وثيقة المبادئ الخمسة... اختراق حالة
يتعي نجاح الثورات واالنتفاضات بداللة مـــا يــمــكــن أن يــنــتــج عــنــهــا مـــن مــتــغــيــرات وســـيـــاقـــات، تـــحـــرك املـــيـــاه الـــراكـــدة وتعيد إنــــتــــاج الــــواقــــع املـــتـــحـــرك وفـــــق مــــحــــددات جــديــدة، وعـلـى هــدي ديـنـامـيـات متجددة أخـــــــرى، تــــواكــــب حـــالـــة الـــــحـــــراك الــشــعــبــي املــــيــــدانــــي الــــجــــاريــــة. فـــقـــد تـــمـــكـــنـــت ثــــورة السوريي، عبر حراكها السلمي املنتفض فـــي الــجــنــوب الـــســـوري (الـــســـويـــداء)، منذ أكثر من ثمانية أشهر، أن تعيد الحياة إلى جل الحراك الوطني السوري الديمقراطي، الــذي كـاد أن يخبو، كما اقترب فعليًا من حالة أشبه باالستنقاع. ويبدو أن نشاط (وحـــــركـــــة) شـــبـــاب الــــســــويــــداء، ونــســائــهــا وشيابها، وتآلف الجميع بكل الفعاليات الـــوطـــنـــيـــة واملـــنـــظـــمـــات املــحــلــيــة مــــن أجـــل سورية الحرة املدنية، والعمل على أساس الوصول إلى بناء دولـة املواطنة املفتقدة في سورية منذ عقود طويلة، وإصرارهم الحثيث عـلـى املـضـي فــي مــســارات العمل الوطني السوري الفاعل، ومن ثم اجتراح الحلول تلو الحلول، وأيـضـًا بعث الــروح املـــعـــطـــاء ة فـــي زوايـــــا ومــنــعــرجــات الــوطــن السوري وجغرافيته على امتدادها، بدءًا بــوثــيــقــة «املـــنـــاطـــق الــــثــــاث»، ثـــم انـضـمـام الساحل السوري وفعالياته املعارضة لها، لتغدوا «املناطق األربع»، ذلك كله، على ما
يبدو، واستمرار النجاحات واملراكمة في العمل الوطني على أيـدي تجليات العمل الـوطـنـي فــي جـبـل الــعــرب وسـهـل حـــوران، قـد آتــى أكـلـه هــذه املـــرة، وأسـهـم فـي إنتاج وثــيــقــة وطــنــيــة تــحــمــل املــــبــــادئ الـخـمـسـة وتصقل األفكار، عبر إنتاج وإشاعة حالة غير مسبوقة في الحالة السورية، وقادرة عــلــى الــفــعــل، إذ عــمــل نــشــطــاء الـــســـويـــداء، وعبر أشهر عديدة، على فتح حوار مفيد بــشــأن مــبــادئ أولـــيـــة تــامــس كـــل الـوضـع الــســوري، وتعيد بـنـاء الـحـيـاة فــي الـواقـع السوري على أسس جديدة، فالجميع قد أسهم في صياغة هذه الورقة/ الوثيقة، ثم وقــع عليها أكثر من 60 تنظيمًا ومنظمة مـعـارضـة سـوريـة على امـتـداد الجغرافيا السورية، باإلضافة إلى عشرات من األفراد والـــنـــشـــطـــاء، بـــعـــد أن عـــجـــزت مـــتـــفـــرعـــات واستطاالت املعارضة الرسمية السورية كــــلــــهــــا، خــــــال ســـنـــواتـــهـــا الـــــثـــــاث عـــشـــرة السابقة، عن القيام بمثل هـذه النتاجات الافتة والجدية. ولعلها اليوم، وبعد أن واكــبــت احــتــفــاالت الــســوريــي بــيــوم جـاء املستعمر الفرنسي عن أرض سورية إبان نـضـاالت شعبية سـوريـة كثيرة ومـريـرة، لـعـل هــذه الوثيقة املـنـتـجـة فـي تـاريـخ 19 إبـــريـــل/ نـيـسـان 2024 تــؤســس ألن تكون بداية مهمة من أجل إنتاج وصياغة العقد االجــتــمــاعــي الـــوطـــنـــي الــــســــوري املــطــلــوب واملـــــأمـــــول، الـــــذي تـــعـــثـــرت فــيــه املــعــارضــة الـــســـوريـــة قــبــل ذلــــك كــثــيــرًا، كــمــا أصــابــهــا التشظي والـتـذرر واالنـفـاش، واملزيد من الـــضـــيـــاع. ورقـــــة حـــــراك الـــســـويـــداء وجــبــل العرب أضحت وثيقة وطنية بامتياز، بعد تمكن نشطاء الـسـويـداء مـن أن يحصلوا عــلــى تــوقــيــعــات كــثــيــرة، كــمــا أســلــفــنــا، لم يتوقعها أحد، فشملت عددًا من القطاعات واالمـتـدادات الشعبية السورية العريضة والكبرى. فهل ستكون، بهذا الشكل وهذا اإلخراج، بمثابة االستفتاء الشعبي األكثر أهمية الذي لم يحصل منذ زمن طويل؟ هذه الوثيقة/ الرسالة، القصيرة واملعبرة واملوجهة إلى السوريي كلهم، وإلى هيئة األمم املتحدة، وكذلك إلى املجتمع الدولي املنشغل هـو اآلخـــر عـن القضية السورية واملسألة السورية، في كثير غيرها، أطرت بــنــقــاط خــمــس تـــتـــركـــز فــــي: أوال، أحــقــيــة الـــتـــظـــاهـــر الـــســـلـــمـــي، ســــــواء املـــســـتـــمـــر فـي الـسـويـداء منذ ثمانية أشـهـر ضــد سلطة النظام أو ضد قوى األمر الواقع العنصرية واملتطرفة أو في أي منطقة سورية. ثانيًا، التأكيد على الثوابت الوطنية املتمثلة في وحـــدة الــتــراب والـهـويـة الوطنية، ورفـض املشاريع االنفصالية. ثالثًا، تفعيل الحل الـسـيـاسـي بمرجعية قــــرار مـجـلـس األمــن 2254 لــعــام ،2015 وبــيــان جـنـيـف 1 لعام ،2012 والـــــقـــــرارات الـــدولـــيـــة ذات الــصــلــة، والــدخــول الــفــوري فــي املـرحـلـة االنتقالية وتحقيق التغيير السياسي الـــذي يهيئ