أجهزة األمن العراقية
يُبدي عراقيون تفاؤًال بأداء أجهزة األمن العراقية الذي تبّدل خالل العامين الماضيين، مقارنة باألعوام السابقة بعد الغزو األميركي، ال سيما مع ابتعادها عن تنفيذ اعتقاالت تعسفية تغيير ملموس بالسلوكيات الستعادة ثقة المواطن
الهرب بأي طريقة كانت للتخلص من اعتقال حتمي»، مؤكدًا أنه «لم يبق من تلك املرحلة إال مـــا تـحـفـظـه الــــذاكــــرة مـــن مــشــاهــد مــؤملــة، وهي ال تمحى وتبقى شاهدًا مؤملًا وخسارة كبيرة للمواطن وللمؤسسة العراقية». ولفت إلى أن «رجال األمن (شرطة أو جيش) كانوا يطوقون املنطقة التي يـرومـون مداهمتها، ويـــقـــتـــحـــمـــون الـــبـــيـــوت ويــــقــــتــــادون الـــرجـــال والشباب مـن دون وجــه حــق، وبطريقة تنم عن عدم احترام وامتهان للكرامة، حتى أنك تــــرى الـــعـــشـــرات يـــدفـــعـــون ويـــضـــربـــون ويـتـم زجهم مكبلني في سيارات الحمل العسكرية إلـى املعتقالت من دون أن توجه إليهم تهم واضحة». وأشار إلى أن «الحال تغير اليوم، فعالقة املواطن مع األجهزة األمنية العراقية تحولت إلـى عالقة محبة واحـتـرام متبادل، فأنت تشعر بأن عنصر األمن يعمل لخدمتك وأمنك، وهو يعلم أنه مسؤول عن حمايتك، وأن هـــذه األدوار واملــســؤولــيــات هــي صلب العالقة بني الطرفني». من جهته، أكد املقدم فـــي وزارة الـــدفـــاع الــعــراقــيــة عـــالء الـبـيـاتـي، أن رئـيـس الــــوزراء محمد شـيـاع الـسـودانـي، يـــتـــابـــع بـــنـــفـــســـه عـــمـــل املــــؤســــســــة األمـــنـــيـــة، ومـدى تطبيقها للقانون وااللتزام به. وقال لـ«العربي الجديد»، إن «املرحلة الحالية هي مرحلة مزدهرة من العمل األمني في البالد،
ظلت المؤسسة األمنية بعد 2003 مصدر رعب للمواطن
توجيهات من السوداني لمنع االعتقاالت دون أمر قضائي
فال حمالت دهم، وال اعتقاالت عشوائية، وال رعب في بيوت العراقيني». وأكد البياتي أن «التغيير هو في استراتيجية القيادة فقط، وهـذه االستراتيجية أعـادت أوال للمؤسسة األمنية هويتها الحقيقية، ومــن ثـم أعــادت إليها ثقة املــواطــن»، مبينًا أن «التوجيهات الــعــلــيــا مـــن قــبــل رئـــيـــس الــحــكــومــة صــارمــة بمنع أي عملية اعتقال من دون أمر قضائي، والتقارير وخطط العمل ومـا ينفذ يعرض أوال بأول على رئيس الوزراء». وتابع: «تقابل ذلــك محاسبة قانونية شــديــدة للمخالفني من عناصر األمـن الذين يتورطون بمشاكل مـع املـواطـنـني بتصرفات فــرديــة، وقــد أحيل الــكــثــيــر مــــن هــــــؤالء إلـــــى املـــحـــاكـــم وصـــــدرت بـحـقـهـم عـــقـــوبـــات بــحــســب نــــوع املــخــالــفــات التي تورطوا بها»، مشيرًا إلى أن «استمرار هذا النهج بتنظيم ومتابعة عمل املؤسسة يصب في صالحها أوال». وقــررت الحكومة العراقية فـي يناير/كانون الثاني املاضي، إخـــضـــاع أفــــــراد األمـــــن إلــــى فــحــص تـعـاطـي املمنوعات وطـــرد مـن ثبت تعاطيه وإحـالـة آخرين إلى مستشفيات خاصة. وقال عضو مجلس محافظة بغداد السابق أحمد املوسوي، لـ «العربي الجديد»، إن حالة تـصـحـيـح ومــراقــبــة مـلـمـوسـة تــجــري داخـــل الجيش وأجهزة األمن العراقية وهذا يعني انعكاسها إيجابيا على املواطنني باملجمل. وأضاف أن «األخطاء لم تتوقف، لكنها فردية، واألهم هو وجود رقيب ومحاسبة ما جعلها تتراجع (األخطاء) بشكل كبير»، معتبرًا أن طريقة بناء أجهزة األمن التي أشرف عليها األميركيون بـني عامي 2003 ،2005و كانت غـيـر صـحـيـحـة. ويـــكـــرر مــســؤولــون وسـاسـة عـراقـيـون، أن املؤسسة األمنية والعسكرية العراقية بنيت على «أسس غير مهنية» بعد عام ،2003 إبان الحاكم املدني األميركي بول بريمر عقب الغزو األميركي للبالد، وهو ما سبب الكثير من األخطاء في الفترة املاضية. ومما ال يخفى أن اكتساب ثقة املواطن عاد أيضًا بنتائج إيجابية على عمل املؤسسة األمــنــيــة، مـــن خـــالل الــتــعــاون ورصــــد أعـمـال العنف والجرائم املنظمة، وإيصال املعلومة لــعــنــصــر األمـــــــن، لــيــصــبــح املــــواطــــن مـــصـــدرًا معلوماتيًا موثوقًا. وأكـــــد الــنــاشــط املـــدنـــي مـعـتـز الــغــانــمــي، أن «هناك تعاونًا كبيرًا بني املواطن وعناصر أجــهــزة األمـــن الـعـراقـيـة تحقق فــي العامني املـاضـيـني»، عـازيـًا ذلـك إلـى مـا وصفه بـ«ما ذاقه العراقيون من انعدام األمن، وحرصهم على استمرار التعافي الـحـالـي». ولفت في حديث لـ«العربي الجديد»، إلى أن «الجيش والــشــرطــة يـحـصـلـون عـلـى مـعـلـومـات شبه يـــومـــيـــة مــــن املــــواطــــنــــني، ويــــتــــم اعـــتـــمـــادهـــا وتــحــلــيــلــهــا، وقـــــد نـــفـــذت عــمــلــيــات اعــتــقــال طاولت مجرمني، فضال عن رصـد تحركات الـــعـــنـــاصـــر اإلرهـــــابـــــيـــــة، وتـــــزويـــــد الــجــيــش باملعلومة لينفذ هجماته وضـربـاتـه لتلك الــعــنــاصــر». وأشــــار إلـــى أن «تــطــور العالقة والثقة املتبادلة بني املواطن وأجهزة األمن الــعــراقــيــة انـعـكـسـا عـلـى أمـــن املــواطــنــني من جـــانـــب، وعـــلـــى عــمــل املـــؤســـســـة وسـمـعـتـهـا مــن جـانـب آخـــر». يـشـار إلــى أن بــول بريمر الذي عينته الواليات املتحدة حاكمًا مدنيًا لـــلـــعـــراق بـــعـــد عـــــام ،2003 أقــــــدم عـــلـــى حـــل املـؤسـسـة الـعـسـكـريـة واملــؤســســات األمنية فـي الــبــالد، وهــو مـا تطلب إعـــادة هيكلتها من قبل الحكومات العراقية التي تعاقبت عـلـى الـحـكـم بـعـد هـــذه الــفــتــرة، األمــــر الـــذي تسبب بتشكيل مؤسسة وصفت بأنها ذات انتماءات ووالءات حزبية وطائفية.