بحث عن خالص وحرية في عالٍم أرحب
فيلمان فلسطيني ومصري جديدان يشاركان في تظاهرة «أسبوعا المخرجين والمخرجات» التي ُتقام في الدورة المقبلة لمهرجان «كاّن» السينمائي
تـــشـــهـــد الــــــــــــدورة الـــــــــــ77 14( ـ 25 مـايـو/أيـار )2024 ملهرجان «كــان» السينمائي تنظيم النسخة الـــ65 لـــتـــظـــاهـــرة «نـــصـــف شـــهـــر املــــخــــرجــــن»، الــتــي يؤسسها «اتـحـاد السينمائين الفرنسين» عام .1969 االتحاد نفسه ارتأى تغيير اسمها إلى «أسبوعا املخرجن واملخرجات»، تماشيًا مع حالة متفشية في مهرجانات ونشاطات سينمائية مختلفة، تتمثل في إيجاد تـوازن جـنـدري بـن الــرجــال والـنـسـاء فـي املسابقات
والبرامج ولجان التحكيم، وإن يختل التوازن أحــيــانــًا لـصـالـح الـــرجـــال. هـــذا يــطــرح ســــؤاال، يـتـكـرر بــن حــن وآخــــر: أيــكــون الـــتـــوازن على حــســاب الـقـيـم الـجـمـالـيـة والـــدرامـــيـــة والفنية والـــتـــقـــنـــيـــة لــــإنــــتــــاج الـــســـيـــنـــمـــائـــي؟ إدارات مهرجانات عدة تدافع عن اختياراتها، بالقول إن البحث منصب أساسًا على تلك القيم، أكثر مــن الـــتـــوازن. وهــــذا، إن ينطبق فــي «كيفية» اختيار األفـــالم (والكيفية هــذه تحتاج دائمًا إلــى نـقـاش نـقـدي، فـاالخـتـيـارات غير ملتزمة القيم تـلـك، فـي كــل دورة لكل مـهـرجـان)، غير محسوم في اختيار أعضاء لجان التحكيم. واضـح أن املسألة لن تحسم جذريًا ونهائيًا، رغــــم أن اخــــتــــيــــارات مــتــفــرقــة (أفــــــالم ولــجــان تحكيم) تستند إلى قيم تختص بالصناعة، وإلـــــــى تــــجــــارب عـــامـــلـــن وعـــــامـــــالت فــــي تـلـك الـــصـــنـــاعـــة، وإلــــــى خـــبـــراتـــهـــم واشـــتـــغـــاالتـــهـــم وســيــرهــم املــهــنــيــة الـــبـــاهـــرة. أمــــا تـغـيـيـر اســم تــظــاهــرة تـــقـــام فـــي مــهــرجــان «كــــــان»، يحتاج (املــــهــــرجــــان نـــفـــســـه) إلـــــى تـــغـــيـــيـــرات فــــي آلــيــة اشــتــغــالــه، فــغــيــر مــــؤثــــرة فـــي تـحـقـيـق تــــوازن فعلي وعميق فـي الصناعة السينمائية، إذ ال تـــزال الـنـسـاء تتقاضى أجـــورًا أقـــل مــن تلك الــتــي يـتـقـاضـاهـا الـــرجـــال، وهــــذا مــثــل واحـــد غـيـر حــاجــب أمـثـلـة أخــــرى. تغيير كــهــذا غير مــوجــود فـي تـظـاهـرة «أســبــوع الـنـقـاد» مثال، املؤسسة عام 1962 بجهد «النقابة الفرنسية للنقد السينمائي» (املفردة الفرنسية Critique تحتمل ترجمتها إلى اللغة العربية مفردتن: نقد ونقاد). كما تشهد النسخة الـــ65 «جائزة الجمهور»، ألول مرة في تاريخها، الحاملة اسم املخرجة البلجيكية الــراحــلــة شــانــتــال أكـــرمـــان 1950( ـ ،)2015 والــتــي تبلغ قيمتها املـالـيـة ثمانية آالف دوالر أمـيـركـي. بـهـذه املناسبة، يعرض ألكـــــرمـــــان «قــــصــــص أمــــيــــركــــا: طـــــعـــــام، عــائــلــة وفــلــســفــة» .)1988( أمـــــا االفـــتـــتـــاح، فـمـعـقـود عــلــى الـفـيـلـم الــفــرنــســي Ma Vie Ma Gueule لصوفي فيليار، املتوفاة في 31 يوليو/تموز 2023 (مــوالــيــد 20 نـوفـمـبـر/تـشـريـن الـثـانـي ،)1964 بعد وقــت قليل على إنـهـاء تصويره،
مخيم عين الحلوة وعالم فانتازي يبحث ناسه عن أمان مطلوب
موصية ولديها أغــات وآدم بونيتزر إتمامه كليًا، بمساعدة عاملن وعامالت معها عليه: أزمـــة منتصف عـمـر امــــرأة فــي ثــالثــة فـصـول: كـــومـــيـــديـــا، مــــأســــاة، وعـــيـــد الـــغـــطـــاس. «تــتــرك فيليار صورة ذاتية رائعة وحميمية، تمنحها املمثلة أنياس جاوي جسدًا وروحًا»، كما في «كاتالوغ» التظاهرة. إليه، يعرض 21 فيلمًا روائـيـًا طـويـال، و9 أفــالم قصيرة. في الختام، يــعــرض فيلم فرنسي آخـــر، بـعـنـوان «أسلحة بــالســتــيــكــيــة» لـــجـــان ـ كـــريـــســـتـــوف مـــوريـــس :)1975( كــل تشابه مـع قاتل مشتبه بـه ليس صدفة. رجل يقتل عائلته كلها، ويختفي في الــبــريــة. مـسـتـوحـى مــن إحـــدى أبـــرز القصص اإلخـــبـــاريـــة الــفــرنــســيــة فـــي األعــــــوام األخـــيـــرة، بـــنـــفـــس مــســرحــي يـــمـــزج الــضــحــك بــالــقــســوة. هناك محللون هواة، ومشهورون في وسائل التواصل االجتماعي، وكاره للنساء، وغيرهم وغــيــرهــن: «تـقـلـيـد مــا للكوميديا الفرنسية، معزز بروح دعابة مروعة» (الكاتالوغ). فــي املـسـابـقـة نفسها (األفــــالم الـطـويـلـة)، أول مــشــاركــة فـلـسـطـيـنـيـة، مـتـمـثـلـة بــــ«إلـــى أرض مجهولة» (بمشاركة إنتاجية من «ميتافورا» القطرية) ملهدي فليفل: شابان بينهما صلة قرابة قريبة يفران من مخيم فلسطيني (عن الحلوة) فـي لبنان، ويعلقان فـي أثينا، التي يدخالنها خلسة، بحثًا عن طريقة توصلهما إلــى أملـانـيـا. إنهما فـي دوامـــة ال يتمكنان من السيطرة عليها. تغذيه «سينما نيويورك»، خــاصــة «منتصف لـيـل راعـــي الـبـقـر» )1969( لـــجـــون ســـالســـيـــنـــجـــر: «فـــيـــلـــم إثـــــــارة عــصــبــي ومــــــأســــــوي، لـــكـــنـــه أيــــضــــًا يـــكـــشـــف الــــظــــروف املعيشية للمهاجرين، التي ال يعرفها أحـد»، ســـــاردًا «الــحــقــائــق مـــن دون مـبـالـغـة فـيـهـا أو تخفيف لها» (الكاتالوغ). إلــيــه، هـنـاك فيلم عـربـي آخـــر، بـعـنـوان «شــرق »12 للمصرية هالة القوصي: كوميديا سوداء في إطار فانتازي ساخر عن عالم مغلق خارج الزمن، يتمرد فيه املوسيقار الشاب عبدو (عمر رزيــــق)، عـلـى شـوقـي الـبـهـلـوان (أحــمــد كـمـال) الذي يدير املكان بخليط من العبث والعنف، والـــحـــكـــاءة جــاللــة (مــنــحــة الـــبـــطـــراوي)، الـتـي تخفف عـن الـنـاس بسردها حكايات خيالية عن البحر الــذي ال يعرفه أحــد. يخطط عبدو مــع نــنــة (فــايــزة شــامــة) لكسر قبضة شوقي، ونـــيـــل الـــحـــريـــة فـــي عـــالـــم أرحــــــب: «فــــي أرض
ٍّ صناعية قاحلة، تــروى حكاية شعبية تمتد من «ألف ليلة وليلة» إلى «أوبو روي». يحاول شـبـاب رائــعــون الـنـجـاة مــن اسـتـبـداد طاغية، يشتري فجأة تذاكر اليانصيب وكتل السكر» (الكاتالوغ). الفيلم الروائي الثاني للقوصي مـــوصـــوف بـــأنـــه «بـــاروكـــي ومـــفـــرط، يــبــرز في الـسـيـنـمـا األفــريــقــيــة والــعــربــيــة، ويستحضر روح السينما الـجـديـدة فـي ستينيات القرن الـ02 وسبعينياته».