منطقة السيدة زينب: معقل اإليرانيين الُمسَتهدف
تعد منطقة السيدة زينب جنوب شرق دمشق، هدفًا دائمًا للغارات اإلسرائيلية، كونها معقل اإليرانيين األبرز في جنوب سورية
اســتــهــدفــت غــــــارات إســـرائـــيـــلـــيـــة، فــجــر أمــس الـخـمـيـس، مــقــرات تـابـعـة ملـلـيـشـيـات مـوالـيـة إليـــــــران فــــي مــنــطــقــة الـــســـيـــدة زيــــنــــب، مـعـقـل اإليـــرانـــيـــن األبـــــرز قـــرب الـعـاصـمـة الـسـوريـة دمشق، والذي يعد هدفا لهجمات إسرائيلية تستهدف تقليص النفوذ العسكري لطهران فـــي ســـوريـــة. وقـــالـــت وزارة الـــدفـــاع الـتـابـعـة للنظام الـــســـوري: «تــصــدت وســائــط دفاعنا الــــجــــوي لـــــعـــــدوان إســـرائـــيـــلـــي بـــالـــصـــواريـــخ اســـتـــهـــدف أحـــــد األبـــنـــيـــة فــــي ريـــــف دمـــشـــق، وأسقطت بعضها». مـن جهته، قــال املرصد الـسـوري لحقوق اإلنـسـان إن «غـــارات جوية إسرائيلية طاولت املركز الثقافي ومعسكرًا لـلـتـدريـب تـابـعـن لـحـركـة الـنـجـبـاء العراقية املـــوالـــيـــة إليــــــران فـــي مـنـطـقـة الـــســـيـــدة زيـنـب جـنـوبـي الـعـاصـمـة دمـــشـــق». وأشـــــار إلـــى أن ثـــاثـــة أعــــضــــاء فــــي الـــحـــركـــة أصـــيـــبـــوا جــــراء الضربات. وأكد مصدر في «النجباء» لوكالة
فـرانـس بــرس أن «صــاروخــًا إسرائيليًا هـدم مـــركـــزًا ثــقــافــيــًا» فـــي مـنـطـقـة الــســيــدة زيــنــب، مشيرًا إلى عدم تسجيل خسائر بشرية. ولطاملا كانت منطقة السيدة زينب التي تقع جـنـوب شــرق دمـشـق بنحو 10 كيلومترات، هـــدفـــًا لــــغــــارات إســرائــيــلــيــة خــــال الــســنــوات املاضية، كونها تعد معقل اإليرانين األبرز في جنوب سـوريـة. وقتل في األيــام األخيرة مـن الـعـام املـاضـي، واحــد مـن أبــرز القيادين اإليــــرانــــيــــن فــــي ســــوريــــة وهـــــو ســـيـــد رضـــي موسوي الـذي لقي حتفه بقصف إسرائيلي اســتــهــدف مـــزرعـــة كــــان يـقـيـم فـيـهـا بمنطقة الـسـيـدة زيــنــب. ولـيـس الـنـفـوذ اإليــرانــي في منطقة الـسـيـدة زيـنـب جـنـوب دمــشــق، وليد األحداث التي عصفت بالباد منذ عام ،2011 بـــل يـــعـــود إلــــى مــرحــلــة حــكــم رئـــيـــس الـنـظـام السابق حافظ األسـد الـذي سمح لإليرانين فــي تسعينيات الــقــرن املــاضــي بـالـتـمـدد في دمـشـق وريــفــهــا. وزاد الـنـفـوذ اإليـــرانـــي بعد تسلم بشار األسـد السلطة عـام ،2000 حيث عــمــلــت طــــهــــران بــتــســهــيــل كـــــان واضــــحــــًا مـن أجــهــزة الــنــظــام األمــنــيــة، عـلـى الــتــمــدد أكـثـر، مــســتــغــلــة األوضــــــــاع االقـــتـــصـــاديـــة املـــتـــرديـــة فــــي عــــمــــوم الـــــبـــــاد. وتــــحــــت ذريــــعــــة حــمــايــة «املقدسات» عقب اندالع الثورة السورية، وال سيما مقام السيدة زينب، بدأت إيران بنشر مليشيات في جنوب دمشق، وكانت البداية بمليشيا «أبــو الفضل الـعـبـاس»، ثـم ظهرت مـلـيـشـيـات أخـــــرى، مـنـهـا «حـــركـــة الــنــجــبــاء»، و«فـدائـيـو السيدة زيـنـب»، وارتكبت مجازر بــحــق املــدنــيــن فـــي مــحــيــط مـنـطـقـة الــســيــدة زيـــنـــب لـتـهـجـيـر ســكــانــهــا، أبــــرزهــــا املـــجـــزرة التي وقعت في عـام 2013 في بلدة الذيابية حيث قتل وأصيب املئات من أبناء الجوالن السوري املحتل، والفلسطينين. وفي مطلع عام ،2014 قتل وفقد ما بن 1200 إلى 1500 سوري وفلسطيني، على أيدي قوات النظام الـــســـوري وحــــزب الــلــه الـلـبـنـانـي ومليشيات عراقية، في مجزرة تعرف باسم «حاجز علي الــوحــش» على الـطـريـق الــواصــل بــن بلدتي يلدا وحجيرة في محيط السيدة زينب. ومنذ ذلــك الـحـن، ومنطقة الـسـيـدة زيـنـب تخضع بشكل كامل للمليشيات املوالية إليران. وقـــبـــل انــــــدالع الـــثـــورة الـــســـوريـــة عــــام ،2011 كانت منطقة السيدة زينب مختلطة مهمشة تضم نحو 400 ألــف شخص يـتـحـدرون من مجمل املحافظات الـسـوريـة، لكن غالبيتهم من نازحي الجوالن السوري املحتل في عام ،1967 والاجئن الفلسطينين. وفي عام ،2020 ونتيجة الضغوط اإليرانية، غير النظام السوري اسم بلدة «الست زينب»
اإلدارة في المنطقة إيرانية وال وجود فعليًا لمؤسسات النظام
إلى تسمية أخرى هي مدينة «السيدة زينب» التي يوليها اإليرانيون اهتماما كبيرا حيث «نـــشـــروا فـيـهـا الـحـسـيـنـيـات وحــولــوهــا إلـى مقرات ملليشيات عدة»، وفق مصادر محلية بـريـف دمـشـق تـحـدثـت لــ«الـعـربـي الـجـديـد». وأكدت املصادر أن اإلدارة في املدينة إيرانية بالكامل، وال وجـود فعلي ملؤسسات النظام فـيـهـا، مـشـيـرة إلـــى أن لــحــزب الــلــه اللبناني نفوذًا عسكريًا كبيرًا في منطقة السيدة زينب ومحيطها. وأشارت املصادر إلى أن «غالبية سكان منطقة الست زينب ومحيطها باتوا خارجها وخصوصًا فـي األردن وفــي بلدان أوروبية». من جهته، أوضح الباحث ياسن جــــمــــول، املـــطـــلـــع عـــلـــى الــــشــــأن اإليـــــرانـــــي فـي ســـوريـــة، فــي حــديــث مــع «الــعــربــي الــجــديــد»، أن أهــمــيــة مـنـطـقـة الــســيــدة زيــنــب تــأتــي من جــوانــب عــــدة. وفــصــل بــالــقــول: هــي جـــزء من ريف دمشق؛ وإيران تعمل بشدة على إحكام طـــــوق حـــــول الـــعـــاصـــمـــة الـــســـوريـــة ملـــصـــادرة أي قـــرار فيها وفــق أي صـــورة ينتهي إليها الـحـل السياسي فـي ســوريــة. وتــابــع: كما أن منطقة السيدة زينب هي مدخل دمشق من الجنوب ذي الغالبية السنية، وهــذا يشكل مصدر قلق إليران على حليفها بشار األسد ومشروعها في قلب دمشق، فضا عن كون منطقة السيدة زينب العقدة األهم نحو مطار دمشق الـذي تستعمله إيـران لنقل العناصر والــســاح ومـــن تسميهم الـحـجـاج. وأضـــاف: هذه املنطقة هي التي تعطي التدخل اإليراني قيمته األسـاسـيـة التي بـــرروا بها دخولهم، وهي حماية املقامات.