هكذا يتضامنون مع غزة
«العربي الجديد» في جامعة أكسفورد ال ينوي الطالب المحتجون في جامعة أكسفورد البريطانية إزالة الخيام التضامنية مع غزة، في ظل استمرار اإلبادة الجماعية، قبل تحقيق مطالبهم
دعـــا رئــيــس الــــــوزراء الــبــريــطــانــي ريـشـي ســـــونـــــاك، يــــــوم الــــثــــالثــــاء املـــــاضـــــي، إلـــى عــقــد اجــتــمــاع مـــع قــــادة الــجــامــعــات هــذا األسبوع، ملعالجة ما تسميها السلطات البريطانية الداعمة للعدوان اإلسرائيلي عـلـى غـــزة «مـــعـــاداة الـسـامـيـة فـــي الـحـرم الــــجــــامــــعــــي وضــــــمــــــان ســـــالمـــــة الــــطــــالب اليهود»، استجابة لتصاعد التظاهرات املــــــــؤيــــــــدة لـــفـــلـــســـطـــني فـــــــي الــــجــــامــــعــــات الــبــريــطــانــيــة. وتـــأتـــي هــــذه الــخــطــوة في أعقاب إنشاء مخيمات احتجاجية منذ صباح يوم االثنني 6 مايو/ أيار الجاري في جامعتي أكسفورد وكامبريدج. زارت «الــــعــــربــــي الــــجــــديــــد» املـــخـــيـــم فـي حــــديــــقــــة مــــتــــحــــف «بـــــيـــــت ريـــــــفـــــــرز» فــي جـامـعـة أكــســفــورد، الـــذي أقـامـتـه منظمة «أكـــســـفـــورد لـلـعـمـل مـــن أجــــل فـلـسـطـني»، والتقت عـددًا من الطالب. أبـدى بعضهم تخوفًا من الحديث، بينما اندفع آخرون للتعبير عن تضامنهم مع أهل غزة غير مبالني بالعواقب. مـن بـني هــؤالء طالبة الـــدكـــتـــوراه كــيــنــدل غــــاردنــــر. تـــقـــول: «أنـــا هنا ألدعـــم تحرير الشعب الفلسطيني، وأطـــالـــب بـسـحـب االســتــثــمــارات الكاملة فــي جامعتنا املــتــورطــة بـجـرائـمّ الـحـرب اإلســرائــيــلــيــة». تـتـابـع غـــاردنـــر أنــهــم «لـم يحددوا حتى اآلن موعد إنهاء هذا املخيم، ويعتمد األمــر على ردة فعل الجامعة»، الفـــتـــة إلــــى أنـــهـــم نـــاقـــشـــوا مــطــالــبــهــم مع الجامعة على مدار العام، قبل أن يتخذوا هذه الخطوة التصعيدية. وتؤكد أن أي شــخــص يــتــابــع األحــــــداث خــــالل األشــهــر الـسـبـعـة املـــاضـــيـــة، ال بــــد أن يــقــدم دعـمـًا كـامـال للشعب الفلسطيني الــذي يواجه إبــــادة جـمـاعـيـة فــي غــــزة. فــالــصــور التي نراها مروعة للغاية. عجزت عن العثور على كلمات تصف ما نشاهده كل صباح ومـسـاء. عندما ألقي نظرة على هاتفي، أدرك تمامًا أنني ال أستطيع فهم القاع الذي وصلنا إليه». وتشير غاردنر إلى أنها ناشطة يهودية مــن أجـــل فلسطني، وتـنـاضـل لتحريرها مـنـذ فــتــرة طـويـلـة. وتــوضــح: «اجتمعنا مـــــع إدارة الـــجـــامـــعـــة مـــــــــرات عــــــدة مــنــذ شــهــر أكـــتـــوبـــر/ تــشــريــن األول املـــاضـــي. وهــــنــــاك تــــاريــــخ طــــويــــل مــــن الـــعـــمـــل مـن أجـــل الـقـضـيـة الفلسطينية فـــي جامعة أكسفورد. ناضلنا ألشهر من أجل سحب استثمارات الجامعة الداعمة إلسرائيل، وكنا نأمل أن تنحاز الجامعة إلى الجانب الــصــحــيــح مـــن الـــتـــاريـــخ، وتــتــخــلــص من الفصل العنصري واالحتالل اإلسرائيلي واإلبــــادة الجماعية. لكننا لـم نحقق أي نجاح يذكر. مع ذلك، يبقى األمل وإال ملا كنت هنا اليوم. علينا أن نتحلى باألمل ونـــؤمـــن بــأنــنــا بــهــذا الــتــحــرك الـجـمـاعـي سنتمكن بال شك من تحقيق مطالبنا». مــن جـهـتـه، يـقـول طـالـب الـحـقـوق جـوش إن الــــســــبــــب الــــرئــــيــــســــي لـــــــوجـــــــوده مــع الــطــالب املـحـتـجـني هــو الــخــوف العميق مـــن تــدمــيــر إســرائــيــل جـمـيـع الـجـامـعـات فـــــي غــــــــزة، وتـــعـــبـــيـــرًا عـــــن تـــضـــامـــنـــه مــع أهـلـهـا. ويعتبر أن هـــذه الـخـطـوة فعالة لـلـغـايـة، إذ تــرفــع مـسـتـوى الـــوعـــي حـول ما يحدث هناك، وأنــه ال يمكن للجامعة تــجــاهــلــه. ويــــرى أنـــهـــم يــحــظــون بـالـدعـم من املجتمع وأعضاء الجامعة والطالب، آمـال أن تستجيب اإلدارة ملطالبهم. وفي حـــال نــفــذت ذلـــك سـيـزيـلـون املـخـيـم، وإال فسيستمرون فـي التضامن مـع الشعب الـفـلـسـطـيـنـي. وفــيــمــا يـتـعـلـق بـاملـطـالـب، يــوضــح جـــوش أن «أبـــرزهـــا هــو الكشف عن أصول الجامعة. نريد أن نعرف نحن الــطــالب أيـــن تستثمر الـجـامـعـة أمـوالـنـا الـــــدراســـــيـــــة، وتـــتـــخـــلـــص مــــن أي أصــــول تساعد في تمويل الجيش اإلسرائيلي. وهــذا يشمل وقـف شراكتها مـع مصرف باركليز الــذي يحتفظ بماليني األصــول لتمويل الجيش». مـــن جـهـتـه، يــقــول طــالــب املـاجـسـتـيـر في العلوم السياسية جاكوب: «أنا يهودي، أنــــــا هـــنـــا ألقــــــــول إن عــــــدم تـــــكـــــرار األمـــــر بـتـاتـًا يـعـنـي عـــدم تـــكـــراره بـالـنـسـبـة ألي شــخــص. وقــعــت إبــــادة جـمـاعـيـة مماثلة بحق أسالفي في أوروبــا الشرقية خالل أربعينيات القرن املاضي، واآلن يكررون مـــا حــصــل مـعـهـم مـــع الـفـلـسـطـيـنـيـني في غــزة». في هـذا اإلطـــار، يعبر جاكوب عن الــحــالــة الـنـفـسـيـة الـصـعـبـة الــتــي تعكس الـصـراع الـداخـلـي الــذي يواجهه الطالب اليهود املشاركون في املخيم، ويتحدث عن صعوبة اإلحساس بالعزلة، في ظل إبادة جماعية في عالم محاط بالصمت والـــالمـــبـــاالة. ويــــــردد بــثــقــة: «نــعــم أشـعـر باألمان»، الفتًا إلى أنه من املثير لالهتمام مـعـرفـة أن هــنــاك الـكـثـيـر مــن األشــخــاص فـي هــذا املخيم الـذيـن يشعرون بـاألمـان أيضًا. ويؤكد «أهمية االعتراف باإلبادة الجماعية كما هي بصورتها الحقيقية، وبذل كل ما أمكن لوقفها، بدال من انتظار التسميات التي يطلقها عليها التاريخ فــــي املـــســـتـــقـــبـــل». وفـــيـــمـــا يــتــعــلــق بـــــردات الــفــعــل، يــقــول جـــاكـــوب إنــهــا هـــادئـــة جـدًا حتى اللحظة، باستثناء بعض املتسللني املـعـاديـن وعــدد مـن املـراسـلـني العدائيني الــــذيــــن طــــرحــــوا عــلــيــنــا أســـئـــلـــة مــؤســفــة. وعلى ما يبدو، فإن مجتمع أكسفورد لم يعارض املخيم، بل انضم إليه العشرات وارتـفـع عـدد األعـضـاء بشكل الفـت خالل الـــــ 24 ســـاعـــة املـــاضـــيـــة. ويــشــيــر إلــــى أن العديد من األشخاص الذين ال يعرفون الكثير عما يحدث حاليًا جاؤوا للتعلم، ويقدمون برنامجًا رائعًا للقيام بذلك. ويوجه جاكوب كلمة إلى أهل غزة، قائال: «يـــواجـــه أهـــل غـــزة أصــعــب الـــظـــروف. مع ذلك، ال يزالون يتحملون وبشجاعة. نحن نتعلم كل يوم منكم أشياء جديدة. شعب غــزة غير قـابـل لـالنـكـسـار، وآمـــل أن نرى يــومــًا أن فلسطني حـــرة لـكـم وإلخـوانـكــم وأخواتكم، وفي الضفة الغربية أيضًا». أمــــــــا طــــالــــب املـــاجـــســـتـــيـــر فـــــي الـــعـــلـــوم السياسية رالف (اسم مستعار)، فيقول: «نحن هنا اليوم في خطوة تصعيدية، بعدما استنفدنا جميع محاوالتنا مع الـجـامـعـة مـنـذ بـــدء الـــعـــدوان عـلـى غــزة، وخصوصًا بعدما طلبت إسرائيل مما يقارب 1.4 مليون شخص مغادرة رفح. ونأمل أن تنفذ الجامعة مطالبنا التي تـشـمـل الـكـشـف عــن تـمـويـلـهـا، وسحب اســـتـــثـــمـــاراتـــهـــا مــــن تــــجــــارة األســـلـــحـــة وجــمــيــع االســـتـــثـــمـــارات األخــــــرى الــتــي تساهم فـي اإلبـــادة الجماعية الحالية املستمرة في فلسطني».