Al-Watan (Saudi)

الانحراف عن منهج السلف

-

بعد إكمال الدين وإتمام الله النعمة على الثقلين الجن والإنس، برسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وانتشارها في الآفاق على أيدي صحابة رسول الله وتابعيهم؛ لم يمض وقت طويل حتى بدأ الانحراف عن هذا النهج القويم الذي ترك النبي صلى الله عليه وسلم، الأمة عليه وأخذ إقرار المسلمين في حجة الوداع على تبليغه وأشهد اللهَ تعالى على ذلك في خطبته العظيمة في حجة الوداع؛ وقد بدأ الانحراف يَسِيرا، ثم استشرى وعظم حتى سالت منه الدماء ثم ما زال يستشري، ثم يُجدد الله لهذه الأمة دينها على رأس كل مائة عام، كما وعدها رسولها صلى الله عليه وسلم، حتى دخلت المائة الثانية عشرة والأمة في أسوأ حالات انحرافها، حين ضيع معظمُها في سائر أنحاء بلاد المسلمين أعظمَ ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو توحيد الله عز وجل في عبادته وحده لا شريك له؛ ولم يعد هذا الانحراف مقتصرا على جهّال الناس وعوامها، بل شمل علماءهم الذين تولى كثير منهم تزيين هذه الانحرافات بأنواع من التأويل ما أنزل الله بها من سلطان؛ حتى صار الانحراف عن الدين أصلا، والاتباع ابتداعا؛ إلى أن تم ما وعد الله به من تجديد الدين فهيأ سبحانه لهذه المهمة العظيمة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، فصدع بالدعوة إلى التوحيد ونبذ الخرافة، وإقامة الشريعة؛ فنقع الله بدعوته، وآزره عليها الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، فأقام على أساسها دولة ذاع صيتها، وانتشرت رسائل أئمتها في المشرق والمغرب، حتى ضاقت على الخرافة بلاد الإسلام، وجدد الله النفع بدعوة الشيخ على أيدي علماء أجلاء في الهند وإفريقيا والمغرب؛ وكان من نتائج الدعوة: أن نهضت في القلوب عقيدة الولاء والبراء، فانتفضت الأمة على الاحتلال الأوربي لبلاد المسلمين، بعد أن كانت عقيدة الجبر والخرافة تسيطر على أهلها وتحول بينهم وبين مقارعة المحتل والانتفاض عليه.

وبعد الاستقرار التام للوضع السياسي والاقتصادي والأمني في المملكة العربية السعودية، والاستقرار السياسي النسبي في أكثر البلاد الإسلامية، بدأت العقول والقلوب في جميع البلاد التي يعيش فيها المسلمون أكثرية أم أقلية، تتجه نحو ما نادى به الشيخ محمد بن عبدالوهاب من العودة بالدِّين إلى ما كان عليه السلف الصالح، رضي الله عنهم؛ وحققت الدعوة إلى منهج السلف مكاسب كبيرة على مستوى العلماء والمثقفين وعوام المسلمين، بالرغم من ممانعة التوجهات الخرافية ذات الجذور البعيدة في الدول الإسلامية، وأيضا مدافعة التيارات العلمانية والليبرالي­ة والقومية واليسارية، والتي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia