Al-Watan (Saudi)

تعليم مدفوع في مدرسة حكومية

-

أتفهم أن تقيم مدرسة حكومية نشاطا إثرائيا أو ترفيهيا أو اجتماعيا خارج ساعات الدوام، ويشترك فيه منسوبوها وجيرانها، لتعزيز أواصر التواصل، وتقديم خدمة للمجتمع، أو للاستفادة من إمكانات هذه المدرسة من ملاعب أو معامل حاسب وخلافها، لكني لا أتفهم فكرة تقديم برنامج تقوية بمقابل مادي لمهارات القراءة والكتابة في مدرسة ابتدائية خارج ساعات الدوام الرسمي، ولا أظنها فكرة جديرة بالتعميم.

مع بالغ احترامي وتقديري للهدف المتمثل في مساعدة الطلاب على تجاوز صعوبات القراءة والكتابة، إلا أن هناك عدة أسئلة تجول في الذهن، منها على سبيل المثال: لماذا أخفق الطالب الذي التزم بالحضور خلال ساعات الدوام اليومي في إتقان هذه المهارة؟ هل التقصير هنا من المعلم أم من الطالب؟

أتساءل أيضا لماذا عمدت المدرسة إلى انتقاء -حسب تعبير المشرف على البرنامج- معلمي هذا البرنامج من مدارس أهلية؟ هل هذا لعدم وجود معلمين في المدرسة أم لضعف ثقتها بمعلميها؟ إذا كان السبب هو الخيار الأول فهذه مصيبة، وإذا كان الخيار الثاني فالمصيبة أعظم.

أتساءل كذلك لماذا يدفع الطالب مقابلا ماديا 200 ريال شهريا لهذا البرنامج؟ على أي أساس استحق المعلم الأساسي للصف راتبه إذن إذا كان الطالب يدفع لمعلم تم اختياره من مدرسة خاصة لتقديم جرعات معرفية في مدرسة حكومية وفي مهارة أساسية هي تعلم القراءة والكتابة؟.

ثم بأي حق تسلب المدرسة وقت هؤلاء الأطفال مضاعفا لتعلم مهارة أساسية يحضرون من أجلها للمدرسة كل صباح، خمسة أيام في الأسبوع؟

أطفال دون الثانية عشرة يجلسون على مقاعد خشبية طيلة اليوم الدراسي، ثم تطالبونهم بالحضور في أيام أخرى لدراسة مهارات لغتهم الأم؟ هل تمت دراسة الأثر النفسي والصحي والاجتماعي على هؤلاء الأطفال؟ أم أن المدرسة قررت التعامل مع الظاهرة بمعالجة الأعراض دون الغوص في عمق المشكلة ودراستها بشكل أعمق، للوصول إلى نتائج مستدامة ومفيدة وناجعة لهذه الدفعة من الطلاب وغيرهم؟

أتفهم أن عدد الطلاب في بعض الفصول يتجاوز الحد الذي يمكن معه تحقيق أسلوب التدريس الأفضل، لكن أعلم كذلك أن المعلم الجيد يخلق الظروف المناسبة قدر استطاعته. ولذلك ربما كان من الأجدر اعتماد برنامج لتبادل الخبرات مع المدرسة الأهلية من خلال تدريب المعلمين، فما دام معلموها قادرون على تعليم الأطفال بطريقتهم، فهم بالتأكيد قادرون على تبادل خبرات التدريس الناجح مع معلمي المدرسة الحكومية، وبالتالي توطين أساليب التدريس الجيدة في المدرسة الحكومية، مما ينفع طلابها الحاليين والمستقبلي­ين، فالمعلمون على كل حال أقدر من الأطفال على السهر، وعلى قضاء الوقت في المدرسة من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء، أربعة أيام في الشهر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia