سورية: إهمال الترميم يهدد بيوت الطين
تسكن عائالت في بيوت من طني في مناطق ســوريــة عـــدة. وتعتبر هــذه الـبـيـوت مــالذًا لــهــم، وهـــي تـتـأثـر بـشـكـل كـبـيـر بـالـعـوامـل والظروف الجوية التي تتسبب في تصدع الجدران أو انـــهـــيـــار األســــقــــف، وتـــخـــلـــف بــالــتــالــي ضــحــايــا. فـي الخامس مـن مـايـو/ أيـــار الــجــاري، تـوفـي رجل مسن وابنته، وفـق ما أكــدت منظمة الـدفـاع املدني الــســوري، فــي انـهـيـار بيت مبني مــن طــني وخشب سبق أن تعرض لتصدعات في قرية الباروزة قرب بلدة أخترين بريف حلب الشرقي. وأخــرج منقذو منظمة الـدفـاع املـدنـي الـسـوري بمساعدة األهالي الرجل املسن وابنته، وكانا يعانيان من إصابات ونــقــص فـــي األكــســجــني تـسـبـب فـــي وفــاتــهــمــا بعد نقلهما إلى املستشفى الحقًا. يقول بهاء النايف، وهو من سكان بلدة أخترين، لـ«العربي الـجـديـد»: «لــم تعد املـنـازل املشيدة من طني آمنة بعد زلــزال السادس من فبراير/ شباط ،2023 علمًا أنه يمكن القول إنها كانت آمنة جزئيًا فـي السابق. وحاليًا تفتقر البيوت إلـى الخبرات السابقة في البناء، وكبار السن مثال هم أصحاب الخبرات األكبر في بناء هـذه املـنـازل التي تتميز بأنها تقي مـن حــر الصيف وبــرد الشتاء، بسبب استخدامها مواد الطني والتراب والتنب». يضيف: «تــــرمــــم هـــــذه الـــبـــيـــوت ســـنـــويـــًا، وتـــشـــمـــل األعـــمـــال استبدال الخشب التالف وتعبئة فراغات الجدران املتصدعة بمادتي التراب والتنب الـذي يستخرج مــن الـقـمـح بـطـريـقـة بــدائــيــة. وال يـحـتـاج ذلـــك إلـى عمال، إذ يرمم كل شخص منزله بيديه». وعــــن بـــقـــاء عـــائـــالت عــــدة فـــي هــــذه املــــنــــازل، يـقـول بهاء النايف: «يفي املنزل الطيني بغرض توفير مــكــان مــنــاســب لــعــائــالت تـفـتـقـر إلــــى اإلمــكــانــيــات املالية. ومن إيجابيات البيوت الطينية أنها تعزل الحرارة وتوفر أجواء داخلية معتدلة في الصيف والشتاء، ويجري ترميمها بسهولة بال حاجة إلى عمال». يتابع: «ال مخاوف كبيرة لسكن العائالت في بيوت طينية في الشتاء ألنها تبنى بطريقة تقاوم العواصف الهوائية واألمطار». بـــــــدوره، يـــقـــول يـــوســـف الـــنـــايـــف، وهــــو مـــن سـكـان بلدة أخترين، لـ«العربي الجديد»: «كانت البيوت الطينية آمنة إلى حد ما خالل فترة ما قبل الزلزال، لكن كثيرين لم يتابعوا إجراءات الترميم السنوية بعد الزلزال، والتي يجب أن تشمل طالء الجدران وتــعــزيــز عـــزل املــيــاه عــن الـــداخـــل، عـلـمـًا أن الكلفة املــرتــفــعــة لــلــبــيــوت اإلســمــنــتــيــة تــمــنــع الـــنـــاس من االنتقال من هذه البيوت». وفـيـمـا تعيش السبعينية كـريـمـة الــشــهــوان منذ ســـنـــوات طــويــلــة فـــي بــيــت طــيــنــي بــبــلــدة الـــبـــارة،
جنوبي إدلب، من دون أن تنوي تغييره أو االنتقال للسكن في مكان آخر رغم تشقق البناء وتصدعه بـسـبـب الـقـصـف وعـــوامـــل الـطـقـس املـتـقـلـب، تقول لـ«العربي الجديد»: «أحـب السكن في منزلي ألنه يتضمن خصائص تجعله يقاوم البرد والحرارة العالية، فهو بارد في الصيف ودافئ بالشتاء، لذا ال أعاني من تغيرات الطقس السنوية بداخله، كما أنه عازل للصوت». ورغم أن عائشة دخان نزحت مـن قريتها فـي ريــف إدلـــب الجنوبي وأقــامــت في مخيمات الشمال السوري، فهي رفضت السكن في خيمة قماشية ال ترد برد الشتاء وال حر الصيف، بل نقلت تجربتها في السكن ببيوت طينية وبنت منزال من مـواد محلية وطبيعية، ولـم تحتج إلى شراء مواد بناء حديثة ومكلفة. وتخبر «العربي الجديد» بأنها وجـدت أن املنزل الطيني أفضل كثيرًا من الخيام ومن دفع إيجارات تــفــوق قــدراتــهــا املـــاديـــة بــأضــعــاف، وتــتــحــدث عن أن البيت الطيني يشبه البيوت اإلسمنتية على صــعــيــد الــشــكــل واملـــــــواد املــســتــخــدمــة، «لــكــنــنــي ال أطمئن إلى أن املنزل سيستمر صامدًا أمام األمطار الــغــزيــرة والـــريـــاح والــعــوامــل الـجـويــة الــتــي تهدد بإسقاط الجدران في أي لحظة جراء تحول املواد الطينية إلـــى وحـــول تفقدها الـــجـــدران، مــا يــؤدي إلى انهيار املنزل في أي لحظة». وفي مارس/ آذار املـاضـي تسببت األمـطـار فـي انهيار غرفة بمنزل طـيـنـي فـــي حـــي الــهــاللــيــة بـمـديـنـة الـقـامـشـلـي في محافظة الحسكة، أقـصـى شـمـال شـرقـي سـوريـة، وأصيب أحد سكان املنزل بجروح وكسور. ويقول عمار إدريـــس، وهــو أحــد سكان الـحـي، لـ«العربي الـجـديـد»: «عــاش سكان البيوت الطينية معاناة كـــبـــيـــرة بــســبــب األمــــطــــار هـــــذا الــــعــــام، فـــهـــي كــانــت غزيرة على غير العادة، وتسببت في انهيار ثالثة منازل». يضيف: «تحتاج هذه البيوت إلى ترميم دائــــم. الــبــيــوت الــتــرابــيــة أو الـطـيـنـيـة قـديـمـة جــدًا، وتتأثر بأي مطر أو عاصفة فتنهار جدرانها».