Al-Watan (Saudi)

الشعوبية مقابل الازدهار

-

تدعي مارين لوبين قائدة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا، أن المعركة الحاسمة في القرن الواحد والعشرين ستكون بين الوطنية والعولمة، بينما يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتقد أنها ستكون بين »وسائل الإعلام المزيفة جدا« وبينه مدعوما بالناس الذي يدعي أنه يمثلهم وبالطبع كلاهما مخطئ. إن المعركة التي سوف تحدد فعليا شكل هذا القرن ستضع التفكير طويل الأمد في مواجهة التفكير قصير الأمد. إن السياسيين والحكومات الذين لديهم تخطيط طويل الأمد سوف يهزمون أولئك الذين يفشلون – أو ببساطة يرفضون- التطلع إلى ما هو أبعد من الدورة الانتخابية الحالية، كما أنه لا يمكننا الاعتماد على الأنظمة الدكتاتوري­ة في العالم لتوضيح ذلك الأمر. ومن أجل التعبير عن ذلك الاختلاف والتميز قمت بتطوير مؤشر إحصائي مركب للجمعية الخيرية التعليمية التي أترأسها »مؤسسة ويك آب« وأطلقت على المؤشر اسم مؤشر ويك آب لسنة 2050. إن ما يميز هذا المؤشر عن مؤشرات مثل مؤشر التنافسية العالمية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي هو أن مؤشر ويك آب لسنة 2050 ينظر إلى ما هو أبعد من الإحصائيات التي تغطي الأداء الماضي والحالي من أجل اكتشاف أي أدلة عن العبء المستقبلي للبلدان والإنتاجية المحتملة لأصولها الرئيسية وخاصة مواطنيها. تحتل سويسرا صدارة المؤشر كأفضل بلد غربي من حيث الجاهزية للتعامل مع التوجهات والقوى المعروفة التي تشكل القرن الواحد والعشرين، فالشعبويون في البلاد يركزون على قضية واحدة وهي الهجرة ولا يحظون بالتأييد الكافي لدخول الحكومة. إن الـتأييد المحدود الذي حصل عليه حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف ظهر فقط بعد أن وصل عدد المهاجرين المولودين في الخارج إلى ربع الشعب السويسري وهو حوالي ضعف المستوى في الولايات المتحدة الأميركية أو المملكة المتحدة. نظرا لسمعة سويسرا كدولة غنية وتتمتع بمستويات مرتفعة من التعليم بالإضافة إلى الابتكار والمرونة والصلابة، فربما لم يكن من المفاجئ هذا النجاح طبقا للمؤشر، ولكن مع مستويات أجور تعتبر من أكثر الأجور ارتفاعا في العالم، ومع حقيقة أن 19% من الناتج المحلي الإجمالي يأتي من التصنيع »مقارنة بنسبة 12% في الولايات المتحدة الأميركية و10% في المملكة المتحدة«، كان من المفترض ولو نظريا أن تكون سويسرا ضعيفة جدا في مواجهة المنافسة الصينية والأتمتة التي تدمر الوظائف، ولكن سويسرا تمكنت بشكل عام من التغلب على تلك التحديات. لكن هذا لا ينطبق على إيطاليا، فعلى الرغم من أن قطاع التصنيع فيها يمثل نسبة أقل من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بسويسرا 15-% على وجه التحديد- فلقد عانت بشكل أكبر من المنافسة الصينية. إن السبب هو بسيط، فإيطاليا تنتج بضائع أقل تعقيدا وابتكارا. إن هذا يعكس خطأ كبيرا ترتكبه إيطاليا وفرنسا، حيث تنفقان بشكل مفرط على الرواتب التقاعدية لموظفي الحكومة، وذلك من أجل كسب رضا الناخبين على المدى القصير، وهذا حد بشكل كبير من قدرة الحكومتين على الاستثمار في التعليم والبحث العلمي. أما في فرنسا فمسألة الانفتاح هي القضية التي تشكل أساس المعركة الانتخابية القادمة، فلوبين مثل ترمب والمؤيدين للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، تدعي أن الانفتاح هو كارثي ولكن المنافسين الرئيسيين للوبين – الوسطي المستقل إيمانويل ماركون والجمهوري من يمين الوسط فرانسوا فيلون – يدعوان لمزيد من الانفتاح وحرية الأسواق. إن الذي سيفوز لن يحدد مسار فرنسا فحسب، بل أوروبا بأكملها، وسويسرا تشعر بقلق كبير بسبب ذلك. رئيس تحرير إيكونوميست السابق نقلا عن موقع بروجيكت سندكيت

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia