني باململكة في يـنـايـر/كـانـون الـثـانـي وفـبـرايـر/شـبـاط املاضيني إلى أدنى مستوى في خمسة أعوام على األقل. يـــشـــيـــر الـــخـــبـــيـــر االقـــــتـــــصـــــادي، حـــســـام عــــايــــش، فــــي تـــصـــريـــحـــات لـــــ «الـــعـــربـــي الجديد»، إلـى أن اإلنـفـاق السياحي في الـــســـعـــوديـــة يــــــزداد عـــامـــًا بــعــد آخــــر ألن الــســعــوديــة دمـــجـــت الــســيــاحــة الـديـنـيـة باعتبارها جزءًا من اإليرادات السياحية ما زاد من حجم اإلنفاق السياحي داخل اململكة. وبذلك سجلت السعودية نسبة تـعـاف فـي القطاع السياحي بأكثر من %150 عــمــا كـــان عليه الــوضــع فــي عـام 2019 قـبـيـل جــائــحــة كــــورونــــا، بحسب عايش، مشيرًا إلى أن اململكة تمثل ثاني أعلى معدل للنمو في النشاط السياحي عـــلـــى الــــعــــاملــــي. كـــمـــا ســـاهـــم فــــي زيـــــادة اإلنـــفـــاق الـسـيـاحـي بـالـسـعـوديـة تـوالـي تــنــظــيــم املـــهـــرجـــانـــات وتـــدعـــيـــم الـبـنـيـة التحتية الجديدة واملـتـطـورة وتسهيل حـــركـــة الـــدخـــول والــــخــــروج مـــن املـمـلـكـة إضــافــة إلـــى اسـتـقـطـاب الــشــركــات التي تعمل أو لديها عقود عمل في السعودية لــتــأســيــس مـــقـــرات إقــلــيــمــيــة لــهــا داخـــل اململكة، وسهولة الحصول على تأشيرة الدخول ململكة، والتي لم تعد مقتصرة عــلــى مــكــان مـــحـــدد، إذ تـمـكـن الـحـاصـل عليها من زيارة كل الفعاليات باململكة، بحسب ما يرى عايش. ويضيف الخبير االقـــــتـــــصـــــادي أن اســــتــــقــــطــــاب األنــــديــــة السعودية لالعبني كبار فـي كـرة القدم قــدم إضـافـة رياضية مهمة إلــى عوامل الــجــذب الـسـيـاحـي، إذ تسعى جماهير اللعبة الشعبية األولــى ملشاهدة هؤالء الـالعـبـني فـي املـالعـب الـسـعـوديـة. وإزاء ذلـــــك، يـلـفـت عـــايـــش إلــــى أن الــســعــوديــة بـــاتـــت تـــقـــدم نـفـسـهـا بــاعــتــبــارهــا دولـــة سياحية على الـتـوازي مع كونها دولة نــفــطــيــة، وربــــمــــا تــســتــهــدف أن تــتــفــوق صـورة الدولة السياحية في املستقبل، إذ تـــراهـــن عــلــى 350 مــلــيــار دوالر من
إيرادات السياحة الدينية في عام 2032 وتــرغــب فــي أن تـكـون صـورتـهـا جـاذبـة بوصفها «دولـــة الشباب واملهرجانات بأنواعها املختلفة، سواء كانت فنية أم رياضية أم ترفيهية» بحسب قوله. وفـــــــي املـــــقـــــابـــــل، يـــلـــفـــت عــــايــــش إلـــــــى أن انــــــخــــــفــــــاض حـــــــــــــــواالت األجـــــــــانـــــــــب فـــي الــســعــوديــة يـــعـــود إلــــى إنـــفـــاق املقيمني فــــي املـــمـــلـــكـــة لــــجــــزء أكــــبــــر مــــن أمـــوالـــهـــم عــلــى فــعــالــيــات جـــديـــدة لـــم تــكــن متاحة سابقًا، ما يعكس ارتـفـاع كلفة املعيشة ومستوياتها في اململكة على كثير من العاملني فيها، األمر الذي انعكس سلبًا عـــلـــى حــــواالتــــهــــم. ويـــضـــيـــف عـــايـــش أن الـسـعـودة، التي تعني تقليص العمالة األجــنــبــيــة ملـصـلـحـة نـظـيـرتـهـا املـحـلـيـة، تساهم أيضًا في تقليل وجــود العمالة األجنبية، ومن ثم املساهمة في تقليص قيمة الـــحـــواالت خـــارج املـمـلـكـة، إضـافـة إلـــــى زيـــــــادة كـــلـــف الـــضـــرائـــب والــــرســــوم عــلــى املــقــيــمــني وأســــرهــــم، ســـــواء فـــي ما يتعلق بمعيشتهم أم في تعليم أبنائهم. ويـنـعـكـس ذلـــك إيــجــابــًا عـلـى مستهدف الــســعــوديــة لـتـوجــيـه اإلنـــفـــاق الــداخــلــي نحو ما يثري العملية االقتصادية فيها، سواء من جانب العاملني الوافدين أم من جــانــب الـسـائـحـني، مــا يعظم اإليـــــرادات الـــتـــي تــلــعــب دورًا فـــي تــنــويــع اقــتــصــاد اململكة بعيدًا عن االعتماد األحادي على مـــورد الـنـفـط، بحسب عــايــش. وبــزيــادة استقطاب أعداد أكبر من السياح وتهيئة العوامل التي تقلل من حواالت العاملني األجـــانـــب، تــحــرك الــحــكــومــة الـسـعـوديـة الـعـجـلـة االقــتــصــاديــة والــتــجــاريــة ومــن ثــــم تـــحـــافـــظ عـــلـــى اســــتــــمــــراريــــة أدائــــهــــا االقتصادي، وهي سياسة يراها عايش جـــزءًا مــن رؤيـــة اململكة الـجـديـدة للدور الـــــــذي يـــمـــكـــن أن تـــســـاهـــم بــــه قـــطـــاعـــات اقتصادية جـديـدة كالسياحة عبر رفع مستويات الـخـدمـات واملعيشة وزيـــادة املعروض من برامج الترفيه واستقطاب املزيد من مقرات الشركات.